Author

الطفرة الاقتصادية وأسس النمو الحقيقية

|
<a href="mailto:[email protected] ">[email protected] </a> دائما نتحدث عن الطفرة أو الطفرات الاقتصادية, والاقتصاد الوطني مر بطفرة سابقة خلال بداية الثمانينيات الميلادية شملت كل أجزاء هذا الوطن وقطاعاته, وأسهمت في بناء البنية الأساسية وقتها بصورة كبيرة لا مجال لتفصيلها هنا, وحققت أيضا ثروات هائلة للقطاع الخاص شركات وأفرادا, واستمرت هذه الطفرة ما يقارب العقد من السنوات, وأسس هذه الطفرة المستويات العالية من الإيرادات النفطية, في ظل بلاد شاسعة المساحات ولم يملك البنية الأساسية الكافية, وعدد سكان أقل يقارب الاثني عشر مليونا أو أقل, هذه الطفرة في عهد الملك المغفور له إن شاء الله الملك فهد بن عبد العزيز, أسست الدولة السعودية الحديثة على أعلى المستويات حين نتحدث عن الانتقال من مرحلة إلى مرحلة, ثم مرت السنوات وساد انخفاض الأسعار للنفط والأزمات في المنطقة من الحرب الإيرانية العراقية ثم حرب الكويت, هاتان الأزمتان السياسيتان استنزفتا المملكة الكثير من المليارات بالدولار الأمريكي وانقلب الحال من دائن إلى مدين, واستمر النمو الاقتصادي أضعف من فترة الطفرة وهذا منطقي تماما, ودخلنا مرحلة العجز في الميزانية وتزايد الدين العام للدولة لكي يصبح مساويا أو يزيد على الناتج القومي, ثم تصاعدت أسعار النفط منذ بداية عام 2000 الميلادية وحتى الآن بوتيرة متصاعدة لأسباب اقتصادية ونمو عالمي وتعثرات سياسية في دول منتجة أساسية كالعراق ونيجيريا وفنزويلا فترات متقطعة, وانخفاض الإنتاج النفطي لبعض الدول وتزايد القدرة للمملكة, وهذا عزز الثقة بقدرة المملكة على مواجهة الحاجة الدولية سواء للظرف الاقتصادي أو السياسي, ووصل سعر النفط إلى ما يزيد على 70 دولارا (لا يعني أنها بقيمة 70 دولارا قبل عشر أو خمس عشرة سنة) ويتذبذب من بداية العام ما بين الستين وما يزيد على سبعين دولارا, والآن جاء الحديث عن طفرة اقتصادية أخرى (وهي حقيقة) لأن الطفرات الاقتصادية والتي تعني بتصوري, هي النمو الاقتصادي الشامل لأغلب القطاعات في الاقتصاد الوطني من خلال دخل حقيقي للدولة وليس التزامات مستقبلية تصبح عبئا إضافيا, وهذا يعني حراكا اقتصاديا شاملا للشركات والقطاعات والمواد داخل الدولة وتزايد الدخل للفرد والشركات خلال ذلك, وهو ما يحدث الآن, ولكن سبقه سوق الأسهم بالطفرة بعيدا عن يستحق أو لا يستحق من أسعار, ووصل إلى ما وصل إليه من خلال قوة "الكاش" وتضيق فرص استثمار الأموال. سؤالي هو الآن, هل يجب أن يتطور وينمو اقتصادنا وبلادنا "بطفرات اقتصادية" فقط, بمعنى أدق, هل النمو لدينا يرتبط فقط بتحقق إيرادات استثنائية من خلال النفط فقط وغير ذلك يتم لا شيء؟ وهل نحن عاجزون فعلا عن تحقيق النمو والإصلاح في اقتصادنا وبنيتنا الشاملة إلا بطفرة اقتصادية تأتي من أسعار نفط فقط؟ أعتقد أن من الخطأ الفادح أن ننتظر لتحقق النمو الاقتصادي الذي يعني قوة هذا الوطن ومواطنيه, أن يكون رهينة طفرة لأسعار النفط هي متذبذبة وغير ثابتة, نحن بذلك نكون "رهائن" حقيقة لهذا النفط ومتغيراته السعرية. لنوسع الصورة أكثر, ماذا لو حدثت أزمة في الخليج العربي من إيران أو غيرها وهنا لا أتحدث عن غد أو بعد شهر أتحدث عن السنوات القادمة, مثلا توقف تصدير النفط أو تعثر لأي سبب سياسي مستقبلي في منطقة ملتهبة, ماذا سيكون البديل لدينا؟ إذا هو اختناق وخنق حقيقي سيأتي لنا عاجلا أو آجلا, والظرف السياسي والمستقبلي حتى في ظروف السلام, هو اتجاه لاستقرار أسعار النفط, في ظل نمو سكاني ومتطلبات لدينا هي الأعلى عالميا فكل زيادة في الدخل يقابلها تزايد في المستهلكين والمتطلبات, إذا ما الخيارات البديلة؟ في تقديري, يجب ألا نكون رهينة لطفرة أسعار النفط والفترة الحالية يجب أن "نشد الحزام" واستثمار الأموال وحتى آخر ريال للمستقبل ليس باحتياطيات ولا أن يكون تحقق النمو الاقتصادي من خلال تزايد أسعار النفط, بل باستثمارات خارجية وداخلية لتكوين قوة مالية استثمارية سعودية مؤثرة على مستوى العالم من خلال الأموال الحالية التي تتحقق, يجب أن نبحث وأكرر نبحث ونصر على خلق مصادر دخل صلبة ومتينة من الداخل والخارج, إن خلق مصادر دخل من الداخل وجذب الأموال الخارجية هما الخيارات الأولى المهمة, والاستفادة من قوة القطاع الخاص التي لم تستغل وهي قوة الاقتصاد التي تخلق الفرص للوظائف ومصدر دخل للدولة من خلال ضريبة أو تراخيص أو رسوم, ولدينا مصادر نمو اقتصادية كبيرة وواسعة ولكن ما زالت معطلة أو غير مفعلة, ولكن لا أفهم هذا التقاعس والخمول وعدم الاستفادة , وكأن الوضع لدينا سيظل مئات السنوات لدينا, بنفط يرتفع ولا ينضب, أتمنى وأطالب أن نلغي فكرة نفط يرتفع ولا ينضب , بل نريد أن نرى الصورة هي, نفط ينخفض وسينضب, ولكن لا أرى استراتيجية تعالج هذه الإشكالية الحساسة والمهمة, وحقيقة هي تحد مستقبلي يحتاج إلى هيئة خاصة مستقلة لديها من الصلاحيات ما لا توقفها وزارة ولا أي جهة حكومية وتعنى "هيئة تنمية الإيرادات غير النفطية" هذه أمنيتي وتحد مستقبلي مهم يجب أن نعمل على أسسه.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها