هل يتنازلون ...... لا أعتقد !
<a href="mailto:[email protected]">hnc@hnccom.com</a>
تقوم فلسفة تكوين الشركات المساهمة على مبادئ أساسية من ضمنها جمع أموال العامة، الذين قد لا يكون لديهم الوقت أو القدرة، واستثمارها في مشاريع ذات مناشط اقتصادية متعددة، لغرض تكوين عوائد استثمارية سواءً رأسمالية أو تدفق ربحي مستمر، تكون في جلها رافداً لدخلهم الأساسي، كما تقوم الشركات المساهمة أيضاً على مبدأ آخر يكمن في فصل الملكية عن الإدارة، بحيث تتحول الشركة المساهمة إلى نظام مؤسساتي يقل فيه تأثير القرارات الفردية سواءً من الملاك أو المديرين.
كما تقوم الشركات المساهمة أيضاً على نظام شركات دقيق ومفصل، يحدد فيه مسؤولية من له علاقة باتخاذ القرارات، وكذلك نظام رقابي مالي وإداري محكم سواء داخلياً أو خارجياً، بهذه الأسس وغيرها وفي توافر نموذج أعمال ناجحة تتمكن الشركات المساهمة في بناء صروح اقتصادية عملاقة تفيد الوطن والمواطن معاً.
وبسقوط أي منها أو عدم اكتمال بعضها قد لا تستطيع الشركات المساهمة تحقيق جل أهدافها، فإما أن تصبح جزءأً لا يتجزأ من أعمال المالك أو الملاك الأساسيين أو تكثر وتنمو العمليات ذات العلاقة، أو أن الشركة مع الأسف الشديد تستخدم لإثراء البعض على حساب الأغلبية وذلك عن طريق التلاعب في أسعار أسهمها.
ولقد أدرك المشرعون في الأسواق العالمية المتطورة أهمية إصدار القوانين التي تساعد المخلصين على بناء صروح اقتصادية عملاقة، وكذا معاقبة من أراد أن يكون شركة مساهمة ويستخدمها كمطية لمصالحه الخاصة.
فعلى سبيل المثال، ومنذ عام 1933م وهيئة سوق الأوراق المالية الأمريكية تصدر القوانين الضامنة لنجاح الشركات المساهمة واستفادة المجتمع بكامله من هذه الآلية الممتازة للنماء الاقتصادي، كما أن هذه القوانين يتم تعديلها تبعاً، وذلك لسد الثغرات التي يمكن من خلالها التلاعب بأموال المجتمع، ولقد كان آخر التعديلات قانون حوكمة الشركات عام 2002 م والمشهور بـ (سوربنز أوكسلي) والذي كانت ولادته بعد حادثة انهيار شركة إنرون العملاقة، فلقد فند القانون مسؤولية جميع الأطراف من ملاك حاليين ومرتقبين ومديرين وموظفين ومحاسبين ومراجعين وغيرهم بشكل تفصيلي. كما حدد العقوبات الجنائية والمدنية على المخالفين.
كل هذا يطلب منا استعجال الجهات الحكومية المعنية لدينا أن يرى نظام الشركات النور بأسرع وقت ممكن. ولقد بذلت هيئة سوق المال مشكورة جهداً مميزاً في إصدار لائحة حوكمة الشركات، لعل تطبيق تفاصيلها يكون سريعاً.
ومع ذلك مازلت أعتقد أن الأنظمة والقوانين وحدها لا تكفي إذا لم تتغير جذرياً بيئة ممارسة الأعمال، حيث مازال هناك ملاك لن يتنازلوا عن أدوارهم في الشركات التي طرحوها للاكتتاب العام، ولن يتغيروا أو يغيروا نمطهم إلا بمرور أجيال، وعندما يدركون أن من مصلحتهم المباشرة فصل الملكية عن الإدارة والله اعلم.