مؤتمر البترو دولار وحماية مصالحنا

<a href="mailto:[email protected]">Fax4035314@hotmail.com</a>

في المؤتمر الأخير لدول G8 الذي عقد في مدينة سانت بيترسبيرج في روسيا, الذي تناول قضايا كثيرة سياسية من كوريا الشمالية إلى منطقة الشرق الأوسط, لكن المهم هنا هو المؤتمر الآخر "غير المعلن" الذي يعقد للدول نفسها, وبالتنسيق مع الدول الصناعية الأخرى الصاعدة كالهند والصين, ويسمى "بترو دولار" وهذا يقصد به, هي كيفية استرداد الفوائض المالية في ميزان المدفوعات للدول المنتجة للنفط التي حققت إيرادات كبيرة وضخمة "في رؤية هذه الدول" من خلال النفط الذي يباع الآن في الأسواق بأسعار عالية لا تقل عن 70 دولارا. هذه الدول الصناعية وأسميها G10 بعد إضافة الصين والهند وحتى البرازيل الأكثر نموا, تبحث كيفية استرداد هذه الأموال التي لدى الدول النفطية, بما يعني أنه بحث آلية سواء كانت اقتصادية قانونية أو حتى سياسية غير قانونية لكي يمكن من خلاله إعادة هذه الأموال الفائضة والعالية لدى دول النفط, ونحن منها وأهم هذه الدول النفطية سواء في الإنتاج الذي يقارب عشرة ملايين برميل, أو الاحتياطي الذي يفوق 265 مليار برميل. هذا يعني أننا أمام تحديات كبيرة اقتصادية وسياسية, ولعلكم تذكرون خلال حرب الخليج الثانية وغزو العراق الكويت عام 1990, أن تغير الفوائض المالية لدى الكويت من 100 مليار دولار فوائض واستثمارات إلى دولة مدينة تماما, والمملكة خسرت أيضا ما يقارب المبلغ نفسه ودول الخليج بشكل أو بآخر, فما تم ادخاره في الثمانينيات تم استنزافه في التسعينيات, ونحن أمام تاريخ يعيد نفسه بسيناريو جديد, الآن سددت الديون خلال فترة التسعينيات, وبدأنا كاقتصاد نخرج من عنق الزجاجة من ثلاث سنوات, ونحتاج إلى ما لا يقل عن خمس سنوات تقريبا لكي تتكون لدينا مدخرات مالية ضخمة يسيل لها لعاب الدول الصناعية الكبرى وعلى رأسها بالطبع الولايات المتحدة, يجب أن نقر ونعرف وندرك أن الأطماع في دول الخليج وفينا نحن في المملكة العربية السعودية لن ينتهي ما ظل هنا ذهب أسود وغاز لؤلؤي (الغاز), الولايات المتحدة لم تذهب إلى الصومال وحين ذهبت غادرت في ليلة ظلماء, لم تذهب إلى تشاد وزائير وكينيا, هي أتت لأسوأ الأجواء مناخا صحراء وقفار, ولكن هو ما تحت الأرض.
نحن أمام تحديات هائلة وكبيرة, والدول الصناعية لن تسمح بشكل أو بآخر أن تتيح لكل هذه المدخرات المالية لكي نبني بها وطننا وننمي أجيالنا ونحمي مستقبلنا, هذا قدرنا وهذه نعمة رب العباد أن أنعم على هذه البلاد بهذه الثروة لكي تعيش منها وتقدم الخير لأبنائها ولكل أبناء الأمة الإسلامية وغيرها. إن المطامع الأساسية لكل ما تقوم به الولايات المتحدة هي اقتصادية, فلا مقصد ديمقراطي ولا إرهاب ولا شرق أوسط جديد, كنت أتمنى أن أسمع عن وسط إفريقي جديد, والحرب لا تقوم من أجل أهداف سياسية خالصة من غير هدف اقتصادي حقيقي, ونرى ماذا تؤسس الولايات المتحدة في أفغانستان والقرب من الصين, والعراق لكبح إيران والقرب من منابع النفط, وتركيا والقرب الأوروبي, والآن لبنان وكسر شوكة أي قوة تظهر تفسد ما تخطط له, وهذه تحديات ليس بالسهولة طرحها في مقالة هنا, ولكن أود التركيز على حجم المخاطر وما يحاك وهو لا يغيب في كل الأحوال عن أصحاب القرار السياسي, ولكن أطرح الحلول هنا أمام هذه المتغيرات والتحديات الخطيرة مستقبلا, وما خفي كأن أكبر من مخاطر متوقعة.
الحلول في تقديري, هي أن هذه الدول لا توجد لها مصالح مباشرة اقتصادية هنا, فلو وجدت المصالح الثابتة والمؤسسة هنا, فإن هذه الشركات العالمية العملاقة والمصالح ستكون محل اهتمام وإعادة حسابات لهم, الآن "أرامكو" و"سابك" وكثير من الشركات الكبرى هي سعودية خالصة, ولكن أرى أنه كان لا بد من شراكة أجنبية مهمة, لكي تكون المخاطر أقل, ويرعون مصالحهم أكثر مما هو الآن, يجب أن نشجع كل الاستثمارات للدول الكبرى وغيرها بأسلوب الشراكة, فلا نكون ملاكا 100 في المائة , حتى تتوزع المخاطر, أخرجنا كل ما هو أجنبي, لأن حدوث أي إشكالية فيعني أن نتحمل كل الخطورة 100 في المائة. الشيء الآخر, أن نستثمر أموالنا الفائضة بالاستثمار في الخارج وليس كل الفوائض, حتى يمكن لنا أن نملك ورقة مهمة لاستخدامها وسيلة للضغط في الوقت المناسب, وأن نستثمر الفوائض أيضا في داخل بلادنا, ونحن نعرف قدراتنا, لكن ببناء الوطن والفرد معا, أمامنا تحديات كبرى مستقبلية, ولدينا أموال يجب أن تستثمر في هذا العصر الذهبي لها, لحماية الوطن ومكتسباته ضد أي جهة خارجة, وهذه هي التحديات الحقيقية مستقبلا, والأجيال المقبلة لن ترحمنا على أي تقصير متى ما أخفقنا في صيانة مكتسباتها وحقوقها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي