عوامل نجاح الحاضنة - (4)
<a href="mailto:[email protected]">naila@sma.org.sa</a>
في المقالات السابقة تم عرض لتعريف وأنواع ودور حاضنات المشاريع الصغيرة، ولا شك أن المشاريع الصغيرة والمتوسطة تستطيع أن تقيم توازناً اقتصادياً واجتماعياً أكثر وضوحاً، وذلك بسبب قدرتها العالية على الانتشار الجغرافي والتوسع داخل المجتمعات في أطراف المدن والقرى، على عكس المشاريع الكبيرة التي غالباً ما تتمركز في المدن الكبيرة. ذلك أن انتشار المشاريع الصغيرة والمتوسطة في المناطق الريفية والبلدان الصغيرة من شأنه أن يساعد على خلق فرص ومعارف ومهارات لأفراد المجتمع المحلي الذي تقيم فيه، ورفع مستوى المعيشة بشكل عام. فإن المشروع الصغير يتيح فرصة اقتصادية جيدة لم تكن موجودة من قبل بالنسبة لكثير من النشء والمجموعات ذات الدخل المنخفض والأقليات. كما أن وجود هذه المشاريع في المناطق النائية يسهم في تلبية طلبات المستهلكين من ذوي الدخل المنخفض من السلع والخدمات البسيطة ومنخفضة التكلفة. وتلعب المشاريع الصغيرة والمتوسطة دوراً مهماً كذلك في تقليل مخاطر وعواقب الهجرة من المناطق الأقل نمواً إلى المناطق الأكثر نمواً في الدولة نفسها. بل إن هذه المشاريع ربما تعتبر أداة فعّالة في تحقيق نوع من الهجرة العكسية الهادفة إلى تحقيق التنمية المتوازنة. كذلك تعتبر المشاريع الصغيرة والمتوسطة بمثابة معامل وورش عمل لتدريب وإعداد الكوادر البشرية في جميع التخصصات.
ولا شك أن حاضنات الأعمال في المدن الكبرى تتصف بمواصفات أخرى تختلف عن الحاضنات في المناطق الريفية، حيث تتسم معظم حاضنات الأعمال في المدن أنها حاضنات التكنولوجيا أو تستخدم التكنولوجيا بكثرة.
من هنا نجد أن آليات عمل حاضنات الأعمال وخاصة حاضنات التكنولوجيا تأتي في مقدمة الحلول العملية التي قامت العديد من الدول الصناعية المتقدمة بتوظيفها لإنشاء وتشغيل المشاريع الصغيرة.
ومن أنجح التجارب العالمية في تطبيق آليات عمل الحاضنات هي فرنسا التي بها أكثر من 200 حاضنة، والصين التي نجحت في إقامة 465 حاضنة جميعها تقريباً حاضنات تكنولوجية، ما حقق للصين المركز الثاني في العالم في عدد الحاضنات بعد الولايات المتحدة، ووصل عدد الشركات التي أقيمت فيها إلى 20.796 من الشركات التي تنتج منتجات عالية التكنولوجيا، يعمل بهذه الشركات نحو 2.51 مليون شخص، في الغالبية ذوي مؤهلات عالية. وبلغ مجموع دخل هذه الشركات نحو 115 مليار دولار أمريكي.
تتفق الدراسات التي أجريت لتقييم عدد من برامج حاضنات المشاريع الصغيرة في مختلف دول العالم على تحديد عوامل نجاح الحاضنات في العوامل الآتية:
السياسات العامة للدولة لدعم الحاضنات.
إمكانية الحصول على التمويل والدعم المالي.
كفاءة مدير الحاضنة وارتباطه بالأعمال في الحاضنة. وإدارة الحاضنة بشكل محترف.
ترابط الحاضنة مع المجتمع المحيط وانتقاء واستمرارية فرص الأعمال.
الإمكانيات المتوافرة في الحاضنة والموقع، وخلق بيئة أعمال مناسبة داخل الحاضنة.
وضع أسس لشبكة من الخبرة والمعرفة حول الحاضنة من شبكات الأعمال.
ارتباط الحاضنات ومشروعاتها بالشركات الكبيرة.
معايير دخول المشاريع وخروجها.
المتابعة الجيدة للمشاريع.
خلق صور ذهنية للنجاح ووجود علاقات جيدة بالصحافة.
وبناء على مدى توافر هذه العناصر وجودة وكفاءة تقديمها بالحاضنات المختلفة، تظهر أفضل الممارسات لإنشاء حاضنة أعمال للمشاريع الصغيرة في المواصفات المكانية التالية:
المساحة:
مساحة الحاضنة تراوح بين 12 و30 ألف متر مربع حتى يمكن أن تولد عوائد من الإيجارات تسمح بأن تعتمد الحاضنات على عوائدها الذاتية مالياً، ويمكن لها الاستدامة. وبلغ متوسط مساحتها القابلة للتأجير لأصحاب المشروعات نحو خمسة آلاف متر مربع، بينما يبلغ متوسط عدد المشاريع التي تلتحق بالحاضنة الواحدة نحو 10- 20 مشروعاً ملتحقة حتى يمكن إقامة شبكة من الأنشطة وتبادل الأعمال، ويمكن تنمية عدد من الخدمات المشتركة ودعم عملياتها.
الموقع:
تقع الحاضنة التكنولوجية بجوار جامعة أو مركز بحث علمي ومعامل بحوث ومكتبات علمية جامعية، كذلك يجب أن توجد على مقربة من المعامل الحكومية أو معامل الشركات الكبيرة والمتخصصة.
يجب أن تقع الحاضنة في مبان ذات مواصفات قياسية محددة وخاصة في مجال الاتصالات والبنية الأساسية الخاصة بها لتسهيل الاتصال بين الشركات المختلفة. بينما تتوزع الحاضنات للمشاريع الصغيرة في مختلف أنحاء الدولة من مدن وقرى وريف سواء كانت مشاريع حرف يدوية أو خدمات متخصصة.