Author

سعودية تنتحر بسبب الفقر؟!

|
<a href="mailto:[email protected]">[email protected]</a> قصة ليست جديدة، ولا مغيبة عن الإعلام، فقد طرحت صحيفة "الحياة" خلال الأسبوعين الماضيين قضية المرأة السعودية التي تعيش في الجنوب من هذا الوطن وعلى وجه الدقة في "محايل عسير"، هذه المرأة "انتحرت" ليس بسبب خلاف عائلي أو أجبرت على ما تكره، لكن لسبب واحد وهو "الفقر"، لأنها فقيرة ولا تستطيع أن تجابه هذه الحياة وهي عاجزة الحيلة، فلا عمل ولا عائل لها، امرأة سعودية تنتحر بسبب الفقر والديون والحاجة؟!، قضية مؤلمة جدا، أن يوجد ذلك في مجتمع مسلم يفترض التكافل هو السمة الراسخة لديه، أسأل الله لها العفو والرحمة منه سبحانه، قضية تبكي حقيقة، لا أتصور أن يأتي يوم ويحدث ذلك في مجتمع مسلم وخاصة مجتمعنا، الذي يوجد لديه جمعيات خيرية بلا حدود، ووصل عددها للمئات، وأيضا جهود أفراد واجتهادات شخصية لعمل الخير، ولكن كل هذه الجمعيات والخطب الرنانة في كل مكان ومحفل عن الفقر، ولكن لا يصل شيء للفقراء حقيقة، يصل ما يتم التبرع به، ولكن هل وصلنا إلى الجميع، هناك في شمال المملكة وعلى سواحل البحر الأحمر، واطلعت على ذلك شخصيا برحلة خاصة، وجدت في القرى والهجر والصحراء، فقراء معدمين تماما، وأسرد لكم قصة وقعت لي شخصيا وأمامي، كنت بسيارتي برفقة والدي ـ حفظه الله ـ ووقفنا أمام هذا الإنسان البسيط أمام أطفاله تحت شجرة، تطفلت وسألت هذا الرجل لماذا أولادك هنا؟ لماذا لا يذهبون للمدرسة ؟ وكأنني أفترض حالة مثالية، ولكن فوجئت برده لي، أنا أعيش تحت هذه الشجرة وهذا بيتي الخيمة المجاورة، ولا أملك قيمة "بنزين" السيارة للذهاب للمدينة القريبة من هنا، وهؤلاء أولادي لا يملكون إلا ما يلبسون فقط، شاهدت فقرا حقيقيا قاتلا، فقرا مريرا، وهؤلاء أبناء وطننا، أين الجمعيات؟ أين التبرعات؟ أين رجال الأعمال ومن يوصل أموالهم لهؤلاء الفقراء، هذا الفقير المعدم هو وأسرته والكثير بلا حدود رأيتهم، ماذا نتوقع أن يكون مستقبلهم ومستقبل أبنائهم، هؤلاء بمنطقة الشمال الغربي، وهناك بالجنوب والوسط والشرق وكل مكان، لنكون أكثر وضوحا، أين تكافلنا الاجتماعي الحقيقي، الإسلام شدد على أداء الزكاة، وشدد على الصدقة وشدد على المسلم أخ المسلم، فالزكاة هي تطهير للنفس البشرية من رذيلة الشح والبخل والطمع، ومن المعروف أن النفس البشرية دائما تحب المال، وفي هذا قال الله تعالى في سورة آل عمران"زيّن للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث، ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب " ويقول الله سبحانه وتعالى: "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها" وعن الإمام علي كرَّم الله وجهه: (إن الله فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بالقدر الَّذي يسع فقراءهم، ولن يُجْهَدَ الفقراء إذا جاعوا أو عَرُوا إلا بما يصنع أغنياؤهم، ألا وإن الله يحاسبهم حساباً شديداً ويعذِّبهم عذاباً أليماً). هنا أقول أحمل المسؤولية الجميع، هناك رجال أعمال يدفعون الأموال، شركات ومؤسسات وأفراد، هناك مصلحة الزكاة والدخل لديها جباية سنوية بمئات الملايين، الدولة تدعم مكافحة الفقر وتم إنشاء صندوق ولا أعرف ماذا حصل له وأين وقف؟؟ والدولة قدمت تبرعا سخيا بمقدار مليار دولار أمريكي قبل أيام لمكافحة الفقر في العالم الإسلامي، وهي لن تبخل على فقراء هذا الوطن بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، حفظه الله، إذا القضية هي استراتيجية معالجة الفقر، من يقوم على إدارة معالجة الفقر، هي من يخطط لمعالجة الفقر لدينا، المشكلة لدينا في القدرات التي تقوم على معالجة الفقر، أعرف أن رجال أعمال كثيرين لديهم المال للزكاة أو التبرع ولكن أين تذهب، والجمعيات رأينا كثيرا منها حدث بها بعض الخلل والاختلاسات، نريد من وزارة الشؤون الاجتماعية أن تكون أكثر قدرة وإثباتا حقيقيا لمعالجة الفقر، وأن تكون الحلول ليست بتقديم الأموال واستهلاكها، بل العمل أكبر من ذلك بكثير، خاصة للقادرين على العمل، يجب أن نرى فعلا حقيقيا من الوزارة وجهدا لا ينقطع، ما الذي يمنع أن ترسل الوزارة للشركات والمؤسسات والموسرين لطلب الزكاة بطريقة تجذبهم وتذكرهم وتحفزهم، ما الذي يمنع الوزارة أن ترسل لهؤلاء القادرين لدعم مشروع خيري طبي أو مدرسي أو كفالة أيتام أو غيره، مشكلة الوزارة أنها جامدة بمكانها، وتنتظر الأموال، لماذا لا تمارس الإقراض للمشاريع الصغيرة وكسب صنعه للقادرين، وأركز هنا على المناطق الأشد فقرا بكل أنحاء المملكة ولا أستثني أي منطقة أو قرية وهجرة، هم أبناء هذا الوطن كبيرهم وصغيرهم ونساؤهم قبل رجالهم . العمل كبير ومهم وخطير، لا عذر أنه لا توجد أموال بل توجد الأموال من الشركات والمؤسسات والأفراد وأيضا الدولة التي لن تبخل على أبناء هذا الوطن، لكن السؤال الأهم والأكبر كيف وصول هذه الأموال لكل الفقراء في هذا الوطن؟!
إنشرها