فرد أغلى من حكومة وشعب

<a href="mailto:[email protected]">imbadawood@yahoo.com</a>

يقوم العدو الإسرائيلي بحملة إبادة جديدة منذ أسبوعين يحاصر من خلالها شعبا أعزل يلقي عليه في كل يوم مئات القذائف ليهدم بنيته التحتية الضعيفة في الأصل ويلغي إمدادات مقومات الحياة الرئيسية من ماء وكهرباء وغاز ويجعل أكثر من مليون ونصف المليون من السكان يعيشون وسط ظلام دامس، كما يواصل إرهابه بقصف أماكن مدنية وترويع السكان بأصوات الطائرات التي تحلق فوق رؤوسهم وتخترق حاجز الصوت ليل نهار، ليس هذا فقط بل يقوم العدو بانتهاك كل المبادئ والأنظمة العالمية وإلقاء القبض على نصف وزراء الحكومة الفلسطينية وسجنهم تمهيداً لمحاكمتهم، كما قام بتدمير مبنى رئيس الحكومة بالصواريخ وتفجير مبنى وزارة الداخلية ولاحق أعضاء الكتائب، وأعلن أن لا أحد سيكون في مأمن من القتل مهما كان منصبه، ويتواصل هذا التصعيد في ظل سياسة التجويع والحصار التي انتهجها العدو منذ تسلم الحكومة الجديدة مهامها وأيده في سعيه بعض القوى العظمى فحرموا الشعب منذ خمسة أشهر من الرواتب ومنعوا أي معونة تصل إليهم وها هم يحاصرون مدينة غزة ويقصفونها بأكثر من 500 قذيفة خلال يومين فقط ويصدرون الأوامر والتعليمات للجنود المدججين بالسلاح بالقضاء على كل ما يتحرك واستخدام كل وسائل الردع ولكن لماذا كل هذا؟
لماذا كل هذا التصعيد هل ضربت كتائب المجاهدين تل أبيب؟، أم هل تم اغتيال رئيس الوزراء أولمرت؟ أم هل تم تفجير إحدى المنشآت وقتل الآلاف من اليهود الغاصبين؟، لماذا يحشد العدو الإسرائيلي آلاف الجنود ليهاجم شعبا أعزل بريئا؟ إنه من أجل فرد واحد ، فرد يعمل كحارس ليس كخبير أو عالم في الأسلحة النووية بل جندي حارس لم يتجاوز عمره 19 عاما مدجج بالسلاح كان يحرس على الحدود ، من أجل هذا الجندي تدمر بنى تحتية وتهدم بيوت ويتساقط شهداء وتسجن حكومة ويهدد باغتيال رئيسها وتسفك الدماء الفلسطينية البريئة يوما بعد يوم، في عملية مستمرة على مرأى ومسمع العالم أجمع علماً بأن العملية لم تكن اختطافا لمدني من بين أهله وأسرته بل لجندي مقاتل أسر في موقعة قتال .

أيعقل أن تعلو قيمة الفرد اليهودي لتصبح أغلى من قيمة شعب أو حكومة بأكملها؟، أيعقل أن يتم تعظيم هذا الإرهاب فيسمى دفاعاً عن النفس يسمح لصاحبه أن يستخدم كل الوسائل والأسلحة التي يراها مناسبة، لماذا قيمة اليهودي دائما تفوق قيمة أي فرد آخر هل هو شخص غير عادي؟ هل هو معجزة؟ ، لماذا يحدث هذا كله ليهودي أسر في حرب ولا يحدث الشيء مثله للآلاف من الأطفال والنساء اللاتي يخطفن من بيوتهن وهن حوامل ويودعن في السجون في ظروف بشعة وقاسية؟ لماذا لا يحدث هذا للفتيان الذين تكسر أيديهم وأرجلهم ويقتلون بالرصاص كل يوم؟ .

إنه زمن اختلاف المعايير وانتكاس الفطرة وانعدام الأحاسيس، زمن التصريحات الأمريكية النشاز التي تتكرر لتقول (من حق إسرائيل أن تدافع عن نفسها) كما تعلق وزيرة الخارجية على حادث الأسر قائلة (إنه تصرف لا يمكن التساهل معه في النظام الدولي) ويصرح المسؤول الأعلى لسياسة الاتحاد الأوروبي قائلاً (نتفهم تماما أن يكون الجميع في شدة العصبية).

سيكتب التاريخ هذه التصريحات والأقوال والأفعال والمواقف وسيبكي أحفادنا وهم يقرؤون صمت الحكومات العربية على هذه الإبادة والتهجير والاستيطان والتدمير للشعب الفلسطيني، بل وفتحهم السفارات والأبواب للعدو واستقباله وسيلعنون الديموقراطية الأمريكية التي ضحت الإدارة الأمريكية بأبناء شعبها وأنفقت مليارات الدولارات لنشرها في العالم العربي، حتى إذا ما جاءت هذه الديموقراطية ضد أهوائهم انقلبوا عليها وأنكروها.

كابوس مزعج ومؤلم عاشه آباؤنا منذ أكثر من 50 عاماً ونعيشه نحن يوماً بعد يوم ليزيد ألمنا ألما وقهرنا قهرا، ويتجدد الحل كل يوم بأن الله لن يغير حالنا حتى نغير ما بأنفسنا، وحتى نعيد بناء شخصيتنا كأفراد وكشعوب عربية وإسلامية تقوم ببناء نفسها بنفسها وتتضامن مع بعضها، ولا تلجأ للشرق أو للغرب ترتجي منهم الخلاص فهم سبب البلاء وبأوامرهم تتم هذه المجازر، عندها سيتغير الحال وعندها ستصبح للفرد منا قيمة أعلى وأغلى من قيمة أي فرد آخر لا لشيء إلا لأننا كسبنا قوتنا من صاحب القوة والجبروت رب العالمين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي