تحسين ظروف عمل العمالة الأجنبية في البحرين

<a href="mailto:[email protected]">jasim.husain@gmail.com</a>

ترغب وزارة العمل في البحرين في تنفيذ إجراءات من شأنها تحسين ظروف العمل بالنسبة إلى العمال الأجانب على وجه الخصوص. تشمل الخطوات المقترحة وقف العمل في قطاع الإنشاء أثناء ذروة الحر في فصل الصيف وإلزام الشركات بتوفير حافلات مظللة لنقل العمال, إضافة إلى استصدار قرار يقضي بتحويل الرواتب عبر المصارف. وتأمل وزارة العمل في الحصول على دعم مجلس الوزراء بخصوص مقترحي وقف العمل وتوفير حافلات مظللة.
في المقابل أبدت بعض أطراف القطاع الخاص امتعاضها من المقترحات بحجة أنها ستزيد من رسوم التشغيل, وبالتالي فرص تحقيق ربحية مناسبة.
تستهدف مشروعات القوانين العمالة الأجنبية في القطاع الخاص, التي بدورها تشكل الأغلبية المطلقة. استنادا إلى الإحصاءات الرسمية, شكل العمال الأجانب تحديدا 76 في المائة من العمال في القطاع الخاص في البحرين في نهاية عام 2005.

وقف العمل لمدة 4 ساعات
يهدف المقترح إلى وقف العمل في الشركات العاملة في قطاع الإنشاء ما بين منتصف النهار حتى الرابعة عصرا لغرض حماية العمال من حرارة الشمس التي يشتد لهيبها أثناء هذه الفترة. المقترح يخص شهري تموز (يوليو) وآب (أغسطس) اللذين يشتهران بارتفاع درجة الحرارة عند الظهيرة. في المقابل, يرى بعض مؤسسات القطاع أن انقطاع العمل فترة طويلة نسبيا سيعرض مشاريعها لاحتمال الخسارة المالية. لكن يتوقع أن تتمكن شركات المقاولات من إعادة ترتيب أوقات العمل لديها بشرط أن تبدأ العمل مبكرا أثناء فصل الصيف, الذي يمتاز بطول نهاره.

توفير حافلات مظللة
يلزم المقترح الآخر أصحاب المقاولات الإنشائية بضرورة توفير حافلات مظللة عند نقل العمال من وإلى أماكن عملهم. وعلى هذا الأساس فإن المطلوب من الشركات توفير حافلات مظللة وليست مكيفة بالضرورة عند نقل العمال. وهذا يعني أن المقترح لا يختص فقط بفصل الصيف, بل سيتم تطبيقه على مدار السنة في حال إقراره من قبل الحكومة. في المقابل هناك معارضة من قطاع المقاولات بحجة أن توفير حافلات مظللة سعة 15 راكبا ستكلف نحو 123 مليون دولار, وترتفع التكلفة إلى 262 مليون دولار في حال توفير حافلات سعة 21 راكبا.

تحويل الرواتب عبر المصارف
إضافة إلى ذلك, قررت وزارة العمل تنفيذ القرار الوزاري رقم 4 لعام 2006 القاضي بإلزام الشركات التي يعمل لديها عشرة عمال فأكثر بتحويل رواتب عمالهم عبر المصارف المنتشرة في البحرين. وجاء تحرك الوزارة على خلفية تكرار الشكاوى المقدمة من العمال بعدم حصولهم على رواتبهم بانتظام. تمنح قوانين العمل المعمول بها في البحرين للعمال الأجانب خيار تغيير صاحب العمل في حال عدم حصولهم على رواتبهم لمدة ثلاثة أشهر متتالية. يبقى أن الشائع في أوساط العمالة الأجنبية هو التردد في الذهاب لوزارة العمل لتقديم الشكاوى خوفا من البطش المحتمل لأرباب الأعمال.
يهدف القرار إلى حث مؤسسات القطاع الخاص للوفاء بدفع الأجور بانتظام على أقل تقدير, كما سيسهم تطبيق القانون في حصول وزارة العمل على معلومات حيوية تساعدها على حل الشكاوى العمالية التي تقدم ضد أصحاب الأعمال المتأخرين في دفع الأجور. كما تأمل الوزارة في الحصول على معلومات حيوية إضافية مثل الوقوف على النسب الفعلية للعمالة المحلية في هذه الشركات.
في المقابل يرى بعض الجهات المدافعة عن حقوق الشارع التجاري أن القانون الجديد غير واقعي بزعم أن غالبية العمال الأجانب لا يعرفون كيفية التعامل مع متطلبات المصارف حيث إنهم لا يجيدون التعامل باللغتين العربية والإنجليزية. أيضا يشدد هؤلاء على أن العمال الأجانب سيتعرضون إلى الخسائر المالية لأن المصارف ستفرض عليهم رسوما في حال عدم تمكنهم من الاحتفاظ بالرصيد المطلوب. ومرد ذلك أن السواد الأعظم من العمال الأجانب يقومون بتحويل أجورهم إلى أحبتهم في أوطانهم. ويرى المدافعون عن حقوق التجار أن العملية برمتها قد تشل من انسياب الحركة في المصارف الأمر الذي يلحق ضررا بآخرين هم أكثر حاجة إلى الخدمات المصرفية.
لا شك في أن العمال الذين لا يحصلون على رواتبهم في الأوقات المحددة لن يقفوا مكتوفي الأيدي, بل في المقابل يقوم البعض منهم بأعمال انتقامية من الشركات التي يعملون لديها مثل السرقة والتحايل في أداء المهام المنوطة بهم وسوء معاملة الزبائن. وفي المحصلة تكون المؤسسات التجارية هي الخاسر الأكبر.
ما يقوله أصحاب الأعمال صحيح ولا غبار عليه. لكن نسي هؤلاء أن البحرين شأنها شأن باقي دول مجلس التعاون تتعرض لضغوط دولية تدعو إلى تحسين ظروف العمل للعمالة الأجنبية. بالنسبة إلى الحكومة من شأن التعديلات تعزيز مكانة البحرين في الأوساط الدولية وعلى الخصوص منظمة العمل الدولية. كما أن هذه التعديلات تتماشى وروح اتفاقية التجارة المبرمة بين البحرين والولايات المتحدة. أيضا هناك نوع من التعاطف الشعبي مع المقترحات لأنها في نهاية المطاف تعمل على تحسين ظروف العمل في القطاع الخاص. ومن المنتظر أن تشهد الأيام والأسابيع المقبلة المزيد من السجال بين المؤيدين والمعارضين لمشروعات القوانين المثيرة للجدل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي