ذكريات ومذكرات وعبر هادفة سطرها اللواء جميل الميمان
عمل الخير مهما كان نوعه محبب لكل إنسان مستقيم يحب لغيره ما يحب لنفسه، ويشده كل ما يرى فيه نفعا لنفسه ولغيره من الناس، أقول هذا التمهيد المقتضب لأتحدث بإيجاز عن ما رأيت فيه فائدة لي ولغيري إذ بالصدفة كنت في مجلس عامر بإخوة أعزاء فلـفت نظري كتـاب بعنـــوان (ذكريات ومذكرات وعبر هادفة)، بقلم اللواء جميل محمد الميمان (يرحمه الله)، فتصفحته وقرأت بعض الفقرات التي شدت انتباهي، وجعلتني أحرص على الحصول على نسخة منه، ولما كان هذا الكتاب بأجزائه الثلاثة لا يباع وإنما كتب عليه (وقف لله تعالى)، فقد تكلمت مع الزميل اللواء إبراهيم بن علي الميمان عضو مجلس الشورى حول إمكانية الحصول على نسخة منه فأبدى استعداده ـ مشكوراـ لإحضار الجزءين الأول والثاني، وقد فعل - جزاه الله خيرا، وبقراءة الجزء الأول أعجبت بما احتواه من ذكريات وتجارب عملية في مجال الضبط والتحقيق والملاحقة والقبض فضلاً عما دونه من عبر للمعتبرين، وذلك من خلال ما اكتسبه من خبرة في مجال عمله في الأمن العام ولعل آخرها مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وهذا ما دعاني لإرسال خطاب لأبنائه الأعزاء فريد وإخوانه بتاريخ 23/5/1427هـ الموافق 19/6/2006م، ذكرت لهم فيه انطباعي عن ما قرأته فيما سطره والدهم - يرحمه الله - من ذكريات ومذكرات وعبر هادفة، وأنها مهمة ومفيدة في التحقيق والمتابعة والإشراف والضبط والقبض، مما جعلني أعرف الكاتب حق المعرفة من خلال قراءة ما سطره، وإن لم يكن لي سابق معرفة به قبل ذلك، وإنما أسمع عنه السمعة الحسنة أثناء عمله، وأكدت على أن ما كتب يعد تجربه وخبرة عملية يستفيد منها المختصون في التحقيق والعاملون في مجال الإجراءات الجزائية بل وفي أعمال الخير من تلك العبر التي ساقها. وقد قيل لي إن هناك جزءا ثالثا في الطبع، ولا شك أن حرص اللواء جميل يرحمه الله على الاستفادة مما كتبه جعله ينوه عن توزيعه بدون قيمة باعتباره يقصد بذلك وجه الله بالخير لكي يقتنيه كل راغب في الاستفادة، وأبناؤه من بعده سيكونون حرصاء على توزيعه مجانا للفائدة على من يتوخون فيه الرغبة الأكيدة في القراءة والاستفادة، وهذا ما أدركته من تجاوبهم مع رسالتي عندما اتصل بي ابنه فريد بالهاتف مبديا تقديره لما كتبته وزودني ببعض النسخ منها الجزء الثالث لكي أقوم بتوزيعها على من أرى أنه مهتم بالاستفادة من هذا الكتاب من ذوي الاختصاص وغيرهم.
والكتاب بأجزائه الثلاثة يشتمل على السيرة الذاتية للكاتب في طفولته وذكرياته العلمية والعملية منذ أن بدأ عمله ملازما ومديراً للضبط الجنائي، ومديرا لشرطة الدمام بالمنطقة الشرقية وغير ذلك من الوظائف العسكرية في مجال الأمن إلى أن وصل لأعلى الرتب العسكرية وآخرها مدير عام الإدارة العامة لمكافحة المخدرات. ولا شك أن شخصا شغل هذه الوظائف أو المراكز المهمة قد أدى مهام متعددة ومتنوعة وظهر له من خلالها عبر ذات أهمية لكل معتبر حرص على كتابتها للاعتبار والاتعاظ، وتجنب الوقوع في أي منها، ولذا أجده في الجزء الثالث يكرر عبارة (... وما أكثر العبر وأقل الاعتبار) في نهاية كل (ذكرى وعبرة) أو (ذكرى مؤلمة) أو (ذكرى مؤسفة) وغير ذلك من العبارات التي تشد انتباه القارئ، كان يستهل الذكرى والعبرة بعبارة (الظلم ظلمات يوم القيامة...)، ويورد آيات قرآنية وأحاديث نبوية وحكما ومآثر يستدل بها أو يسترشد بها أو يعزز بها ما يكتبه من وقائع دامية فيقول: (إن الظلم والطغيان وإهانة الرجال يحمل البعض على ارتكاب جرائم القتل والانتقام بدون وعي.... إلخ) ص (69) من الجزء الأول. فضلاً عن ذلك فهو يبين ملاحقة المتهمين والقبض عليهم والتحقيق معهم في حالات متعددة يستفيد من ذلك كل قارئ من ذوي الاختصاص في عمله، سواء في هيئة التحقيق والادعاء العام وهيئة الرقابة والتحقيق أو الجهات الأمنية من شرطة وغيرها من الجهات المختصة بالضبط القضائي والجنائي والإداري، باعتبار ما ذكر يعد قبيل الخبرة العملية التي يستفاد منها كسوابق تبين أسلوب التحري والضبط أو القبض والتحقيق، ومن ثم الانتهاء إلى ما يتم التوصل إليه من إطلاق سراح المتهم أو توجيه الاتهام بلائحة ادعاء على من تتوافر الأدلة أو القرائن تجاهه ليقدم إلى المحاكمة.
إن ما كتب في هذه الذكريات والمذكرات والعبر في الأجزاء الثلاثة يُعد عملا قصد به كاتبه - يرحمه الله - الفائدة لكل من يقرأه. وهو عمل خيري مفيد يعد بمثابة الذكر الحسن له، وأن من يقرأه سوف يدعو لكاتبه بالمغفرة والرحمة والجزاء على ما فعل، وبقدر حرص أبنائه على توزيع هذا الكتاب فإنه بمثابة الذكر الحسن لوالدهم يرحمه الله وهو ما قصده - يرحمه الله - من كتابة عبارة (وقف لله تعالى) قبل وفاته يريد بذلك الذكر الحسن حسب قول الشاعر:
فابن لنفسك قبل موتك ذكرها × فالذكر للإنسان عمر ثانٍ
باعتباري اهتم بكل ما يفيد وينفع الناس لكون هذا يعد من الشأن العام الذي يحقق المصلحة والفائدة فقد رأيت الكتابة عن انطباعي الخاص عما قرأته في الأجزاء الثلاثة مبينا ما اعتقد أن فيه فائدة لكل قارئ، والله من وراء القصد، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.