قراءة في ميزانية البحرين لعامي 2007 و2008
<a href="mailto:[email protected]">jasim.husain@gmail.com</a>
تتميز البحرين عن باقي شقيقاتها الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي بإعدادها ميزانية سنتين ماليتين متتاليتين. أحالت الحكومة حديثا ميزانية العامين 2007 و2008 إلى البرلمان من أجل مناقشته وإقراره. توفر عملية نشر ميزانية سنتين ماليتين العديد من الفوائد للجهات ذات العلاقة وفي مقدمتها معرفة التوجهات المالية للحكومة لفترة غير قصيرة. لا شك في أن هذا التوجه يخدم عدة أطراف من بينها شركات المقاولات والبناء الراغبة في المنافسة للحصول على مصروفات المشاريع الإنشائية للقطاع العام. من جهة أخرى, هناك سلبيات لا يمكن التغاضي فيما يخص سياسة إقرار ميزانية سنتين ماليتين. يرتبط الأمر بتطورات أسعار النفط وذلك بسبب الأهمية النسبية الكبيرة للدخل النفطي في إيرادات الخزانة.
الإيرادات
حسب الأرقام المنشورة, تقدر الحكومة الإيرادات عام 2007 تحديدا 1450 مليون دينار (أي 3836 مليون دولار أمريكي). يزيد هذا الرقم نحو 14 في المائة على الإحصاءات المقدرة لعام 2006. لكن يتوقع أن يرتفع الدخل الفعلي في نهاية المطاف, وذلك على خلفية تطورات أسعار النفط.
حقيقة تتبع البحرين سياسة مالية محافظة حيث تتبنى رقما متدنيا نسبيا بالنسبة إلى الإيرادات. فقد تم اعتماد الميزانية على أساس سعر قدره 40 دولارا للبرميل. لا شك في أن هذا السعر يعد متدنيا قياسا بالأسعار السائدة في الأسواق الدولية في الوقت الحاضر. أما بخصوص عام 2008, فقد ارتأت الحكومة أن يقل الدخل بنحو 2 في المائة, ربما بسبب صعوبة التكهن بأسعار النفط.
يشكل الدخل النفطي نحو ثلاثة أرباع إيرادات الخزانة العامة. تحصل البحرين على إيراداتها النفطية من ثلاثة مصادر, هي حسب الأهمية النسبية كل من حقل أبو سعفة (المشترك مع المملكة العربية السعودية) وحقل عوالي (المحلي) وأخيرا مبيعات الغاز.
إضافة إلى ذلك, هناك الإيرادات غير النفطية التي تأتي عن طريق الضرائب المفروضة على التجارة الدولية, خصوصا الواردات, الرسوم على الخدمات الحكومية, مبيعات المنتجات الخدمية والسلعية الحكومية مثل الكهرباء, عوائد الاستثمارات والأملاك الحكومية, فضلا عن الغرامات والجزاءات, إضافة إلى المعونة المقدمة من الدول الشقيقة في مجلس التعاون.
المصروفات
تقدر مصروفات السنة المالية 2007 تحديدا 1880 مليون دينار (4974 مليون دولار). لا تتوافر حتى هذه اللحظة المزيد من التفاصيل عن النسب المخصصة لكل من المصروفات المتكررة والمشاريع أو الإنشائية. حتى الماضي القريب, كان يتم تخصيص ثلاثة أرباع المبلغ لخانة المصروفات المتكررة لتغطية أمور مثل رواتب وأجور موظفي الدوائر الرسمية. أما بخصوص عام 2008, فتتوقع الحكومة أن تزيد المصروفات بنسبة 1 في المائة.
يبقى أنه تقليديا يتم تسجيل تراجع في المصروفات الفعلية. على سبيل المثال حدث تراجع قدره 12 في المائة في المصروفات الفعلية لعام 2005 مقارنة بتلك المعتمدة. بمعنى آخر, تقلل الحكومة الإيرادات ولكنها تضخم المصروفات المعتمدة. أما النتيجة فخلاف ذلك, حيث يتم تسجيل زيادة في الدخل مقابل تراجع في الصرف.
العجز المتوقع
نظرا لزيادة المصروفات على الإيرادات المعتمدة, تم اعتماد عجز قدره 439 مليون دينار (1161 مليون دولار) عام 2007 على أن يزيد العجز بنسبة 7 في المائة عام 2008. من جهة أخرى, يتوقع ألا يتم تسجيل عجز حقيقي وذلك بسبب ثنائي تقليل الإيرادات زائدا تضخيم المصروفات. فقد نجحت الحكومة في القضاء على العجز المالي لكل من السنتين الماليتين 2005 و2004 بل تم تسجيل فائض فعلي.
نتائج عام 2005
فضلا عن الأرقام المقدرة كشفت الحكومة عن جانب من الأرقام الفعلية لميزانية عام 2005. باختصار ارتفعت الإيرادات وقلت المصروفات, الأمر الذي أسهم في تحويل العجز المتوقع إلى فائض. فقد ارتفعت الإيرادات بنحو الثلث إلى 1671 مليون دينار (4420 مليون دولار) بسبب نمو الدخل النفطي. فقد ارتفع الدخل النفطي بواقع 42 في المائة مشكلا 76 في المائة من مجموع الإيرادات. في المقابل افترضت الميزانية المعتمدة أن يمثل الدخل النفطي 71 في المائة من الإيرادات.
وأكدت الإحصاءات الحقيقية للعام الماضي أن القطاع النفطي يلعب دورا محوريا في الاقتصاد البحريني. المشهور أن الاقتصاد البحريني أقل اعتمادا على القطاع النفطي مقارنة بالدول الأخرى الأعضاء في مجلس التعاون, لكن هذا الأمر مرتبط بإسهام القطاع النفطي في الناتج المحلي الإجمالي. يشكل النفط الخام والغاز نحو 16 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي وذلك بالنظر إلى الأهمية النسبية المرتفعة لبعض الأنشطة الأخرى, خصوصا قطاع الخدمات المالية.
من جهة أخرى, تدنت المصروفات الفعلية بنسبة 12 في المائة إلى 1289 مليون دولار (3410 ملايين دولار). يتمثل التفسير التقليدي لهذا التراجع في تأخير تنفيذ بعض المشاريع المقترحة حتى يتسنى الحصول على عروض أفضل ما يعني أن الأمر مرتبط بحسن استخدام المال العام.
يبدو لنا أن النتائج النهائية للسنتين الماليتين 2007 و2008 ستكون تكرارا لنتائج عام 2005 من حيث المضمون, أي نمو الإيرادات مقابل تراجع المصروفات ومن ثم تحويل العجز المتوقع إلى فائض.