نحن لا نقرأ لأننا نفكر بـ "عقل واحد"!

<a href="mailto:[email protected]">ammarba@yahoo.com</a>

في الأسبوع الماضي كتبت عن الصعوبات التي يواجهها قطاع النشر في العالم العربي مقارنة بالغرب، إلا أن ردود الفعل التي وصلتني والتي ظهرت على المواقع التي نقلت المقال ركزت جميعها على مشكلة واحدة: العرب لا يقرؤون..!
تتعدد الأسباب التي يذكرها الناس لهذه الظاهرة الغريبة التي يعاني منها العرب، والذين كانوا يوما رواد الحضارة وانتهوا ليكونوا في الحضيض من حيث القراءة وربما معظم أشكال الثقافة الأخرى.
في رأيي الشخصي، نحن لا نقرأ ليس لأننا جهلة أو متخلفون أو لأن التلفزيون يسيطر علينا أو لأنه ليس لدينا حرية أو مثقفون, بل لسبب جوهري هو طبيعتنا الخاصة التي تجعلنا نفكر بـ "عقل جماعي" Collectivist ونرفض أن يكون للأفراد اهتماماتهم الخاصة بهم, والتي تختلف عن الاهتمامات الجماعية.
في مجالسنا العربية نناقش القضايا نفسها، غالبا سياسية، بصوت جماعي واحد، لا تعجبنا كثيرا الآراء المعارضة، وأكثر من ذلك نرفض الاهتمامات "الغريبة"، فلو فتح أحدهم حديثا عن السنغال أو عن روائي لاتيني أو عن قضية بيئية فالآخر سيكون مثارا للضحك لو استمع له أحد.
في كل مرة نكتب عن قضية اجتماعية أو ثقافية على موقع "العربية نت" يأتينا في التعليقات من يكتب: "ما هذه القضايا التافهة؟"، "لماذا لا تكتبون عن العراق أو فلسطين؟" رغم أن هناك عددا كبيرا من القراء ورغم أننا نكتب عن العراق ما فيه الكفاية، ولكنه الرفض التقليدي لكل ما يخالف التوجه الجماعي والاهتمامات الجماعية.
إذا كانت هناك قضايا محددة يسمح لنا المجتمع ويشجعنا على التفكير فيها، فلماذا نقرأ إذا كان الرأي سنسمعه في المجالس وعلى التلفزيون ونقرأه في الصحف؟ لماذا نقرأ إذا كنا سنبدو "سخفاء" أمام المجتمع بسبب اهتمامنا بقضايا مختلفة أو بسبب رغبتنا في التعمق في قضية ما؟
نحن نعاني من كثير من القيود، ولكن القيد الأكبر قيد اجتماعي نخلقه لأنفسنا, فتزداد القيود ويصبح تحديها محصورا في "نخبة" من الذين لا يسايرون الوضع الاجتماعي السائد.
لقد استطاع المجتمع الغربي أن ينمي في الناس "الاهتمام الفردي" فصار الناس يقبلون على الكتاب والمجلة المتخصصة والقناة الخاصة، بينما ربى مجتمعنا في الناس "العقل الجماعي" فصرنا نقرأ ما يدخل في الاهتمام العام فقط كما حصل لكتاب "بنات الرياض"، وهناك دراسات غربية وآسيوية متعددة حول هذه الظاهرة وسأتعرض لها في مقال لاحق.
القراءة هدفها البحث عن الحقيقة وعن المعلومة الخاصة وعن العمق، وأمة لا تهتم بذلك لن تقرأ!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي