وكالتان مساعدتان لتطبيق أصعب الأنظمة العقارية
<a href="mailto:[email protected]">yafarraj@hotmail.com</a>
من العناصر المهمة لضبط السوق العقارية وتطويرها العمل على تحسين وترقية هيكلية الجهات المنوط بها تقديم الخدمات العقارية: توثيقا وترخيصا وتنظيما ومراقبة, الأمر الذي يكفل إلى حد كبير تطبيق الأنظمة العقارية بكفاءة عالية, والتي - أي الأنظمة العقارية ـ تعتبر بدورها العنصر الأهم في هذه العملية.
تختلف توجهات الدول في هيكلة المؤسسات والجهات المنوط بها التنظيم والإشراف العقاري, ففي حين أسندت بعض الدول ذلك إلى جهة واحدة, قد تكون وزارة كوزارة العدل أو وزارة البلديات أو حتى وزارة المالية, وقد تكون هيئة عامة أو مجلسا أعلى ويجعل لهما من الأذرعة الإدارية والتنفيذية ما يكفل قيامهما بمهامهما, إلا أن بعض الدول اتجهت إلى منهج آخر يتمحور حول توزيع الإشراف على الأعمال العقارية "التنظيمية والتوثيقية والإشرافية" إلى أكثر من جهة, وفي الغالب أنها تنحصر في جهتين, الأولى: الجهة المختصة بالجوانب الفنية "كالبلديات في بعض الدول", والثانية: وزارة العدل فيما يتعلق بالجوانب التوثيقية, ويكون ذلك من خلال إدارات متخصصة في كلتا الجهتين.
ولا شك أن لكل اتجاه إيجابياته وسلبياته حسب طبيعة كل بلد, ومنهجه في الإدارة والتنظيم, وتفاوت حجم العقارات فيه وأسلوب التملكات وأسبابها, فتوحيد الجهة المشرفة يحقق الكثير من الضبط في العمل, ويقلل من هامش الاختلاف المفترض في حال تعدد الجهات المشرفة, ويوجب الكثير من التناغم في العمل, إلا أن من سلبيات ذلك الحاجة إلى إحداث جهات مستقلة- في الغالب - للقيام بهذا العمل والذي يتطلب رصد ميزانيات وتوفير كفاءات, كما أنه يساعد على الترهل في الهياكل الإدارية, ويمنع من الاستفادة من الخبرات المتراكمة في الجهات المعنية, ولا يخفى ما في هذه السلبيات من هدر اقتصادي, وبالمقارنة العكسية يظهر التقييم العام للاتجاه الآخر.
وقد اختارت السعودية المنهج الثاني وهو توزيع الإشراف العقاري إلى جهتين, الأولى: وزارة العدل فيما يتعلق بالجوانب التوثيقية, ومن أهم أعمالها إثبات حجج الاستحكام في المحاكم والمنح في كتابات العدل, والثانية: وزارة الشؤون البلدية والقروية فيما يتعلق بالجوانب الفنية, وقد كان هناك حديث حول هذا المنهج ومدى الحاجة إلى تغييره لا سيما بعد صدور نظام التسجيل العيني للعقار, والذي سيؤدي إلى إعادة تسجيل كل العقارات حسب أحكام هذا النظام, ويسبق ذلك الكثير من الأعمال الفنية, ومن أهمها: إنتاج الخرائط الأساسية الطبوغرافية.
ولكن ما صدر أخيرا من مجلس الوزراء السعودي يؤكد على المحافظة على المنهج المعمول به, وجاء ذلك بناء على الاقتراح المرفوع من اللجنة الوزارية للتنظيم الإداري والمعنية بدراسة الهياكل الإدارية للجهات الحكومية, حيث قرر المجلس إنشاء وكالة وزارة مساعدة للمساحة والأراضي في وزارة الشؤون البلدية والقروية ترتبط بوزارة تخطيط المدن, وتختص بحصر الوحدات العقارية، والقيام بالأعمال المساحية، وإعداد الخرائط اللازمة وتحديثها، وتنفيذ نظم معلومات الأراضي, كما قرر المجلس إنشاء وكالة وزارة مساعدة للتسجيل العيني للعقارفي وزارة العدل ترتبط بوكالة الوزارة, تختص بقيد وتوثيق الحقوق المتعلقة بالوحدات العقارية.
وفي الحقيقة قد يكون هذا المنهج في الإشراف العقاري له ما يبرره لا سيما مع كثرة المجالس العليا في المملكة و تأخر بعضها عن أداء عملها بالكفاءة المطلوبة, مما حدا باللجنة الوزارية إلى التقليص منها قدر الإمكان وتفعيل الجهات المعنية الموجودة في تطبيق الأنظمة.
ويبقى أن المهم في هذا الإطار مهما كان المنهج المختار هو الجدية والحزم والأمانة في تنظيم وتوثيق العقار.
قاض في وزارة العدل