غسل الأموال بالعقار
<a href="mailto:[email protected]">yafarraj@hotmail.com</a>
العنوان غريب ومثير والحديث في هذا الإطار حساس ولكن لا بد منه، لأمرين لكشف تحايل البعض وتحذير بعض الغافلين من هذه التحايلات، فالسوق العقارية بتعدد آليات الاستثمار فيها هي أرضية صالحة لغسل الأموال، وقد يكون من أسباب ذلك ضخامة الأموال المدورة فيها وهو ما يستهدفه غاسلوا الأموال، ولا يعني هذا بالطبع التقرير بحصول ذلك في السوق العقارية السعودية أو غيرها بل غاية ما تهدف إليه هذه المقالة التثقيف والتحذير من ذلك.
جريمة غسل الأموال أو تبييضها كما يعبر أحيانا من الجرائم المنظمة، وهي تستدعي تضافر عدد من الأطراف لحصول هذه الجريمة، ومن أبسط التعاريف لها: أنها إضفاء الشرعية على الأموال غير المشروعة، فالأمر يبدأ من توافر أموال غير مشروعة بأيدي البعض بسبب نشاطات محرمة كبيع المخدرات – مثلا - وليس لديه من النشاطات المشروعة ما يقنع الجهات المختصة بتوافر المبالغ عن طريقها، وبالتالي فهو بحاجة إلى إضفاء الشرعية على هذه الأموال غير المشروعة ، وذلك بتدويرها في نشاطات يصعب الرقابة عليها بسبب تعدد أطرافها مثلا ، بحيث يكون الناتج من هذه العملية أموال معلومة المصدر ومشروعة، ولا بد من العلم أن غاسل المال يقنع بالتنازل عن مبالغ كبيرة من أجل بقاء بعضها مغسولا "مشروعا".
ومن أشكال غسل الأموال المفترضة في السوق العقارية وفقا لما سبق الإشارة إليه، قيام البعض بشراء عقار بمبلغ ضخم جدا من الأموال الآيلة من تعاملات غير مشروعة " قذرة" لأجل أن يرجع ويبيع العقار بالقيمة الحقيقية له وهي أقل ولكن تسجل في سجلاته على أنها مقابل بيع العقار وهو عمل مشروع، ومن ذلك أيضا فتح مساهمة عقارية ودعوة الناس للمساهمة فيها، ثم بعد فترة وجيزة أو طويلة يتم توزيع أرباح طائلة بادعاء بيع المخطط المطور على أحد المستثمرين – وهو بالطبع من المتواطئين مع الغاسل – وبهذا يتم تصريف أموال كبيرة عن طريق هذا البيع.
يلزمني التأكيد على أنه ليس كل من قام بمثل هذين النشاطين فهو من غاسلي الأموال، أبدا، فهناك الكثير من المستثمرين الصادقين ولا غبار على نشاطاتهم، وأموالهم نقية ونظيفة، بل وبعضهم وللأسف يكون هو نفسه عرضة لمثل هذه الحيل.
تظهر أهمية الحديث حول هذا الموضوع إضافة للتثقيف العام إلى أن الأنظمة التي تكافح غسل الأموال توجب التحري من قبل الجهات المصرفية والأفراد للحذر من الوقوع كأداة في غسل الأموال، بل ذهبت إلى أبعد من هذا - وهنا الخطورة - حيث اعتبرت أن التفريط في التحقق من الأموال ومصادرها – وفقا للمعايير والمؤشرات المحددة في الأنظمة - بالنسبة للبعض كموظفي البنوك موجب للمساءلة بل والمؤاخذة والشك بالتواطؤ مع الغاسل، قليل من الحذر يدفع كثيرا من الضرر.