صِـدْنا بْسِـنْفْ
<a href="mailto:[email protected]">abubeid@binzagr.com.sa</a>
دور الإعلام إنمائياً توجيهي رائد ومعرفيا حديث وتثقيفي مُنفتح، لمجالات توسيع المدارك وبلورة وتطوير مفهوم توجهات فلسفة الاقتصاد السياسي التنموي السعودي، بحيوية تفوق فوائد تعميمية وانتشاره بين الخاصة والعامة والحكوميين، لإبراز جهود الدولة في دعم مساعي الحكومة ووضع سياسة اقتصادية وطنية تعكس الفكر الاقتصادي السياسي المرسوم وتطابقه مع طموحات ورغبات شرائح المجتمع المختلفة، واحتياجات المناطق النائية وإيضاح طرق وأساليب ووسائل تنفيذ برامج تنمية المناطق النائية تزامناً مع المدن، من منطلقات التكامل والترابط والتكافل لتحركات القطاعات التجارية والاقتصادية والمالية والبشرية في الاتجاهين الرئيسيين من داخل منطقتيه، وتوفير مظلة حكومية من الرقابة الإشرافية والمتابعة والتقييم والتوجيه للمطالب الإنمائية، مرافقة لتوفير المعلومة الإنمائية الاقتصادية من تجارة واستثمار وصناعة وزراعة للمواطن والمناطق النائية وخاصة الفقيرة، بهدف يقوِّض كثيرا من معطلات الأداء ويثري الجهود لتسلسل الإنجازات ضمن المحاور الموضوعة والجداول الزمنية المقدرة والرقي بفكر المجتمع والاهتمام بالادخار والعمل المنتج والتدريب وزيادة المعرفة وتحسين مستويات المعيشة في المناطق النائية والفقيرة داخل المدن وانخراطهم في العمل والتدريب والمعرفة والاطمئنان لتوفر الخدمات الإنسانية والصحية والتعليمية والتدريبية والاجتماعية بدلاً من الخمول والبطالة والعطالة والاستهلاك التبذيري قتلاً للفراغ.
الصحافة المحلية خلال النصف الأخير من القرن العشرين تطوَّرت كثيراً وغطَّت إعلامياً الجوانب الاقتصادية الاجتماعية بمعالجات سريعة وتحقيقات "خنفشارية" الفائدة، لمناطق نائية للنواقص والاحتياجات، بأقلام محررين يفتقدون التخصص في اقتصاديات التنمية، دون استقطاب أصحاب التجارب والخبرة لمواجهة تحدي أمور التنمية والمقارنة بين المعلن من أفكار ومشاريع وتنفيذ الخطط الموضوعة وتأثيرها في المجتمعات النائية والفقر والبطالة وإيضاح الناقص وتحديد المطلوب لزيادة الدخل القومي وتنوعه عن طريق تنمية اجتماعية اقتصادية لمناطق نائية وفقيرة، وتشغيلهم في مشاريع على هوى احتياجاتنا أكثر من غربية وبرؤوس أموال وطنية وخبرة أجنبية متطورة لاحتياجاتنا ضمن مناخ استثماري تنموي كامل التجهيزات ولشتى الاحتياجات.
التنمية نجاحها يرتبط بمعرفة أهدافها والفائدة للمواطن ودورها الشمولي في التعامل مع معطياتها والمساندة الإعلامية الثقافية التنموية المحلية لمعرفة وإيضاح نواقصها. صحافة المؤسسات فردية في توجهاتها التحريرية على الرغم من تعدد الأقلام، وعشوائية فرز الغث من السمين وأبرز طروحاتها بعيدة عن مشاكل وهموم الاقتصاد التنموي وشجونه، ومجالس إداراتها متقوقعة لفكر زيادة الربحية وتضخيم الاعتبارات المادية التجارية فوق رسالة القلم والفكر، ومزج معلقات إنشائية تنموية مبهمة وتكلفة قليلة لتحقيق أعلى عائد لتقليد إداري عتيق في الإخراج من داخل مبان فخيمة ومعرفية حديثة ضعيفة، حتى مقارنة بمتطلبات نظام المؤسسات، وتصبح مؤسسات لطبع النقود بدلاً من دور تثقيفية إعلامية خدمية للاقتصاد الوطني لتوسيع فكره التنموي والتفاعل مع السياسة الاقتصادية لتطوير آفاقها وتحري وضعها وتنوع نشاطاتها وقربها من القدرات والإمكانات المتوافرة لنماء الاقتصاد وزيادة تشغيل العاملين وإيجاد فرص عمل متزايدة واستثمارات متنوعة.
الصحافة المحلية تغفل أهمية دورها في تفعيل تنمية اقتصادية اجتماعية متكاملة جغرافياً واجتماعياً ومعرفياً، وترفع مستويات وعي المواطنين والمناطق الفقيرة إلى مستويات حياة المدن بعد أن توفر المؤسسات الصحافية الكفاءات والخبرات والعمل الصحافي المتخصص، المترفع عن "حشو الكلام" ومعالجات آنية خالية من الإبداع والفكر المقارن والاقتراحات الهادفة التي لا تدعمها المعرفة الفاهمة والمتفهمة لفلسفة الدولة لمعالم الاقتصاد السياسي السعودي وسياسة الحكومة الاقتصادية لتقريب المناطق النائية لاقتصاديات المدن ومدى تنفيذ مخططات التنمية الاقتصادية الاجتماعية لتنويع الدخول الوطنية وزيادتها عن طريق فتح مجالات عمل وفرص استثمارية ونشاطات مختلفة, مثل الطرق والمواصلات والزراعة والخدمية، وتوفير المعرفية والتقانة للعاطلين والفقراء وتوسيع العمل وزيادة المنفعة والثراء لطبقات المجتمع المختلفة.
نظام المؤسسات الصحافية المحلية، أعطى الاقتصاد الوطني ومسيرة التنمية نقلة نوعية مؤقتة عند صدوره قبل نصف قرن، وتحوَّلت صحف المؤسسات من مجرَّد ناقل للمعلومات ومحتكر للأفكار وعاجز عن خدمة مسيرة التنمية لترقى من مكونات حياة الأفراد في المدن والقرى النائية. أولويات دور الإعلام السعودي تقوية مسيرة التنمية ودعم برامجها لحمل الرسالة التنموية كما أوضح معالمها خادم الحرمين الشريفين. استمرار بقاء نظام المؤسسات على ما هو عليه وقبول محدودية عطاء الأجهزة الصحافية يفقد التنمية الاقتصادية الاجتماعية أهم مساندة وطنية فاعلة لدعمها وتقوية مسيرتها ومناقشة إنجازات الفكر الاقتصادي الاجتماعي التنموي السائد محلياً وإقليمياً ودولياً وطرح أفكار تحرُّرية متناقلة في الخبرات وتبادل التجارب. الصحافة المحلية مقيدة في دراساتها التنموية، تقليدية في أفكارها متشابهة في طروحاتها ومستوياتها. أحوالها الصحافية تكاد تكون مبتعدة عن اختراق المناطق النائية والفقيرة بحثاً عن دوائها وعلاجها من أصل المرض لإسعاد الفقير وإثراء الغني والتدرُّج في تعدد مصادر مضافة للدخل الريعي الكبير. اهتمام الصحافة المحلية لمتابعة التنمية احتكارية للقائمين عليها، المفتقدين أبجديات علوم التنمية الاقتصادية للمناطق المتخلفة اقتصادياً واجتماعياً، ودون معرفة لمسيرة مفهوم التنمية من المنظور المستهدف للفكر الاقتصادي السياسي السعودي الذي بينه وأوضحه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في مجلس الشورى يوم السبت 1/4/2006.
الصحافة المحلية تغذي كثيرا من همومها وقصور أدائها لقيود تنظيمات تكويناتها. الإصلاح لا يقتصر على البكاء لواقع النظام سواء ثبات بنوده في عالم متغير، ولا ضعف تنفيذه من المؤسسات وقصر متابعة الجهة الرسمية لمخالفات النص التقليدي للعرض الصحافي وبعده عن الدور الخدمي النافع لتقوية البنية الاقتصادية المتكاملة للبلاد. من توفير آليات وطرق ووسائل نقل إعلامية سلكية ورقمية بديلة إضافة نافعة من الاكتشافات والمخترعات والتقدم العلمي لتسخيرها في توسيع المدارك العلمية الإعلامية وانتشار المعلومة وزيادة التقانة والمعرفة. مجتمعياً تتوافر لنا قناعة أن الفضائيات الغربية والعربية متفرِّدة في السيطرة على الساحة الإعلامية السعودية، وتستحوذ على انتشار كبير ومؤثر في قطاعات المجتمع السعودي ومسيطرة على المشاهدين السعوديين، دون التوثق من صحة الفرضية، خاصة وواقع الحال خلاف المفترض لعدم توافر تغطية الفضائيات في المناطق النائية خارج المدن. وهدوء الصرح التلفازي السعودي خارج المدن يوفر الاستفادة من هذه الميزة التزاحمية لكسب سوق الإعلان التجاري بطرق ووسائل تجارية. لكن يقف في طريق نجاح تحقيقها نهجنا الاقتصادي السعودي في أن نطلب من حركة السيارات بوسائط الحيوانات بدلا من قوة المحركات. تطبيق نظام المناقصات لترتيب تجارة الإعلان التلفازي السعودي يعوق التنمية من حيث لا تدري الجهة الرسمية المالية المعنية وتتبخر فرص الاستفادة المادية التي تقع فريسة القيود المالية الجامدة في عالم متغيرات العولمة وقيدها اتفاقية التجارة الدولية وضعف البرامج الثقافية العلمية، مما يبرِّر فصل السلطوية عن التزاحمية عامة أو في المناطق النائية التي تضم ما لا يقل عن 60 في المائة من المواطنين وما لا يزيد على 20 في المائة من الدخل القومي.
المحزن المبكي لتفاوت التأثير الإعلامي التلفازي السعودي في مسيرة التنمية ليس عدم معرفة عمق انتشار تأثيره في المناطق النائية، ولكن عجزه لمتابعة ومعرفة احتياجات اقتصاديات الوطن التنموية وحقيقة أحوال فقراء المواطنين في المناطق النائية واحتياجاتهم وطرق ووسائل مساندتهم والاستفادة من السياسة الاقتصادية المبعثرة. الإعلام السعودي المقروء والمنظور من زاوية الطلب عليه جيد والمواطن ارتقى وتحسنت مداركه وتوسعت معرفته الوطنية، وأصبح قارئاً ومطلعاً لمضامينه المحلية ومشاهداً جيداً لتلفازه. والمعروض يمثل فرصاً طيبة لتحسين أحواله ضمن حريات واسعة دون مداخلة في دقائق أموره وتحت مظلة إشرافية حكومية بالقدر الذي تحمي الحريات من فوضى احتمال جهالة الأغراض ضمن قوالب ومرجعيات واضحة. الأبوة تنتهي مع البلوغ للانطلاقة المتحررة المسؤولة عن مواقفها وأعمالها. هذه اعتبارات مهمة وجديدة لخدمة مسيرة التنمية الاقتصادية الاجتماعية في المناطق النائية والمدن وللفقراء والأثرياء. الوضع الإعلامي من زاوية العرض مختلف والطلب متخلف في عطائه. المواضيع المقدمة محلياً لا ترقى لتعليم وتثقيف المواطن ولا لذوقه، ولا تدافع عن مصالحه ولا تساند الدولة لبسط فلسفتها التنموية ولا الحكومة لتعميم المعرفة بين المواطنين. الجهود المبذولة روتينياً طيبة والعمل سلطوياً والفائدة ضائعة والتركيز التنموي لمساعدة المواطن والحكومة مفقود والتكاتف لتوفير تجانس النوايا الطيبة مع الأعمال المنتجة وفق الخطط المعتمدة حتى لا يظهر وتبان وكأننا نضيع المستكة ونحافظ على الورق. الإعلام لخدمة التنمية غائب، والقناعة ضعيفة، والقائمون عليه خائفون على مصدر رزقهم من المساءلة في غياب معرفة ما لهم وما عليهم وظيفياً وفقدان فهمهم لواجباتهم. الحاجة مُلحة لإعلام أكثر فهماً للاقتصاد السياسي السعودي، وخبير متمرس لمشاركة ناقدة هادفة للسياسة الاقتصادية الاجتماعية الحكومية بثقة بالأداء وانتماء للوطن ومخافة من الله.
الإعلام المحلي رافد مفقود وعطاء مهمش وجوهرة مهمل الصقل، لتقوية ودعم مجهودات الأجهزة الحكومية والأهلية والمدنية والخاصة في مجال رفع مستويات معيشة الفقراء والطبقة المتوسطة وتنمية المناطق النائية وعشوائية المدن. التطلع لانفتاح حقيقي لإعلام فاعل مساند لازدهار اقتصادي مطلب وطني لتغير مساره التقليدي المقيد بالروتين والبعد الإبداعي. المطلوب اهتمام الإعلام بأشكاله المختلفة لمخرجات الحياة العامة وازدهار الاقتصاد والعمالة وتحسين الدخول وتوفير النماء المتوازي السوي. المزاحمة بين وسائط وسائل وطرق الإعلام الحر المتحرر أصبحت من المسلمات التي يجب أن يسير عليها الاقتصاد وفقاً للرغبات المجتمعية للاتفاقيات، خاصة بعد أن تناقلت الأخبار المحلية أن وزارة الإعلام تسعى بالتعاون مع الجهات الرسمية إلى إعادة إحياء فكرة القمر الصناعي السعودي "الذي سيخدم أغراض المملكة تحديداً، حتى يكون منصة أخرى تعطي مرونة للوصول إلى بعض المناطق التي لا يصلها البث الرقمي وزيادة البث الحالي.. وإنشاء محطات إذاعية في مختلف مناطق المملكة، كاستثمار من القطاع الخاص" و"الوزارة تهدف من خلال هذا المشروع إلى إعادة هيكلة الأجهزة الإذاعية والتلفزيونية فنياً وتنظيمياً مبيناً أن رجال الأعمال السعوديين سيجدون متنفساً إعلانياً, إضافة إلى أن الجمعيات المحلية ستستفيد من خلال نشر رسالتها التوعوية في تلك المنطقة". أنصاف الحلول لا تفيد وإقرار أولويات العمل دون تحديد الهدف ضار وتحوير المنطلقات السديدة عن الأهداف المعلنة تجسيد للسلطوية وخلط حابل حرية العمل التجاري بنابل الأطر الحاكمة وخروج عن نص تطبيق الحرية التجارية وفقدان للمراقبة الإشرافية الحكومية. طريق البناء أحادي الرؤية وتوحيد التنفيذ حكومي أو تجاري بحت حتى لا تكون النتائج "نص نص" وتحت إشراف ومراقبة حكومية وبعيداً عن فلسفة "الأباريق".
التوجه الذي أعلنته وزارة الإعلام يمثل فرصة للجهة الحكومية تطوير العمل الفني وهيكلة الأجهزة الإذاعية والتلفزيونية فنياً وتنظيمياً من منظور تطلعات وتوقعات المشاهدين الموفر لهم "المتنفس" من فضائيات إقليمية تأخذ القسم الأكبر من الإعلان التجاري السعودي، والتلفاز السعودي لا يتمتع بالقسم الأكبر من المشاهدين لأن مادته الإعلانية ضعيفة. اللافت في الحدث الذي قدمته الجهة الرسمية اهتمامها بالجوانب التجهيزية الفنية وضعف الإشارة لربط المخرجات مع الاحتياجات التنموية في المناطق النائية خلاف إشارتها عن الإعلان التجاري وبأسلوب سلطوي لا يتماشى مع فكر الاقتصاد الجديد ودون أي فكر لهموم الوطن الاجتماعية والعمالية والاقتصادية. العصر الذي نعيشه يعطي الدولة حق ومسؤولية الإشراف على الاقتصاد وتنظيم نشاطاته، ومراقبته بعيداً عن إدارته والسيطرة القابضة الخانقة عليه، ويترك لملايين المواطنين إدارته والتزاحم فيه. السلطوية في الفكر والتنفيذ تعني بقاء الكتان كما كان، سواء من تقنين فرص العمل الحر أو وضع الأطر الحكومية المقيدة للتزاحم في الإبداع وفق آلية حكومية ضابطة تستهدف كسر محدودية الدخل الوطني وتحجيم ازدهار الاقتصاد، بعيداً عن إضافات متنوعة المصادر للدخل القومي مرادفة للزيت والخير للجميع من توافر قدر كبير من الحرية ضمن النظم الموضوعة. الفكر المقدم للمشروع الإعلامي الحكومي الجديد لإدارة اقتصاديات الإعلام "لا غربية ولا شرقية بل مزاجية سلطوية" تماشيا مع فكر فيها باقي الجهات سعياً لصيانة الاقتصاد في غياب سياسة اقتصادية واضحة المعالم ومسايرة لفلسفة الاقتصاد السياسي المعلن، بما تبقي الأعمال الحرة مقيدة والمزاحمة معدومة والهوى التنموي "مكبوس" داخل برشامة عاجزة عن توفير العلاج. الاقتصاد الوطني السعودي ليس مريضا، ويوفر مؤشرات مرضية لقوته في شتَّى مجالاته لانطلاق المستويات الاجتماعية والاقتصادية، وخاصة المناطق النائية وانتعاش اقتصاديات المدن. الإحصائيات المقارنة المتوافرة من وزارتي المالية والاقتصاد الوطني لواقع "حالة" الاقتصاد الوطني السعودي تجعله يتقدَّم في قوته وقدراته على اقتصاديات كبيرة عالمية بما فيها الولايات المتحدة والصين والهند والبرازيل. وينقصه فكر تماثل آلياته الحكومية والأهلية والخاصة لفكر تطلعات ورغبات العصر الذي نعيشه، وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين في نهج فلسفة الاقتصاد السياسي السعودي المتكامل النماء والسياسة الاقتصادية التي توفر الانتعاش الاقتصادي من العطالة والبطالة ونقص الإنتاجية لما لا يقل عن 60 في المائة من الطاقة البشرية المعطلة.
والله أعلم.