الضحايا الجدد!!

<a href="mailto:[email protected]">Mosaad@al-majalla.com</a>

كنت مع صديقي الذي "انهدّ حيله"، من فرط بحثه عن الكسب الدنيوي وبما جعله تقريباً من دون حياة اجتماعية جيدة ومستقرة.هو يصغرني بسنوات قليلة، لكن هيئته وملامحه تشيران إلى أنه قد تجاوز الـ 50 عاما، وفق تجاعيد في الوجه لم تستو على امتداد واحد، وشعر رأس تفرقت منابته من فرط الهم والتفكير، وكأن هذا الرجل الذي كان إلى قبل سنوات قليلة مثالاً للشاب الوسيم الجميل الهندام، هو غير من أراه الآن... حال صاحبي الذي لم يبلغ أشده من الناحية العمرية جعلتني شديد التأمل، بما هو عليه، فمن الناحية العائلية والأسرية فهو بحال متميزة دون شكوى ولله الحمد والمنّة بوجود أطفال أسوياء صحة وتفكيراً مع زوجة محبة مخلصة، ومن الناحية المادية "اللهم لك الحمد" الخير كثير، والرزق راهي.. لكن ما الذي يحدث لصديقي؟ هو يرى أن الحياة هكذا، والشرود وكثرة الهواجس اللتان هو عليهما، من الضريبة التي يجب أن يدفعها كل من في جسده روح من بني البشر،.. لكن هيهات لم تكن تلك هي الإجابة الشافية التي علمتها وأدركتها... لأن الحقيقة تذهب إلى أن ما ابتلي به هو مع كثيرين غيره يخص طمع الدنيا، والركض المحموم خلف الأسهم وكل ما من شأنه ربح يسير، وسط القلق المسيطر الذي ينتقل ليلياً مع كل مضارب سواء كان صغيراً أو كبيراً.. وانظروا إلى ما فعلته أزمة الشهر الماضي في كثير منّا، أليس مثل ذلك دليلا كافيا على أن الثمن الحقيقي للمضاربات الأسهمية هو الصحة وتراجعها. أعود إلى صديقي، فهو منذ فُتن بسوق الأسهم وهو كالماكينة التي تعمل وفق مدخلات مقلقة وأخرى مخرجات متوترة، فهو يبدأ يومه مع إشراقة الشمس يحسب ذهنياً بما يتوقعه عن الأسهم وتبدأ اتصالاته ورسائله لقراءة التوقعات، ورصد الاحتمالات، لا يهدأ ولا يكل، وحين انطلاق إشارة بدء التداول فهو مهموم منهك، أقرب إلى الغثيان منه إلى الانبساط.. يتأمل وفق تركيز شديد مقلق، يكاد يعصف بدماغه.
لم يعد لصديقي أي وقت لمتع الدنيا، فإن أطل يوم الجمعة أدخله في حسابات التوقعات للسبت، وأن أقفل مؤشر الخميس استنفر باقي اليوم في مراجعات ذهنية لحسابات الأسبوع... هو في فلك التفكير المقلق، بمعنى آخر كالبغال أو الجمال المربوطة بالسواني وفق خط دائري لا تحيد عنه. الأكيد أن ليس صديقي وحده في هذا الشأن بل أن سوق الأسهم قد فتنت الكثير الكثير، وبما جعلهم في "غيهم التكسبي يعمهون " لتصبح كل متعهم بما يحققونه من ربح، والرابح الأكبر هم الورثة، لأن الدوامة الربحية السريعة هي نوع من القمار الذي يغشى على العيون لا تنفك في سن معينة أو حدث معين، وإن كان بطريقة نقول إنها بإذن الله حلال بلال، هذا لمن وجد ربحاً، لأن الخيبة الأكبر لمن خرج بخفي حنين، ومزيد من الديون للبنوك، مع سوء الحال وتغير الأحوال. وأقول بملء فمي : تباً لمثل هذه الحياة!!.
[email protected]

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي