يا وزارة العمل.. هجرة الأموال ليست المشكلة !!!

<p><a href="mailto:[email protected]">falkassim@yahoo.com</a></p>
تصريحات وزارة العمل تستثير الرغبة في الكتابة وتحرك القلم.. أو بالأصح لوحة المفاتيح، فتصريح المصدر المسئول أخيراً ينطبق عليه المثل المصري " اللي على رأسه بطحه يحسس عليها "، والمضحك المبكي في التصريح هو ما ذكر حول اللجنة الاستشارية المشكلة من رجال الأعمال وقد كان ذكاء الوزارة في تشكيل اللجنة لامعاً، إذ إن وجود مثل هذه اللجنة الاستشارية ولا شك يذر الرماد في عين كل مشتك من القطاع الخاص.

خروج أموال المستثمرين السعوديين للخارج ليس بدعة مستحدثة في الأعمال، ونتشرف ونعتز بكل مستثمر سعودي استطاع أن يبني مستقبلا مشرقا في أي مكان حتى لو كان على سطح القمر(يا ليت)، وكثير من المؤسسات العالمية تستمد قوتها وجبروتها من انتشارها العالمي وسيطرتها على أسواق خارج دولها الأصلية، والتوسع العالمي لأي شركة يعتبر أحد عوامل القوة، وبنداً رئيسياً من بنود خططها الاستراتيجية، وشاغلا رئيسيا للتنفيذيين فيها، لذلك أرى أن وزارة العمل يجب أن لا تعتذر أو تتنصل من تهمة تهجير الأموال إلى الخارج إذ إنها -إن صح ذلك- تدفع المستثمرين السعوديين إلى الإقليمية والعالمية غصباً عنهم وبالتالي فهو شرف لم تبحث عنه .. إن كانت قد نجحت في ذلك فعلاً.

إن مهمة الوزارة التي تصدت لها وهي القضاء على البطالة وتوظيف المواطنين شرف لها وللعاملين فيها، ولكن لا يخلو عمل من نقص، ولكن ينطبق على الوزارة المثل العربي ( لست أرى في الناس عيباً كعجز القادرين على التمام )، في كل الدول المتحضرة والمتخلفة حتى دول العالم الثاني والأول وحتى السادس يوجد فيها بطالة، وإن اختلفت نسب البطالة في هذه الدول، وجميع دول العالم أو على الأقل أكثرها ترحب بقدوم غير المواطنين (وهم من نسميهم الأجانب) للعمل متى كان ذلك العمل قانونياً ونظامياً، الأدهى والأمر من هذا أن دول العالم المتحضر مثل أمريكا وكندا ومعظم دول أوربا لا تساعد على دخول الأجانب للعمل فقط وإنما تشجع على تجنيس العناصر النافعة سواء كان هذا النفع اقتصادياً أو من ذوي الخبرات أو التخصصات النادرة، بل إن في كثير من الدول المتحضرة يتم صرف إعانات البطالة حتى للأجانب، ويحصلون على العلاج المجاني والمزايا الأخرى أسوة بالمواطنين.

لذلك فاختلافي مع الوزارة ليس في الهدف أو القصد ولكن في المنهجية، فمشكلة الوزارة في هذه المهمة الصعبة يمكن تلخيصها في نقطتين، الأولى متعلقة بالأجانب المتسيبين في البلد وما يرتبط بها من تلاعب في التأشيرات وبيعها.. إلخ، والأخرى متعلقة بتخفيض عدد البطالة.

مشكلة الأجانب المتسيبين في البلد، وهم البطالة الوافدة، مشكلة خطرها عظيم على البلد من جميع النواحي الأمنية والاجتماعية والاقتصادية، وأستغرب عدم قدرة الوزارة والمؤسسات الحكومية على القضاء عليها، وهي منتشرة في كل مكان، فيكفيك زيارة للبطحاء في مدينة الرياض لتحمل معك العدد الذي تريد وفي جميع التخصصات المهنية التي لا يمكن أن تجد لها مثيلاً في أي مكان في العالم، ويمكنك أن تمر على الأحياء الرئيسية في العاصمة أو في المدن الأخرى لتجد في كل حي شارعا يقف فيه العمالة الجاهزة من جميع الجنسيات لكافة التخصصات ! أين الوزارة من هؤلاء !! ولماذا لا يتم القبض عليهم ؟ أما العلاج فهو العقاب الشديد لكل من يتاجر بالتأشيرات، والويل والثبور لكل من يتاجر في العمالة بأي شكل من الأشكال.

أما مشكلة البطالة الحالية فيمكن البدء في علاجها عن طريقين، الأول تغيير منهجية وأدوات التعليم لتشمل أهم مرتكزات التوظيف وهي تقويم ثقافة العمل وآلية التفكير والانضباط وهذا علاج طويل الأجل، أما الثاني فأن يتم التركيز على الشركات الكبرى لتوظيف السعوديين وبالتالي الاهتمام بهم فيما بعد التعيين بالتدريب والتحفيز، وهذه الشركات هي الشركات القادرة على إفادة الموظفين فيها ويمكن فيها تطوير الأداء واكتساب الخبرة، وبالتالي فالسعوديون العاملون في المؤسسات الصغيرة سيكونون على الأرجح من الخاسرين على المدى الطويل، وفي الغالب ممن يتناوبون على الشركات ويتنقلون بينها إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.

لكن النجاح الحقيقي من وجهة نظري لن يتم بالحلول التقليدية، فعدد الخريجين في ازدياد ولن تستطيع الوزارة توظيف كل هؤلاء مهما أوتيت من قوة وسلطة ونفوذ، لذلك فعلى الوزارة تغيير استراتيجيتها، لتركز على مساعدة الشباب في بدء أعمالهم الخاصة والتعاون معهم لإنشاء شركات ومؤسسات في جميع الأنشطة وإعطائهم كل التسهيلات اللازمة، خاصة في مجال الاستقدام، وتشجيع الشباب على ذلك حتى لو كان نشاطهم على شكل بسطة في السوق أو سيارة على الطريق تبيع الحبحب أو النعناع أو التمر على الطرقات أو عند المساجد، وأي من هؤلاء يحصل على قوت يومه بعرقه وجهده سيقلل من طابور البطالة. أما طريقة الوزارة الحالية فهي كالنفخ في القربة المقطوعة، فهي تحول الشباب إلى عمالة وموظفين، وفي جميع الأحوال لن تستطيع القضاء على البطالة بالتوظيف، فيجب تشجيع المزارع والبائع والتاجر والمهني الذي يعمل بكد يده لصالحه، وليس لصالح شركة يدخل إليها من الباب الأمامي ويخرج بعد يومين من الباب الخلفي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي