أثرياء العالم وأثرياؤنا

نشرت مجلة "فوربس" أخيرا قائمة بأغنياء العالم, وضمت القائمة مجموعة من رجال الأعمال السعوديين الذين هم فخر كبير لهذا الوطن, ولن أكون هنا مادحا لعبقرياتهم أو غيره من العبارات التي لن تضيف لهم الكثير أو غيره, لكن الدروس المستخلصة من قائمة الأثرياء هي عديدة وكبيرة. هذه القائمة بالتأكيد لا تضم كل الأثرياء في العالم أو لدينا, وليس مجال حصر لهم الآن. حقيقة أنني أريد قراءة ماذا قدّم كل واحد من هؤلاء لوطنه وللإنسانية سواء داخل وطنه أو خارجه. وأجزم جزما كبيرا أن رجال الأعمال لدينا يقدمون الشيء الكثير، ولكن ليس كل شيء, فنلاحظ على الصعيد الإعلامي ما يقدمه كثير من رجال الأعمال السعوديين الذي أعتبره مميزا ومهما وكبيرا للمجتمع السعودي وحتى بعضها الخارجي, ولكن أبحث عن دور رجال الأعمال السعوديين الكبار والمؤثرين, ألا يقومون بدور المتبرع أو تقديم التبرعات فقط, بل أن يكون أكبر من ذلك بكثير, كما يقوم به رجل الأعمال المميز محمد عبد اللطيف جميل, الذي يقوم بإنشاء كليات ومعاهد ودور تدريب وتعليم, وهي مكلفة جدا, وهي تعلم وتدرب لمهن تقي الكثير من الشباب والشابات صعوبات وتحديات المستقبل بإكسابهم المهن وكسب رزقهم, لا أريد التركيز على أن التبرعات شيء سيئ أو غير مجد, هي مجدية وفاعلة، ولكن المدى قصير لها جدا جدا.
سأضرب مثالاً أن يقوم أحد رجال الأعمال لدينا بإنشاء مستشفى أو مدرسة أو كلية تخصصية تعليمية أو مركز تدريب للمهن, بدلا من أن يقدم تبرعاً ماليا يستهلك وينتهي ونعود لنقطة الصفر. نلاحظ ما يقدمه بيل جيتس من خدمات إنسانية في العالم أجمع, وليس في الولايات المتحدة, فقد قدّم أكثر من 30 ملياراً على مدى سنوات قليلة جدا, وهي تعادل ثروات الأثرياء الآن, ولكن المفارقة هي الدور الإنساني الذي يقدمه. من كل ذلك أتطلع لرجال الأعمال لدينا أن يكون دورهم أكبر من خلال الإسهام في العملية الإنتاجية بتقديم ما يسهم في الإنتاج والتدريب والتعليم, وهم يستطيعون فعل ذلك لو خصصوا سنويا أزهد المبالغ بالنسبة لهم, والوطن يحتاج الكثير والكثير, ولا أعتقد أن التقصير سيكون منهم بصورة أساسية حتى أكون إيجابي الشعور والتوقع, ولكن قد يفتقدون الجهات المنسقة والمنظمة للدور الإنساني, ولكن نجد بعض رجال الأعمال "بعض" لديهم أقسام أو حتى إدارات منفصلة تتخصص في الدورين الاجتماعي والإنساني كما هي مجموعة شركة المملكة لدينا, وهي متخصصة ومحترفة تماما.
أتمنى في النهاية لكل رجال الأعمال والأثرياء أن يكون إسهامهم الاجتماعي بناء ودائم العطاء من خلال ما يقدمون, ويكون عامل تأهيل وبناء وإكساب صنعة أو تبرع يظل سنوات يقدم العطاء كمستشفى أو مدرسة أو ابتعاث أو غيره, أن يكون لرجال الأعمال دور أكبر من تقديم المبالغ النقدية وينتهي, بل إن الإسهام بصورة كبيرة في كل شؤون الحياة ببناء وعطاء هو المطلوب والدائم دائما.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي