الأمن ... لا يكفي لوحده!!

<a href="mailto:[email protected]">Mosaad@al-majalla.com</a>

تستطيع أجهزة الأمن لدينا، وبحمد الله، ضبط كل خارج على المجتمع أو حتى محاولة العبث بالأمن، ودحر كل مريد به شرا، ندرك ذلك ونثق بمن تولوا مهمته،.. ولكن هل هذا يكفي كي نصل إلى مجتمع نظيف خال من الإرهاب والأفكار الهدامة ؟!
السؤال الأخير يقودنا إلى السؤال الأهم الذي فحواه: كيف لنا أن ننمي حب الوطن واحترام الأخر؟!.. ، وبأي طريقة نقضي على اليتم الوطني وفقدان مفهوم العاطفة الوطنية ؟!.. بل كيف نعالج ذلك عند بعض منّا ؟!.
قد يكون لما ابتليت به بلادنا أخيرا من أحداث إرهابية دور في كشف مفهوم الانتماء وأهمية ترسيخ حب الوطن في الوجدان والضمير، وكيف آن لكثير منّا أن يعيد اكتشاف هذا الأمر الذي بات غائباً في داخل اللاوعي، وكأننا احتجناً لذلك الألم الذي عانى منه الوطن لكي نكتشف ذواتنا الداخلية.
إذا كنّا نريد ذلك ونبحث عن تعميقه في الوجدان وداخل تركيبة أبنائنا علينا أولاً أن نقتحم المناهج الدراسية، نعيد وزنها وترتيبها، وبما يتسق مع المفهوم الوطني الذي نريده.
علينا أن نسأل أنفسنا عن وسائلنا الإعلامية من تلفاز وغيره هل أسهم خطابها في تنمية الروح الوطنية، هل قامت بدورها بفعالية بترسيخ الانتماء وبكيفية التعامل مع الآخر... لا نطالب بأن يتم التغيير خلال ساعات أو أيام أو حتى شهور، بل نريد تحقيق تواصل وتلاقح فكري بين أطياف المجتمع، نبدأ بالمناهج ونُخليها من كل ما يضر، وبالإعلام وجعله منبراً يستحق التقدير والاهتمام، بهذا العمل الخلاق، نكون قد وضعنا القدم على العتبة الأولى لأجل إيجاد جيل قادر على مواكبة الارتقاء، عنوانه التسامح والمحبة لكل الأطياف، مقتدياً بسنة رسوله الكريم الذي هب واقفاً احتراماً لجنازة مرت من أمامه، فقيل له إنها جنازة يهودي، فرد قائلاً عليه أفضل الصلاة والتسليم "أو ليس بإنسان". الأمر يتطلب جهدا وعملا، وكثيرون يعتقدون أن هذا الأمر بيد الدولة فقط وهي القادرة على فعله... وأقول متى مارُسخت ثقافة الحوار والتفاعل، وقبلها الاحترام لكل جنس بشري وعنيت المناهج الدراسية والرسائل الاعلامية بذلك وأطرته، أعتقد أنه لن يكون الحمل على الدولة فقط.. بل سيكون مجهودا جماعيا قادرا على اجتثاث كل مريد سوءا بهذه الثقافة. وعليه أقول إذا ما أردنا الارتقاء بتفكيرنا وعلاقتنا مع الآيدلوجيات والثقافات الأخرى، ودون أن نتخلى عن ثوابتنا الدينية العظيمة.. فعلينا أن نتخلى عن ذلك التحفظ "المبالغ به" الذي بات كالسيف المسلط على رقابنا ومقهقراً للانطلاق نحو آفاق التغيير والحوار البناء والعمل المجتمعي المبني على المحبة واحترام الغير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي