الآدمي لا ينجس

الآدمي لا ينجس حيا أو ميتا سواء كان مؤمنا أو كافرا ذكرا أو أنثى صغيرا أو كبيرا لعموم قول النبي، صلى الله عليه وسلم، حين لقيه أبو هريرة في بعض طرق المدينة وهو جنب فانخنس من رسول الله ثم ذهب فاغتسل ثم جاء النبي فقال أين كنت يا أبا هريرة؟ قال كنت جنبا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة، فقال: سبحان الله إن المسلم لا ينجس ـ أخرجه البخاري ومسلم. قال الحافظ ابن حجر: إن المراد أن المؤمن طاهر الأعضاء لاعتياده مجانبة النجاسة بخلاف المشرك لعدم تحفظه عن النجاسة، وأما قول الله تعالى: "إنما المشركون نجس" فالمراد به أنه نجس في الاعتقاد والاستقذار إذ أباح الله نكاح نساء أهل الكتاب ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من يضاجعهن، ومع ذلك فلم يجب عليه من غسل الكتابية إلا مثل ما يجب عليه من غسل المسلمة, فدل على أن الآدمي الحي ليس بنجس العين، وقال، صلى الله عليه وسلم، فيمن وقصته راحلته: "اغسلوه بماء وسدر"، أخرجه البخاري ومسلم، وفي حديث أم عطية، رضي الله عنها، قالت: دخل علينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين توفيت ابنته, فقال: اغلسنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر, الحديث رواه البخاري ومسلم, وهذه الأدلة تدل على أن بدن الميت ليس بنجس وإنما يقصد من غسله إزالة ما عليه من نجاسة لأن النبي, صلى الله عليه وسلم, أمر بالزيادة في عدد الغسلات حتى يتحقق الغاسل من إزالة ما على بدن الميت من نجاسة ولو كان بدنه نجسا لم يفد الغسل فيه شيئا, فالكلب مثلا لو غسل ألف مرة لم يطهر والآدمي طاهر العين.
طهارة الحشرات والحيوانات
كل حشرة لا دم لها يسيل وتولدت من طاهر فهي طاهرة حية أو ميتة كالجراد والصراصير والخنفساء ونحوها فإذا سقطت في الماء وماتت فيه فلا تنجسه لأنها طاهرة, والسمك مما أباح الله أكل ميتته لقوله تعالى: "أحل لكم صيد البحر وطعامه", أما الحيوانات إذا ماتت فإنها تنجس سواء كانت مما يباح أكله بالذكاة كبهيمة الأنعام أو لا كالهرة وما دونها, وبول ما يؤكل لحمه وبدنه طاهر بإجماع أهل العلم لأن النبي, صلى الله عليه وسلم, أمر العرنيين أن يلحقوا بإبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها ففعلوا فصحوا فارتدوا وقتلوا رعاتها واستاقوا الإبل فبعث في آثارهم فأتي بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم ثم لم يحسمهم حتى ماتوا, أخرجه البخاري, والنجس لا يباح شربه ولو أبيح للضرورة لأمرهم بغسل أثره إذا أرادوا الصلاة مما دل على طهارته, وفي الصحيح أنه, صلى الله عليه وسلم, صلى في مرابض الغنم وأمر بالصلاة فيها, متفق عليه, والغنم ولا شك تبول فيها, قال النووي ـ رحمه الله: والألبان أربعة أقسام: لبن مأكول اللحم طاهر بنص القرآن والسنة والإجماع, ولبن الكلب والخنزير وما تولد من أحدهما نجس بالاتفاق, ولبن الآدمي طاهر, وحكى أبو حامد إجماع المسلمين على طهارته, ولبن سائر الحيوانات الطاهرة غير ما تقدم فالصحيح نجاستها لأنه يحرم أكل لحمه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي