نظام الضريبة .. والعدل عند القضاء
في رد معالي وزير المالية على ملاحظات القطاع الخاص قال: "لا تخفيض لضريبتي الدخل والاستقطاع على الاستثمارات الأجنبية هذا عنوان ما نشرته صحيفة "المدينة" 2/1/2006, وأكد الوزير أنه ليس هناك أي توجه لخفض ضريبة الدخل المفروضة على وعاء شركات الأموال المقيمة في الممـلكة وهي نسبة 20 في المائة يضاف إليها ضريبة الاستقطاع بنسبة 5 في المائة عند توزيع الأرباح على الشركاء الأجانب غير المقيمين في السعودية على اعتبار أن فرض ضريبة على وعاء شركة الأموال المقيمة ليس لها علاقة بضريبة الاستقطاع المتوجبة على الأرباح الموزعة للشركاء لكون شركات الأموال كيانات قانونية مستقلة عن ملاكها "وذكر العساف أن نظام ضريبة الدخل قبل إقراره كان قد عرض على العديد من رجال الأعمال والمهتمين بالشؤون الاقتصادية والمالية وروجع من عدة جهات ومنها مجلس الشورى والمجلس الاقتصادي الأعلى.. ويقضي النظام الضريبي في المملكة باعتبار ضريبة الاستقطاع المسددة نهائية ولا يجوز إعادتها وبالتالي فإنه لا مجال لرد ما استقطع من ضريبة على مثل هذه الأرباح " انتهى.
ولا أعلم ماذا كان يدور في خاطر معالي الوزير عندما صرح بذلك فإذا كان هذا رد معاليه على مطالب قطاع الأعمال الممثل في اقتراحات ومطالب مجلس الغرف أو كان رده على ما نشر في صحيفة "الاقتصادية" من مقالات بخصوص الموضوع أو عليهما معا فنقول، ومع احترامنا لمعاليه، إننا أتينا لك لتكون حكما ولكنك أجبت كمحام عن نظامي ضريبة الدخل والاستقطاع ولوائحهما, وما ذكرته معاليكم صحيح من الناحية الشكلية، ولو سمحت لنا فإننا لا نقبل بهذا الحكم حيث إن معاليكم يمثل قمة هرم المسؤولية للخصم ورد معاليكم لم يذكر إلا ما هو موجود في النظام. فأين الجديد!. إننا اقترحنا تعديل النظام ولكن عارضنا طريقة تطبيقه.
إن فى يد معاليكم أن تشرحوا أو تعدلوا ما جاء في لوائح النظام، وأيضا بأمر ملكي تعدل أي مادة فيها غبن للمكلف وذكر التصريح أن مشروع النظام عرض على رجال الأعمال وذلك فعلا حصل، ولكن لم تأخذوا بمقترحاتهم، فكأنك يا أبو زيد ما غزيت. وذكر التصريح أن النظام عرض على مجلس الشورى وقد استغرق ذلك وقتا طويلا، وذلك فعلا حصل وليتنا نقف لحظة عند هذه النقطة.
إن القطاع الخاص وأعضاء مجلس الشورى لم يدركوا أن ضريبة الاستقطاع على توزيع الأرباح المخبأة في المادة، أنها تخص ملاك شركات الأموال الأجنبية لأنكم وبكل دراية فصلتم بين شركة الأموال المقيمة 20 في المائة رسم ضريبة دخل ثم فرضتم 5 في المائة ضريبة استقطاع جديدة عند توزيع الأرباح للشركاء الأجانب وكأنهم ليسوا المستثمر نفسه، وعذركم أن شركات الأموال كيانات قانونية مستقلة عن ملاكها. سبحان الله، ما هي المحصلة النهائية؟. نعم إنها ضريبة مزدوجة موجودة في الخارج ولكن مجموعها 25 في المائة ولا تطبق بأثر رجعي على أرصدة المستثمر الذي احتفظ برصيد من الأرباح في الشركة لتوسيع نشاطها، هل نعاقبه على هذه الثقة بفرض ضريبة الاستقطاع على هذه الأرصدة المطهرة ضرائبياً. ولو كان يعلم بذلك أعضاء مجلس الشورى لما اقترحوا لخادم الحرمين الشريفين أن يخفض رسم ضريبة الدخل من 30 في المائة إلى 25 في المائة مع موافقتهم على ضريبة استقطاع على المستثمرين أنفسهم لأنهم بذلك يكونون قد ردوا على الديوان بأن رسم الضريبة 30 في المائة الذي أرسله لهم، جعلوه 25 رسم ضريبة و5 في المائة ضريبة استقطاع عند التوزيع أي 30 في المائة, ولا أعتقد أنهم قضوا قرابة العام ليصلوا إلى هذه النتيجة لأنهم في اعتقادي ظنوا مثلنا أن ضريبة الاستقطاع على الأرباح الموزعة لا تخص شركات الأموال المقيمة ولا ملاكها بل تخص شركات الطيران وغيرها من النشاطات المذكورة في البند.
إن إلغاء ضريبة الاستقطاع على الأرباح الموزعة للشركات المستثمر فيها في المملكة أو إبقائها مع تخفيض ضريبة الدخل قرارات سياسة اقتصادية في يد ولي الأمر حفظه الله وهي من بين مطالب مجلس الغرف العديدة المؤجلة، وليس علينا إلا النصيحة وإبداء الرأي ولا أمر لنا فيها بعد ذلك.
وأما تصريح معاليكم بأن ضريبة الاستقطاع المسددة نهائية ولا يجوز إعادتها وبالتالي فإنه لا مجال لرد ما استقطع من ضريبة على مثل هذه الأرباح. فهذا واضح ولكن، ما استقطعتموه باسم هذه الضريبة كان عبئاً إضافياً جديداً في رأيي وليس من حقكم، بل نطالب بأن يحكم فيها ولي الأمر أو ديوان المظالم، كيف تطبقون النظام على أرباح موزعة دفعت ضريبتها 30 في المائة وحررت هذه الأرباح من الضريبة حسب النظام الأول, ثم تفرضون عليها ضريبة أخرى (ضريبة الاستقطاع على رصيد الأرباح المعاد استثمارها عند توزيعها رغم أنها تكونت في وقت سابق لتطبيق ضريبة الاستقطاع). أي أصبح مجموع ما دفع عليها من الضريبة 35 في المائة, فهل هذا عدل! هل رفعت الدولة رسم الضريبة أم خفضته؟ وماذا عن شريك أخذ ربحه وآخر تركه في المملكة ثم سحبه بعد تاريخ نفاذ نظام الاستقطاع، أتأخذون عليه ضريبة أخرى باسم النظام؟ إن نفاد نظام ضريبة الاستقطاع ينفذ من تاريخه على الأرباح المكونة من تاريخ نفاذ النظام وليس ما قبله بأثر رجعي. وأسأل معاليكم هل لو صدر أمر سام بتقديم معونات مالية 30 في المائة من قيمة الديزل المستخدم للشركات الزراعية أو معونات لفاتورة الكهرباء للمصانع الوطنية, فهل سيقبل معاليكم، دفع المعونات لمن يقدم لكم فواتير استهلاك العام السابق, أم يجب أن تكون الفاتورة للاستهلاك الفعلي المستخدم من أول تاريخ نفاذ المعونة؟ وهل ستدفعون ويقبل المستثمرون أن تدفعوا المعونة ابتداء من أول سنة مالية قادمة للشركة أم من تاريخ نفاذ الأمر.
إن وزارة المالية لن تدفع الا للاستهلاك الفعلي منذ بداية تاريخ تنفيذ الأمر. فيكون مطلبنا عادلا في أن ضريبة الاستقطاع تنفذ منذ بداية النظام على الأرباح الموزعة والمكونة اعتباراً من تاريخ نفاذه وليس على الأرباح المكونة قبل نفاذه، أي بأثر رجعي حتى لو وزعت هذه الأرباح بعد نفاذ النظام. لا يمكن أن تأخذ الوزارة حقها وتتجاهل حقوق المستثمرين.
ومرة أخرى أن استخدام عبارة ينفذ نظام ضريبة الدخل على وعاء شركات الأموال المقيمة ابتداء من أول سنة مالية للشركة تبدأ بعد تاريخ نفاذ النظام جعل بعض الشركات تدفع 30 في المائة لمدة خمسة أشهر, إضافة إلى 5 في المائة ضريبة استقطاع وأخرى تدفع 30 في المائة لمدة 11 شهرا إضافة إلى 5 في المائة ضريبة استقطاع، فما ذنب الشركات في عدم التساوي عند دفع الضريبة؟ هذا ليس عدلا ولا يزيد الثقة في نظرة المكلف الأجنبي لنا وفي عدالتنا التي نفتخر بها.
لقد ظلم المستثمر ولن أزيد في هذا الموضوع لأنها قضايا عامة ولا خير فينا إن لم نقلها، وما يهمنا كمواطنين ورجال أعمال هو ثقة المستثمر الأجنبي بأنظمتنا وشفافيتها وعدالة حكومتنا وإلا ضاعت الحقوق وانعدمت العدالة والمساواة والإنصـاف. إننا نحن الذين نـضع الأنظمة ونحن الذين نعدلها بطرق رسمية عديدة.
ويعرف الجميع أن صدر خادم الحرمين الشريفين ولله الحمد دائما رحب لأي مظلمة أو شكوى أو نصيحة.