عبر (البلوتوث) .. عصابات التقنية تهتك الأعراض
أصبحت استخدامات التقنية المعاصرة بالنسبة إلى الأفراد من أساسيات الحياة. وقد يقول قائل إن بعض هذه التقنيات من الكماليات, التي يستطيع الفرد العيش من دونها, وهذا لا اختلاف فيه، ولكن الظروف والعوامل المحيطة بنا تدفع بالكثير منا إلى مواكبة التقنية, وركوب موجة (شراء كل جديد) من باب المفاخرة, أو التقليد, أو من باب الحاجة. فعلى سبيل المثال: كلنا يحتاج إلى جهاز الجوال للاتصال وإرسال الرسائل واستقبالها, والبريد الإلكتروني. ولكن التقدم التقني في صناعة الجوال وخدمات الإرسال والاستقبال الرقمية أضاف بعض المميزات التي كانت في الأساس كماليات. ولكن مع التقدم الهائل في خدمات الوسائط وتقنية المعلومات أصبحت ضرورية, ومنها ـ على سبيل المثال ـ كاميرات الجوال, التي كانت قبل سنوات قليلة ينظر إلى مُستَخدِميها بعين الشك والريبة والازدراء. ولكن مع التقدم التقني في مجال نقل البيانات, ومع توافر الترددات اللاّزمة لنقل الوسائط, ومن دون ترخيص من الجهات المختصة, ومع ثورة البلوتوث, أصبحت الكاميرات شيئا مرغوباً فيه, ومحببا إلى معظم أفراد المجتمع فقد أصبح من الممكن تسجيل مناسبة محببة إلى النفس وتخزينها, أو نقلها إلى جهاز آخر ومن دون عناء, باستخدام تقنية البلوتوث, وبما تقدمه من النقل السريع للمعلومات ومن دون الحاجة إلى موصلات (أسلاك). إذاً التقنية قد تتحكم في مسار حياتنا, وقد تفرض علينا التعامل معها بالطُرائق التي تُريدها, وليس على النحو الذي نرغبه. إذاً هُناك أيادٍٍ خفية تتحكم في مساراتنا الآنية والمستقبلية. ليست أيادي بشرية (من لحم ودم) يمكن رؤيتها, والتعامل معها, ولكنها أيادٍ تتكون أجزاؤها المختلفة من موجات و"بتات" وبرامج وعتاد صلب يؤثر في ميزانيتنا وعقولنا ومشاعرنا, وعلاقاتنا الاجتماعية. أستطيع أن أسميها عصابات التقنية الساحرة فنحن نعلم مدى خطرها, ولكننا نحبها, ونستخدمها, ونأنس إليها, علماً بأنها الصديق الغدار.
التقنية ليس لها صديق أبداً, فإما أن تكون سيداً لها أو خادماً. من استطاع السيطرة عليها فهو السيد, ومن لم يستطع السيطرة فهو الخادم, بغض النظر عن هيئته, سواء أكان إنساناً أم جهازا مُخترعا. ولكي أوضح الصورة أعطيكم مثالا يعرفهُ الكثير من الناس:
أحد الأشخاص التقط صورة لأقرب الناس, وأحب الناس إلى قلبه (كما يزعم) عن طريق كاميرة جواله الخاص, وكان حريصاً على إخفائها بعيداً عن أعين الناس, لأنها لواحدة من محارمه, فوضع لها كلمة سرّ, بحيث لا يتمكن أحد من رؤيتها, ولكنه بعد فترة وجيزة من الزمن فوجئ بوجودها على أجهزة جوالات أخرى, بل فوجئ بوجودها على شبكة الإنترنت العنكبوتية! كيف حصل هذا؟ من هذا الخائن الذي استطاع كسر سره, وقلبه, وخدش حياءه وهتك عرضه؟ أهو السيد أم الخادم؟ أم كلاهما مشتركان في الجريمة, جريمة هتك عرض امرأة مسلمة مستورة في دارها, كريمة بين أفراد أسرتها! إنها التقنية التي فرضت نفسها علينا, وجعلتنا الخدم وهي السيد. ولكي تكون أنت السيد, فإنه يجب عليك إما إلغاؤها من حياتك. وهذا مُحال, وإما أن تتعامل معها بحذر وفهم وذكاء ( تعامل السيد ), وهذا صعب. إذاً ما الحل؟ سوف نحاول في هذه الزاوية, التي حرصت جريدة "الاقتصادية" (مشكورة) على إخراجها بطريقة تتواءم مع سمعتها, وتناسب مستوى قرائها التطرق إلى عدد من التقنيات, مثل: البلوتوث, وغيرها من التقنيات التي تُلامس مشاعرنا, وتتحكم في مجريات حياتنا فقد تُدمر أسرة (من دون قصد) عن طريق سوء استخدام التقنية الحديثة.
في المقالات القادمة (إن شاء الله) سوف نتعرف إلى تقنية البلوتوث: ميزاتها وعيوبها, وكذلك مدى أمنيتها وسريتها, وكيف نحمي أنفسنا وأجهزتنا من بعض المتطفلين ذوي الأنفس الخبيثة. كذلك سوف نتطرق إلى تطبيقاتها الحالية والمستقبلية. بهذه المناسبة فإني آمل من أحبتي القراء التفاعل معنا في هذا الموضوع الحيوي, عن طريق المناقشات والمداخلات المفيدة, لعلنا نخرج بنتيجة طيبة فيها, خدمة لمجتمعنا, وحفاظا على قيمنا من أخطار التقنية وتطبيقاتها الشائنة.