الدنمارك تدعم الصناعة السعودية

ازدحمت صحفنا المحلية خلال الأسبوعين الماضيين بإعلانات العديد من الشركات كلها تنفي صلتها وارتباطها بكل ما هو دنماركي أو يمت إلى الدنمارك بصلة، ومن كان في اسمه كلمة دنمارك لم يتردد في إلغائها وهو نفس التصرف الذي تم قبل سنين عندما كانت هناك مقاطعة للمنتجات الأمريكية، وقد تضرر كثير من التجار ورجال الأعمال بما تقدمه مواقع الإنترنت وبعض الأخبار من أن بعض منتجاتهم دنماركية ويجب أن تتم مقاطعتها في حين أن حقيقة هذا الأمر غير ذلك ولجأ البعض الآخر إلى أن يستعين بوزارة التجارة والصناعة لأخذ ما يؤكد من طرفهم أن منتجهم سعودي أو أنه لا يصنع في الدنمارك كما لجأ العديد للصحف وغيرها من الوسائل الإعلانية لنفي هذه التهمة التي أصبحت عاراً على رجال الأعمال ممن كانت لهم صلة بالتجارة الدنماركية.
في كل محنة منحة وفي كل مأساة فوائد وما حدث من فوضى في نشر البضائع الدنماركية التي يجب مقاطعتها وما واكبها من بدائل مناسبة يمكن أن يتم شراؤها كبديل، أظهر لنا عدم وجود أي نظام يمكن من خلاله أن نحمي التجار وأن نحافظ على نشاطهم وتجارتهم فمن خلال هذه الظروف يمكن لضعيفي النفوس أن يعملوا على استغلال هذه الأوضاع والإشارة إلى أن المنتج المعين للتاجر هو دنماركي أو أن جزءاً منه يصنع هناك وأن البديل له هو البديل الفلاني، مما يسهم في القضاء عليه فوراً دون تردد, فالناس في مثل هذه الظروف لا يسعها التبين أو التأكد فهم يتلقون كل ما يأتي إليهم ومهما حاول صاحب المنتج الإعلان عن أن منتجه سعودي أو وطني فلن يتمكن فنفي التهمة في هذه الظروف أصعب بكثير من إثباتها وأكثر تكلفة، وبعض الناس يأخذ هذا الأمر من جانب ديني تام فالاحتياط في تجنب الشبهات أولى وأفضل وبالتالي حتى لو كان هناك منتجات مشكوك في أمرها أو مصدرها فالناس تفضل أن تتجنبها ولا تشتريها ومع تفاعل المجتمع الأوروبي مع مثل هذه الرسومات وردود أفعالهم عليها، أصبح هذا الأمر مصدر قلق للتجار ورجال الأعمال فالمقاطعة قد تمتد لكل ردة فعل تتم في الجانب الأوروبي فعندما نشرت النرويج هذه الرسومات شملتها المقاطعة وأعلن من خلال الإنترنت عن بعض البضائع النرويجية التي يجب أن تقاطع وبدائلها وهكذا يتم فوراً نشر المعلومات في الإنترنت وتعميمها على رسائل الجوال sms ثم طباعتها وتوزيعها ونشرها بدون تدقيق أو تبين أو عودة إلى المصدر الرئيسي لدخول هذه البضاعة.
وإن كنت من الذين يؤيدون مثل هذه المقاطعة نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه صلى الله عليه وسلم يأبى الظلم ولو قيد شبر فكيف ننصر الرسول بظلم الآخرين الذين قد تكون منتجاتهم بريئة عن هذا الأمر.
إنني آمل من وزارة التجارة ووزارة الإعلام أن يتم السيطرة والتحكم فيما يعلن من نشأة لمثل هذه المنتجات التي قد تضر بالاقتصاد الوطني أو أن تتبنى مع رجال الأعمال إصدار بيان واضح يبعد الشبهات عن منتجاتهم وكم أتمنى أن تكون دروس المقاطعة التي تمنحنا إياها الظروف وسيلة في المستقبل أن نعمل على دعم صناعتنا المحلية والوطنية بحيث نصبح معتمدين على أنفسنا وأن نكون بلدا صناعيا منتجا وليس مستهلكا، بلدا نأكل فيه مما تنتجه أيدينا وتصنعه أيدينا ولا نحتاج لما يأتينا من الخارج فنعلن مقاطعته ونتبرأ منه ونبقى رهن إشارته، إن المقاطعة ينبغي ألا تكون ردة فعل بل يجب أن تكون رؤية ورسالة بحيث نستفيد منها لنصبح من خلالها أناسا عصاميين يعتمدون على أنفسهم ولا يحتاجون إلى ردود الأفعال، ولئن أضرت المقاطعة بأسلوبها الحالي بالبعض فلعلها فتحت مجالاً للصناعة السعودية لكي تؤكد موقعها ضمن المنتجات المستوردة وتقوم بالانتشار.
إنني كثيراً ما أتساءل ماذا لو تكالبت علينا الأمم من كل جهة فهل سنقاطعهم وإن فعلنا فهل سنجد ما يوفر لنا حياة كريمة وعيشا رغيدا. إنها فرصة يجب أن ننتهزها لنؤكد مفهوم دعم الصناعة السعودية وتشجيع المنتج الوطني.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي