"دباشة" شرائية !!.

لدينا "دباشة شرائية" تتجاوز أحيانا حدود المعقول، ولأجل أن نكتشف ذلك ما علينا إلا أن نسبر الأسواق بمختلف بضائعها وتوجهاتها، وتحديداً قبل المناسبات المهمة كرمضان والعيدين الفطر والأضحى!!
ما الذي سنكتشفه سوى ترسيخ لمبادئ "الدباشة الشرائية" التي بتنا نعاني منها إلى الدرجة التي أصبحنا نحسبها جزءا من شخصية المستهلك السعودي ! .
وها نحن قد عشنا أجواء عيد الأضحى المبارك وكل من تيسر له ذبح الأضحية قد فعل أو سيفعل اليوم، لكن هل تساءلنا فيما بيننا عن الإسراف المتنامي في هدر دم بهيمة الأنعام، من منطلق أن هناك من "ربعنا" من يذبحون أضحية عن كل متوفى منتم لهم، ومن ثم اكتظاظ الثلاجات باللحوم كفعل زائد على الحاجة؟
لن أتجاوز في ذلك لأن هناك متخصصين اجتماعيين وفقهيين هم أخبر بمقاييس ذلك، وإن كنت أنطلق من أن رسولنا الكريم قد ذبح أضحية واحدة عنه وعن أمته.. أما قريبنا أبو ناصر ورغم محدودية دخله إلا أنه قد ذبح خمسا "عن كل متوفى واحدة" رغم أن الأصل أن الأضحية للحي قبل الميت، "إلا إذا كانت هناك وصية من متوفى"!!!!
أعود إلى ما بدأت به عن ترشيد الاستهلاك، فالهدف أننا بتنا نحتاج إلى توجيه العادات والأنماط الاستهلاكية سواء التكميلية أو الغذائية، وبما يجعل سلوكنا الاستهلاكي الفردي أو الجماعي يتسم بالتعقل، والاتزان، وحسن التدبر وبحيث تكون مدفوعاتنا حسبما نحتاج إليه، أو حتى وفق التوجيه الإسلامي الكريم الذي ينبذ الإسراف ويحذر منه.
أيضا فعلى الصعيد العام، فإن التدبر العاقل للمشتريات المناسباتية وجعلها متوائمةً مع الاحتياجات، لا شك أنه سيسهم في تحسين نمط حياتنا إلى الأفضل، بل سيقودنا إلى مكتسبات سلوكية ومعيشية أفضل، ونحن بدعوتنا إلى الترشيد الاستهلاكي لا نقصد الدعوة إلى مبدأ الحرمان من التمتع بملذات الدنيا، بقدر ما نقصد بها العمل على تربية النفس وضبط السلوك، وبما يجعلنا كمجتمع قادرين على تجاوز أنماط سلوكية بالية، وجب انتزاعها بما يتوافق مع الحياة المعيشية المتسارعة الحالية، أيضا ومن منطلق إسلامي هو ترسيخ للسلوكيات النبوية التي دعا إليه الرسول صلى الله عليه وسلم لأجل أن يقوم المسلم بدوره، مدركاً واجباته في الدنيا والآخرة.
كذلك فحين ننتهج مبادئ عدم الإسراف، فإننا نؤطر المنهج الإلهي العظيم في كيفية عدم الإسراف في نعم الله عز وجل، التي حث عليها القرآن الكريم في كثير من الآيات، مثل قوله تعالى: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين". وقوله سبحانه: "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا".
وكل عام وأنتم بخير...

*مدير التحرير مجلة "المجلة"
[email protected]

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي