المكاتب العقارية وتأجير المساكن
تنتشر في الأحياء السكنية ما يسمى المكاتب العقارية التي غالبا ما تكون مكانا لتداول الأحاديث وشرب القهوة والشاي أكثر من مسماها وطبيعة عملها.
مازالت طريقة العمل والتعامل في هذه المكاتب العقارية بدائية للغاية ويتميز الكثير منها بعدم الدقة، التنظيم، وحسن التعامل مع العميل.
لكن الصفة الرئيسية التي تنطبق على الغالبية هي انعدام الاهتمام بالوقت والمواعيد.
وتتميز فترة عمل هذه المكاتب بتجاهل العمل في الفترة الصباحية وركودها نهائيا، ويتركز جل اهتمامات المكاتب على البيع والشراء وتجاهل الإيجار بحجة أن المردود الاقتصادي من وراء التأجير لا يستحق "وجع الرأس".
عدد هذه المكاتب ودورها الاقتصادي ليسا بالأمر الهين الذي من الممكن تجاهله خاصة إذا أدخلت التقنية الحديثة في معاملاتها وتم ربطها مع بعضها بعضا لتبادل المعلومات وتحديثها.
في المدن الصغيرة والقرى تلعب العلاقات والمعارف دورا مهما في التبادل التجاري وتكاد تكون معاناة البحث عن سكن للإيجار معدومة، أما في المدن الكبيرة فإن المعاناة تتجلى بأوضح صورها حيث يبدأ مشوار البحث بسعر معين وشروط معينة وينتهي المطاف بضعف السعر ونصف الشروط والمتطلبات.
في اليابان، على سبيل المثال، توجد مجلات أسبوعية متخصصة في تأجير وبيع العقارات حسب المدن، الأحياء، الأسعار، المميزات، المسافة من وإلى محطة القطار، ومعلومات تفصيلية عن العقارات سواء للإيجار أو البيع.
كما أن المعلومات متوافرة لدى مكاتب الحي العقارية ويتم تبادلها والتسيق فيما بينهما في تحديث المعلومات وإدخالها.
لماذا ما زالت تعاملاتنا في تأجير وبيع العقارات بدائية للغاية، اللهم إلا بعض الشركات الكبرى؟
لماذا لا توجد مظلة تنضوي تحتها جميع مكاتب العقارات، باشتراك مادي، وتقوم بإدخال وتحديث البيانات التي تتوافر لديها، مما يسهل على العميل إيجاد متطلباته وسهولة خدمته بدلا من البدائية وتكاليف الاتصالات الهاتفية ومضيعة الوقت؟
على مدى أسبوعين متتالين، أسهمت في الازدحامات المرورية، تلوث البيئة، وانعدام الإنتاجية في العمل للإرهاق الذي يلحق بي جراء البحث عن مسكن.
نشتري أغلى الأجهزة وأحدثها، ونمتلك كل التقنيات الحديثة، لكننا لا نوظفها ولا نستخدمها لخدمتنا، فأين الخلل؟
هل ثقافة الاستهلاك والشراء والمباهاة هي السائدة لدينا؟
أسئلة كثيرة تساورني ولم أجد لها إجابات. كان من الممكن أن تسهل العملية وتتطور في توظيف التقنيات الحديثة واستخدامها، فما المانع من ذلك؟
تنسيق وتبادل المعلومات العقارية وربطها مع بعضها بعضا، عملية في غاية البساطة وليست بحاجة إلى مختصين من أصحاب التأهيل العالي، ونتائجها منفعة للجميع وتسهم إسهاما فعالا في ترشيد النفقات والتكاليف غير المباشرة.
ما دام القائمون على هذه المكاتب ليسوا على قدرة ودراية بهذا الأمر، وتنعدم رغبتهم في التنسيق والانضمام إلى بعضهم بعضا تحت مظلة واحدة فهل نرى نظاما أو تنظيما يقنن هذا الأمر ويلزم المكاتب العقارية بإدخال بيانات ومعلومات العقار وتفاصيله بشكل أكثر توضيحا وتفصيلا ليمكن الاستفادة من هذه المعلومات بدل الدوران العشوائي من مكتب عقاري إلى آخر؟
تطور الاتصالات والحاسبات الآلية أسهم في تطور الأمم والشعوب، ولعب دورا بارزا في تقليل النفقات وضبطها، وكذلك في تنظيم الوقت وإدارته، فهل نرى التقنية واستخداماتها فيما يسمى إدارة الممتلكات، أم سنبقى على طرقنا البدائية؟