المقاولات والمناقصات .. هل تحرمنا مشاريع الميزانية؟

الملاحظ في ميزانية هذا العام أن حجم المشاريع الموجهة لتدعيم البنية الأساسية كبير ويبشر بانفراج واضح للاختناقات التي برزت أخيرا، بالذات في قطاعات حيوية مثل التعليم، الصحة، والطرق، وهذا التوجه الحكومي الجاد لتدعيم البنية الأساسية يستدعي الطرح الجاد والضروري لهذا السؤال:
هل يدعم قطاع المقاولات ونظام المشتريات والمناقصات الحكومية هذا التوجه؟
بالنسبة لقطاع المقاولات، هذا القطاع هو وليد الطفرة الأولى واستفاد منها بالذات الخبرة الإدارية ونخشى أن يموت في الطفرة الثانية لأن المطلوب منه كبير، وأيضا لأنه ينوء بمشاكل هيكلية إذا استمرت قد تؤثر في مساعينا لتدعيم البنية الأساسية، وهذا القطاع منذ سنوات بعيدة والكل يتحدث عن مشاكله وتحدياته، وأكثر من يشتكي من ضعف حالهم هم المقاولون أنفسهم. المشاريع المتعثرة والمؤجلة في الكثير من المناطق يقف خلفها بشكل رئيسي قطاع المقاولات، وهناك فئة من المقاولين أصبحت جوالة في المناطق تستلم المشاريع، وبعد أشهر تؤخر العمل طبق العقد، ثم يسحب منها المشروع وتدفع غرامة متواضعة ويبقى لها نصيب الأسد من الدفعة الأولى.. وهكذا أصبحت العملية أربح من المضي في المشروع حتى النهاية. وربما الذي أسهم في تدهور قطاع المقاولات وتراجع أدائه هو نظام المناقصات الحكومية، فهذا النظام منذ سنوات بعيدة لم يراجع ولو جرى استفتاء حوله بين المسؤولين الحكوميين والمسؤولين في القطاع الخاص لجاءت النتيجة ساحقة، ترفضه وتطالب بتحديثه، لأنه أوجد منافسة على الأسعار وسرعة التنفيذ على حساب أولويات الجودة والكفاءة، وهذا الوضع طرد الكثير من الجادين المحترفين في قطاع المقاولات.
طبعا تراجع قطاع المقاولات ليس في صالح الاقتصاد لاعتبارات عديدة تضاف إلى تأخير المشاريع وعدم جودة تنفيذها، فهناك حاجة وطنية إلى إيجاد فرص عمل جديدة، وقطاع المقاولات يعد من المجالات التي تفتح فرص عمل للسعوديين على مختلف المستويات والتخصصات، وهذا يتحقق إذا تم إصلاح الخلل الهيكلي في هذا القطاع حتى تكون اقتصادياته عملية ولا ترحل تكاليفه على المستهلك النهائي. ونحن جميعا مستهلكون لمخرجات قطاع المقاولات، لذا الخسارة وطنية إذا استمر الوضع القائم بدون تدخل جاد، وطبعا لن نحتاج إلى وحي من السماء لمعالجة مشاكل المقاولات، وهناك كفاءات سعودية ترعرعت في أحضان هذا القطاع وهي من خيرة الخبراء وأهل الحل والعقد في مجالها.. وتبقى معالجة نظام المناقصات الحكومية هي الخطوة الرئيسية لحل مشكلة قطاع المقاولات.. لقد فرحنا بمشاريع الميزانية، ولكن من حقنا أن نكتئب ونتحسر عندما نتذكر أوضاع التشييد والبناء فمبدأ ترسية المشاريع على (الأقل سعرا) لن يأتي بخير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي