حماية المواطن من القروض

نشرت جريدة "الاقتصادية" هذا الأسبوع تقريرا عن تطور حجم القروض الاستهلاكية للفترة ما بين 2000 والربع الثالث من العام الحالي 2005". وقد كان من الواضح في التقرير حجم النمو المرتفع للقروض الاستهلاكية التي يقصد بها الخاصة باستهلاك المواطنين من تمويل شراء عقاري أو سلع ضرورية وكمالية, كما أوضحها التقرير. فقد ارتفعت القروض عام 2000 من 24.755 مليار ريال إلى 149.150 مليار ريال بنهاية الربع الثالث من هذا العام 2005. ونلحظ أن مستوى القروض كإجمالي خلال خمس سنوات قد تضاعف خمس مرات أيضا .
وحين نراجع هذه القروض الاستهلاكية التي قدمت من قبل المصارف السعودية جميعها, فإننا نلحظ أن القروض اتجهت إلى ثلاثة مسارات, وهي: التمويل العقاري, السيارات والمعدات, وأخرى. وليس الإشكال هنا في ما يخص التمويل العقاري أو السيارات والمعدات لأنها لتغطية حاجة أساسية من قبل طالب القرض, فهو يشتري أرضا أو يبني مسكنا أو يرمم منزله أو نحو ذلك, والآخر يشتري سيارة أو أجهزة كهربائية ضرورية لتغطية حاجته ومتطلباته. وقد شكلت هذه القروض عام 2000 للعقاري 2.723 مليار ريال, للسيارات والمعدات 7.719 مليار ريال, ووصلت عام 2005 في الربع الثالث إلى العقاري 8.790 مليار ريال, والسيارات والمعدات 27.926 مليار ريال. وهي نسب نمو, بتقديري, مع نسبة النمو السكاني والاقتصادي منطقية ولتغطية حاجات فعلية في المجمل. ولكن حين نمعن النظر في جانب آخر من الاستهلاك وهي "أخرى" فهي عام 2000, 14.312 مليار ريال. وعام 2005 م "حتى الربع الثالث" وصلت إلى 109.137 مليار ريال. أي تضاعفت بما يقدر ثماني مرات. فما أسبابها؟ التفسير الرئيسي لهذه الزيادة الكبيرة للقروض هو أنها موجهة لسوق الأسهم السعودية. فلا يوجد شيء آخر مبرر لهذه الزيادة في القروض, وإن وجدت فهي لن تتجاوز 10 في المائة من حجم هذا التمويل الكبير. وهذا خطأ وخطر كبير على الجميع, وأقصد به المواطن المقترض, والسوق السعودية للأسهم, والاقتصاد الوطني, وباعتبار أن المقترضين هم باحثون عن الثراء, وهذا حق مشروع للجميع لا شك به, ولكل منهم أهدافه ما بين مضارب ومستثمر ومحاولة الاستفادة واستثمار حالة الفورة في السوق السعودية. لكن يظل هذا التمويل من قبل المصارف غير المقننة سابقا خطأ كبيرا وستظهر نتائجه مستقبلا وليس اليوم وغدا.
ما قامت به مؤسسة النقد من تقنين وإعادة صياغة للقروض الشخصية بتحديد المدة بما لا يتجاوز خمس سنوات "48 شهرا" بدلا من عشر سنوات "60 شهرا", وألا يقتطع من الراتب إلا 33 في المائة بدلا من 45 في المائة, قرارات صائبة كليا وتصب في مصلحة المواطن والمصلحة الوطنية, ولكن أضيف هنا أن أي قروض توجه لأخرى أي دون تحديد, يجب أن تقنن أيضا بحيث لا تنظر كما التمويل العقاري أو للسلع والخدمات. فإن كانت لسوق أسهم سواء كمضاربة أو استثمار, يجب أن تقنن لما دون الـ 15 و17 مرة من الراتب, كما هو متبع, فيجب ألا تتجاوز عشرة رواتب "مثلا" للتمويل الآخر, حتى نقنن مستويات المخاطرة المتوقعة باعتبار أسواق المال متغيرة وتتعرض للكثير من المتغيرات غير الثابتة. يجب أن تقوم مؤسسة النقد بالحد من القروض الاستهلاكية الموجهة لسوق الأسهم. ويجب ألا ننسى أن كثيرا من القروض التجارية قد يواجه تلاعبا من مجالس الإدارات والشركات بضخها في سوق الأسهم, وهذا ما يجب أن يكون في تقديرات مؤسسة النقد, حتى لا يكون لدينا تضخم سيولة وهمي ونفخ في مؤشرات السوق كمضاربات سريعا ما تنتهي, وقد تكون بأكبر الخسائر, ويصبح الجميع خاسرا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي