أي سهم أشتري؟

تصلني دائماً عن طريق البريد الإلكتروني رسائل من أخوات وإخوة يطلبون النصح في مجال سوق الأسهم ويسألونني عن شراء أسهم بعض الشركات وعن البيع أيضاً.
وكان ردي الدائم أنني أعتذر عن النصح فأنا لا أقدم النصح، لأن سوق الأسهم المحلية لا تنطبق عليها قوانين الاقتصاد المعروفة في جميع أسواق العالم، لذا لا أستطيع التوقع حسب القوانين التي درستها ما الأسهم الرابحة وما الأسهم الخاسرة؟
وزارتني صديقة من الموظفات في مركز وظيفي مرموق تطلب استشارتي، وتخبرني أن مأساتها تطورت، لأن زوجها طلب منها التقاعد مبكراً والعمل في الأسهم بسبب تجربتها الناجحة فيها.
وهي لا تمانع من العمل كمضاربة في سوق الأسهم كعمل جزئي واستثمار لأموالها وأمواله ولكن ليس لدرجة ترك وظيفتها فهي تحب عملها وبيئة عملها صحية جداً وترغب في الاستمرار في وظيفتها حتى يأتي اليوم الموعود للتقاعد.
والسبب الأساسي أيضا لعدم رغبتها في التفرغ الكامل للعمل في سوق الأسهم، أن العمل في هذا المجال قد يسبب لها أزمة قلبية، فلقد أصبحت حالتها النفسية متقلبة مع سوق الأسهم وأصبحت تعاني القلق وعدم النوم، وجميع عوارض الاكتئاب بدأت تظهر عليها.
لذا قررت شراء راحة البال والقلب والتقاعد مبكرا من سوق الأسهم والاستمرار في وظيفتها وترك هذا المجال لزوجها المصر على أنها أفضل منه في هذا المجال.
وطلبت نصحي هل قرارها صائب أم تستمر في المضاربة في سوق الأسهم ؟ وما كان مني سوى تهنئتها على قرارها، فشخصية مثلها قد يقضى عليها إذا استمرت في العمل في سوق الأسهم ولن تنفعها جميع الأرباح التي تجمعها إذا أصيبت بمرض مزمن، لا قدر الله، مثل الضغط والسكري وهي من الأمراض التي تظهر فجأة تحت الضغط العصبي والنفسي للإنسان.
ويختلف الاستثمار عن المضاربة فالمضارب يهتم بالربح بسرعة، ولتحقيق ذلك فهو يعرض رأسماله للخطر، بينما المستثمر هو الذي يحرص على نمو رأسماله وسلامته وضمانه وهو لا يبحث عن الربح السريع، لذلك يعد الاستثمار هو الطريق الأكثر ضمانة وسلامة لتنمية المال.
والإنسان المستثمر في سوق الأسهم لا بد أن يحدد أهدافه من الاستثمار في الأسهم هل هو:
* يريد الربح فقط؟
* يريد المحافظة على أمواله فقط دون الاهتمام بزيادتها؟
* سيحتاج إلى ماله في المستقبل القريب أو بوسعه تجميده لمدة طويلة؟
* يرغب أن ينتج عن استثماره عائداً منتظماً؟ أم يفضل الربح الكبير الناتج عن ازدياد قيمة الاستثمار؟
* ما درجة المخاطرة التي يستطيع المستثمر تحملها؟

كما أن الاستثمار والمضاربة في الأسهم لا تنفع كل أنواع البشر بل هي تعتمد على عدة عوامل:
أ- عمر المستثمر وطبيعة عمله ومسؤولياته:
فالشاب العازب الذي لا يتحمل أي مسؤولية عائلية يستطيع المغامرة والمخاطرة ببعض ماله في مجال الاستثمار بالأسهم على أمل أن يجني الربح الطائل أما إذا خسر ماله فلديه الوقت والعمل كي يستطيع البداية مرة أخرى.
أما الفرد الذي تعدى الستين من عمره ويملك عائلة مطلوب منه إعالتها فنظرته للحياة مختلفة، لأن عليه المحافظة على أمواله التي جناها طوال حياته العملية، فهو يريد استثمارا يدر عليه عائدا منتظما ومضمونا ولا يستطيع المخاطرة بالمضاربة في سوق الأسهم.
أما المستثمر الشاب الذي لديه أعمال كثيرة وأموال فائضة ويستطيع تجميد بعض مدخراته لمدة طويلة في سوق الأسهم فهذا لا يمثل مشكلة له، لأنه يستطيع الانتظار حتى يصل إلى الربح المنشود كمستثمر، والمضاربة لا تمثل له مشكلة فلديه فائض يستطيع خسارته.

ب- نفسية المستثمر وتطلعاته إلى المستقبل ورأيه في التطورات الاقتصادية والسياسية المحيطة به فمثلاً:
الفرد الشديد الانفعال الذي يضطرب بسرعة وتنهار أعصابه أمام أي خبر عليه تجنب المضاربة السريعة التقلب وقد يناسبه الاستثمار في صناديق الاستثمار.

لذا على كل فرد معرفة صفاته الشخصية وقدرته على تحمل كل ما يمكن أن يحدث قبل دخول مجال المضاربة في الأسهم.
أما صديقتي فلقد خيبت ظني ورجعت إلى المضاربة في سوق الأسهم والمثير في الموضوع أنها لا تعلم في قوانين المضاربة في الأسهم أي شيء فهي تعمل بالحاسة السادسة فقط.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي