"سابك" والخطوة المنتظرة

تعد الشركة السعودية للصناعات الأساسية "سابك" بمثابة سفينة القيادة Flag Ship في سوق الأسهم المحلية لأسباب عدة من بينها النسبة الكبيرة التي تستأثر بها من القيمة الإجمالية للسوق، ودخل مبيعاتها السنوية وصافي أرباحها التي شهدت معدلات نمو عالية تعكس تزايد الطلب العالمي على البتروكيماويات والأسمدة والحديد. وبالطبع ليس هناك سر أو لغزَ يدعو المرء إلى البحث عن تفسير لهذا النجاح واحتمالات استمراره لسنوات طويلة بإذن الله، إذ تستمد مصانع "سابك "ميزتها النسبية من قربها من مصادر الطاقة وبالذات الغاز الطبيعي وكذلك الخدمات والتجهيزات الأساسية التي وفرتها الدولة للصناعة في كل من الجبيل وينبع. لذا فلا غرابة أن يحرص المستثمرون في سوق الأسهم أفراداَ كانوا أم صناديق على اقتناء سهم "سابك" في محافظهم مهما كان شكلها أو حجمها إذ يوافر هذا السهم توازناَ جيداً لحركة المستثمر في السوق.
اليوم يبلغ عدد أسهم "سابك" المصدرة 400 مليون سهم بقيمة سوقية تزيد على 640 مليار ريال أو ما يعادل 170 مليار دولار، وهذه القيمة تضع "سابك" في مصاف الشركات العالمية الكبرى التي يتم تداولها في البورصات الدولية من نيويورك إلى طوكيو وإن كانت نسبة 70 في المائة من أسهم شركة "سـابك" لا تزال في حيازة الدولة ممثلة بصندوق الاستثمارات العامة، فذلك لا يغير في مركزها المقارن مع الآخرين إذ أن طبيعة هذه المقارنات لا تتأثر بالشكل القانوني لحملة الأسهم. ثم انظر إلى الدخل المتوقع لمبيعات "سابك" للعام الجاري 2005 الذي قد يصل إلى 80 مليار ريال، ووجود منتجاتها في معظم أسواق العالم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر أو عبر سلع مصنعة من المواد الخام التي أنتجتها مصانع "سابك". أضف إلى هذا أن الشركة لديها شبكة واسعة من مكاتب التمثيل في معظم المدن الرئيسة في الغرب والشرق وكانت قد عززت وجودها في الأسواق الأوروبية بشراء إحدى الشركات الهولندية في مجال إنتاج البتروكيماويات عام 2002. أي أن "سابك" لم تعد شركة محلية بالمفهوم التقليدي الذي درجت عليه مثل هذه التصنيفات.
ومن ثم فإن الخطوة المقبلة المنتظرة من شركة "سابك" لتعزيز صبغتها العالمية أن تسعى لإدراج أسهمها في البورصات الأخرى بعد أن توافرت لديها كل المقومات لمثل هذه الخطوة، ولا يبدو أن هناك عقبات تنظيمية أو قانونية تحول دون تحقيق ذلك. بل إن هيئة السوق المالية في المملكة قد تقدم العون والمساعدة في هذا السبيل حيث تنص الفقرة (ب) من المادة العشرين من "نظام السوق المالية" الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/30) وتاريخ 2/6/1424هـ على ما يلي: "لا تخضع الأوراق المالية المدرجة أو المتداولة في سوق مالية منظمة خارج المملكة لأحكام هذا النظام حتى لو نشأ هذا التداول بموجب أوامر مرسلة هاتفياً أو آلياً (إلكترونياً) من داخل المملكة، ويستثنى من ذلك ما تتفق عليه الهيئة ( هيئة السوق المالية ) مع جهات أخرى خارجية ".
إن إدراج أسهم شركة "سابك" للتداول في البورصات العالمية سيشكل خطوة رائدة بين الشركات المساهمة السعودية وربما العربية إجمالاً. ليس هذا فحسب بل إن هذه الخطوة ستحمل معها الكثير من الإيجابيات لمساهمي الشركة والاقتصاد الوطني ككل في جوانب شتى منها الالتزام بمعايير عالية من الإفصاح والشفافية يتطلع المستثمر إلى محاكاتها في سوق الأسهم السعودية علاوة على تقديم صورة مشرقة عن الصناعة الوطنية لشريحة واسعة من المستثمرين في الأسواق الدولية وربط جزء من مصالحهم بمصالح المملكة التجارية والمالية.
إنني آمل من مجلس إدارة شركة سابك التفكير جدياً في أخذ زمام المبادرة لإدراج أسهمها في البورصات العالمية أسوة بتجارب الشركات الأخرى الرائدة في ميادين عملها، كما أرجو من وزير المالية باعتباره ممثلاً للمالك الرئيس لأسهم الشركة احتضان هذه الفكرة انسجاماً مع الدور الذي ستمارسه المملكة في تجارتها الخارجية بالمزيد من الانفتاح والتواجد في الساحة الدولية كأحد مزايا عضويتها في منظمة التجارة العالمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي