يوم ذبحت الرياضة من الوريد إلى الوريد
يوم الخميس الماضي شهد الجمهور الرياضي في المملكة والعالم ذبح الرياضة بكل ما تحمله من قيم وأخلاق. لقد تم هذا على ملعب المباراة بين الرائد والجبلين في ظاهرة جعلتنا نخجل من انتسابنا لهذا الوسط الذي يمثله هذه النوعية من الإداريين والمدربين واللاعبين والجمهور.
لقد شاهدت عملية الذبح على شاشة القناة الرياضية التي أحسنت صنعا بنقل جميع الأحداث التي أقل ما يُقال عنها إنها مهزلة. الحمد لله أن مصوري المباراة ومخرجها لم يرفعوا الكاميرا إلى أعلى المدرجات أو أن تخرج علينا صورة الرياض في الليل أو صورة ورود أو زهور، كما اعتدنا سابقا.
إن نقل الأحداث التي حصلت في تلك المباراة هو درس لكل من تسول له نفسه أن يقترف مثلما اقترف لاعبو ومدربو وإداريو نادي الجبلين أن الكاميرا ستفضحهم على الملأ، وهذا طبعا علاج من ضمن العلاجات لمثل هذه الممارسات، ولكن دعوني أبحث عن أسباب ما حدث في تلك المباراة، فأقول إن أهم الأسباب هو اعتقادهم أنهم في مأمن من العقوبة قياسا بأحداث سبقت لهم ولغيرهم، وإن حدث وطُبقت عقوبة عليهم أو على غيرهم فسرعان ما ترفع لسبب أو لآخر، إما لفوز المنتخب وإما لتحقيق ناد من الأندية بطولة قارية، لذلك أصبح الوسط الرياضي ومن تجارب سابقة يعرف متى سترفع العقوبات قبل رفعها. لعل التسامح الدائم من القيادة الرياضية مع المخالفين قد جرأ الكثير لارتكاب المخالفات. لعل ما شاهدته في تلك المباراة دليل على أن من قام به أمن من عقوبة رادعة وإلا لما شاهدنا الكل يشارك فيها، فهي لم تكن غلطة لاعب أو لاعبين، بل ناد كامل بكل أجهزته، بما فيها الجمهور.
لقد أخذ الجميع في نادي الجبلين راحتهم في ذبح الرياضة وسط تفرج وبرود تام من رجال الأمن قليلي العدد والعدة. لقد كانت قدرة الحكم على الجري السريع أكبر العوامل المساعدة له في النفاذ بحياته من بطش لاعبي الجبلين، لكنه للأسف وقع في أيدي جماهيره التي لم توفر العقل والأحذية وكل ما طالته أيديها لكي تمارس ضده كل أنواع الاعتداء السافر.
بعد هذا الذي حدث أمام الملأ نأمل أن تخرج علينا قرارات بحجم الحدث الذي حصل، ونأمل ألا تكون اللجنة المشكلة للتحقيق في الذي حصل مثل اللجان التي تشكل عند حدوث حدث ما تدخل في تفاصيل فرعية. ما عُرض على القناة الرياضية دليل دامغ لا يحتاج إلى تحقيق، كما آمل ألا تخرج علينا قرارات بغرامات مالية وهو ما اعتدنا عليه أخيرا، فالمال لا يصلح الأخلاق ولا يوقف مثل هذه الممارسات. مضى علينا وقت ليس بالقصير لم نسمع عن شطب ناد من الأندية من خريطة كرة القدم في بلادنا، فالذي حصل قام به منسوبو ناد وليس شخصا أو شخصين.
إن الرياضة في بلادنا تواجه تيارات لا تريد لها البقاء، فعلينا جميعا أن نتكاتف لنبذ هذه العناصر التي تسيء إليها، عندها نستطيع أن نرفع رؤوسنا كمنتسبين لهذا الوسط. ما أخشاه أن تكون نتائج المنتخب في كأس العالم المقبلة فرصة لعودة من تسبب في هذه الأحداث إلى الوسط الرياضي مرة أخرى، عندها فإنني سأقول إن سلامة رياضتنا من مثل هذه العناصر أهم من نتائج المنتخب الإيجابية في كأس العالم، فدعونا نفرح بالمنتخب في ألمانيا ونفرح أيضا بتخلص رياضتنا ممن أساء إليها.