التطرف .. له فن!

<a href="mailto:[email protected]">a4sas@yahoo.com</a>

في الغرب حكاية أخرى..
في الغرب لا تزال هناك مساحات إعلامية شاسعة لأصناف من المغالطات "الانتقائية".
وفي الفنون أنماط من التطرف عرفها النقاد والأدباء منذ اتصال الإنسان باللغة وأدوات التعبير الأخرى، وهذا التطرف لم يكن حكراً على الغرب دون سواه، بل طال عددا من ممارسي الأدب والفنون في أجناس بشرية متنوعة، ولم يختلف الغرب عن غيره تاريخيا سوى في احتوائه لتلك الأنماط وإشاعة نتاجهم خوفاً غوغائيتهم.. والتعاطي مع ممارسيه كدرب لمآرب توسعية معلومة.
ولتقريب ملامح المسألة أكثر، يمكن لنا أن نستعيد ما في الثقافة العربية من تطرف "للنمذجة"، فكثير من متذوقي الفن والأدب لدينا عرفوا أنماطاً من التطرف الأدبي والفني ولكنه لا يتعدى حدود العلاقة بالذات أو بذات أخرى من نفس النمط والدرجة، وكان مكفولاً لهذه الأنماط حرية الإشاعة والوصول. وهناك أمثلة كثيرة منها ما يلي:
عنترة تطرف في تجريع فحولته للعرب .. قيس كان متطرفاً في عشقه ..
المتنبي تطرف في شعره، ألم يقل: "أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي .. وأسمعت كلماتي من به صمم"، وكل هذا يقال في عصر كان الحاكم فيه خليفة للمسلمين! المعري .. أبو نواس .. وغيرهم.
وبعيداً عن الطمأنة، هل جرب أحد أن يطلب من محركات البحث في الإنترنت أن تبحث له عن كيرت ويسترجارد Kurt Westergaard، والاسم هو لممتهن الرسم الذي أساء لنبي وصاحب رسالة سماوية، جربوا البحث ولن تجدوا نتائج سوى فيما يتعلق بتداعيات ما بعد نشر الرسوم، وللحقيقة من وجهة نظر فنية يتصف رسامو الأعمال المسيئة الـ 12 بتدني مستوى الموهبة لحدود "الشف" مع فقر واضح في الثقافة بالآخر، والمتابع للأمر يجد أن فناني التطرف الغربيين استنفروا لإرضاء آمرهم فلم يجدوا أمامهم ما ينهلوا منه سوى كاريكاتيرات السبعينيات من القرن الـ 20 إبان احتدام الحرب الإعلامية الأمريكية على إيران وثورتها، فمن قال لهم إن محمد عليه الصلاة والسلام كان يرتدي عمامة سوداء. وعباءة سوداء هي الأخرى؟ ومن هنا يأتي تأكيد جديد على "صنفية" ممتهني الرسم أولئك وذلك من خلال ما أبرزوه من فهم "مظهري" للثقافة الإسلامية والمسلمين!!
كنت قلقاً في وقت سبق من محاولة عدد من الإعلاميين العرب التأكيد على كون فن الكاريكاتير يجرح ولا يدمي، وفي هذا تعميم بعيد عن المهنية وإعداد العدة لكون الممارس لهذا الفن في نهاية المطاف .. إنسان.
من هنا، وإذا اتفقنا على تدني موهبة من رسموا وجهلهم بثقافة الغير وتبنيهم للتطرف من خلال الممارسة الفنية، فهل هناك من مبرر للرد بعيداً عن المطالبات الرسمية بالاعتذار وآلية المقاطعة؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي