ماذا لو انهارت سوق الأسهم؟ وما مدى جاهزية منظومة السوق؟
طالعتنا صحيفة "الاقتصادية" قبل يومين بخبر عن تعليق أعمال التداول في بورصة طوكيو نتيجة تلقيها أكثر من أربعة ملايين أمر بيع في فترة وجيزة، ما أدى إلى انهيار نظام التداول. يحمل هذا الخبر في طياته رسالة تحذيرية مضمونها أن أي سوق للأسهم ليست بمنأى عن أحداث شبيهة بما حصل في طوكيو أو أي أحداث أشد منها، والشواهد التاريخية كثيرة في هذا الخصوص.
انطلاقا من مبدأ "السعيد من اتعظ بغيره"، يسلط هذا المقال الضوء على سوق الأسهم السعودية من زاوية احتمالات حدوث ما هو أشد، ولا سيما أن سوقنا الناشئة (بخلاف سوق طوكيو الأكثر نضجاً) تمثل أرضية خصبة لمثل هذه الأحداث، وهذا أمر طبيعي في الأسواق الناشئة، فهي تعيش فورة ملحوظة ولا بد من تقبل حقيقة أن هذه الفورة لا بد أن تهدأ بشكل أو بآخر. وبالتالي يجب أن تتوحد الجهود نحو تحجيم التداعيات والآثار المحتملة لمثل هذا الأمر من خلال الاستعداد المبكر.
منذ أن بدأت النقلة النوعية لسوق الأسهم السعودية، وشؤونها تحتل الصدارة في قائمة اهتمامات المجتمع والتقارير والكتابات الاقتصادية، لدرجة أدخلت عامة الناس في حالة من الذهول بين مصدق ومكذب لحجم العوائد التي قد يجنيها الفرد من الانضمام إلى قائمة المتعاملين بالأسهم. كما تساور البعض الشكوك حول ما إذا كانت السوق ستستمر في انطلاقتها، حيث نجد المتفائل الذي يرى أن ماكينة السوق ما زال أمامها متسع من الوقت لتقدم الكثير (وأحسب نفسي منهم)، وبين متشائم يرى أن مرحلة "الهبوط الكبير" أضحت قريبة مستنداً في رأيه إلى بوادر التراجع في أداء المؤشر من وقت لآخر. وكما هي العادة في قضايا الاقتصاد، فإن مساحة الاختلاف غالباً ما تكون شاسعة والتضاد في الآراء أمر وارد.
يتفق المحللون على أن السوق تعيش ما يسمى حالة "الفقاعة"، وهذا أمر لا أرى فيه شك، حيث إن كل المؤشرات تدل على ذلك. وإذا كنا نؤمن بحالة فقاعة الأسهم، فيجب أن نؤمن أيضاً بأن هذه الفقاعة ستنفجر يوماً ما. لنتعامل مع هذه القضية كحقيقة لا بد منها، ونصرف جزءا من اهتمامنا وتركيزنا إلى دراسة ما إذا كنا نحن ومؤسساتنا ذات العلاقة بالسوق جاهزون للتعامل مع حالة الانفجار (انهيار السوق) أيا كانت حدتها، وما التداعيات المتوقعة لهذا الانهيار على الاقتصاد الوطني. يسلط هذا المقال الضوء على توقيت الانهيار، والتداعيات المتوقعة، وما يجب توخيه لتفادي بعض الآثار السلبية.
هل بالإمكان التوقيت للانهيار، وهل هو قريب أم بعيد؟
في عقيدة الاقتصاديين، لا يمكن بأي حال من الأحوال التنبؤ بشكل دقيق بما ستؤول إليه حال السوق أو حال سهم ما في المدى الطويل، ومن قال غير ذلك فقد دخل دائرة "الكفر الاقتصادي". وما يدلي به المحللون بين فترة وأخرى قد لا يتعدى كونه تعبيرا عن أحاسيس تتحكم فيها طبيعة الشخص التفاؤلية والتشاؤمية. ويبقى التنبؤ المشروع والعقلاني هو ذلك الذي يسعى نحو رسم إطار لاحتمالات الاتجاهات المستقبلية للسوق وربطها بمعطيات معينة دونما سعي نحو تحديد رقمي لتلك الاتجاهات، والاكتفاء بوضع احتمالات لحدود دنيا وعليا. أما التنبؤ على المدى القصير(سنة أو اقل) فهو أمر له أدواته المقبولة إلى حد ما، ولكننا لسنا بصدد الحديث عن المدى القصير في هذا المقال.
دعونا نحاول أن نرسم إطاراً للاتجاهات المستقبلية للسوق في ظل بعض المعطيات بهدف تقديم احتمالات حول مدى قرب انهيار السوق من عدمه. من يلقي نظرة مجردة على أداء مؤشر السوق خلال السنوات الأربع الماضية، سيجد أن هناك مكونين رئيسيين لحركة المؤشر، أولهما التذبذب اليومي volatility، والآخر الاتجاه العام للمؤشر Trend (فضلاً أنظر الشكل رقم 1). بالنسبة للمكون الأول (التذبذب) فهو خاصية ملازمة لأي سوق للأسهم وإن اختلفت حدتها من سوق لأخرى. أما الاتجاه العام للمؤشر فاختلاف الأسواق حوله يكاد يكون أكثر بروزاً، فالأسواق الناشئة عُرفت بحدة إيجابية للاتجاه العام أكثر من الأسواق الناضجة، كما أن شكل هذا الاتجاه عند الدخول في حالة الفقاعة يختلف عنه في حال الخروج منها أو عند استقرار السوق لفترة طويلة نسبياً.
إذا دخلت السوق حالة الانهيار، فإن الاتجاه العام للسوق سيصاب بحالة من "الانتكاس"، أما التذبذب فربما يستمر بالوتيرة نفسها، أو أقل بعد حالة الانتكاس. وهذا يقودنا إلى نتيجة مفادها أنه ليس من الملائم الاعتماد على التذبذب كمعيار للتنبؤ بحالة الانهيار، بل يجب التركيز بشكل أكبر على ما قد يصيب مسببات (محددات) الاتجاه العام للسوق كمعيار لاستقراء الأحداث المستقبلية المحتملة للسوق. ولعل من أبرز مسببات الاتجاه العام التصاعدي للسوق خلال السنوات الأخيرة ما يلي:
* أسباب هيكلية: وهي تلك الأسباب المتعلقة بهيكل السوق، فالسوق كانت ومازالت صغيرة نسبياً مقارنة بحجم السيولة المتاحة للمتعاملين. بمعنى أن القدرة الشرائية للأفراد والمحافظ الاستثمارية تتجاوز إلى حد كبير القدرة الاستيعابية للسوق. بعيداً عن أنواع التحليل المستخدمة سواءً الأساسي أو الفني، أرى أن قوى العرض والطلب كفيلة بقراءة الاتجاه العام للسوق، فإذا وضعنا سوق الأسهم في ميزان المقارنة مع سوق السلع (حيث السهم سلعة كغيره من السلع) نجد أن هناك رغبة كبيرة في شراء عدد محدود معروض من الأسهم، وبالتالي فالطلب يتجاوز العرض بدرجة ملحوظة تبرر الارتفاعات المطردة لأسهم الكثير من الشركات. وحتى يبدأ الاتجاه العام للسوق مرحلة الانتكاس يجب أولاً أن يصل إلى القمة، وهذه القمة ما زالت بعيدة نسبياً نتيجة أننا ما زلنا في انتظار تحولات هيكلية جديدة للسوق خلال المديين المتوسط والطويل. فالطريق ما زال أمام المزيد من الإدراجات، قد تسهم في زيادة المعروض من الأسهم حتى تصل إلى مستويات مكافئة للطلب المتزايد أصلاً. كما أن هناك تحولات هيكلية من نوع آخر تقودها استراتيجية التخصيص التي رسمت خطة الطريق لدخول شركات وقطاعات جديدة لا بد أن ترمي بمراسيها في سوق الأسهم (ويقف قطاع الاتصالات شاهداً على ذلك، حيث شكل إضافة جوهرية للسوق). من هنا، أرى أن استراتيجية التخصيص في حال تفعيلها ستشكل أداة تثبيط لأي احتمالات انهيار قريبة نظراً لأن تطبيقها سيحتاج إلى سنوات عدة، وفي حال حدث الانهيار، فإنها ستعمل كأداة إنقاذ للسوق. خلاصة هذه الجزئية، أن الفقاعة نشأت نتيجة الطبيعة الهيكلية للسوق، وحتى تنفجر الفقاعة يجب أولاً أن تتغير هذه الهيكلية، وتغير هذه الهيكلية بحاجة إلى سنوات عدة.
* أسباب تنظيمية: كانت سوق الأسهم مهمشة نسبياً وتفتقر إلى التنظيم الحقيقي حتى عام 2001 عندما تم تدشين نظام تداول، الذي سهل بدرجة كبيرة عملية بيع وشراء الأسهم. وفي عام 2003 كانت النقلة الحقيقية للسوق بصدور نظام السوق المالية، الذي تطلب إنشاء هيئة السوق المالية كمشرف على أعمال السوق ومطبق لنظامها، وما تلاها من صدور اللوائح التنفيذية للنظام. ومن المنتظر أيضاً ظهور مؤثرين جدد في السوق وعناصر كانت شبه غائبة تتمثل في شركات الوساطة والخدمات المالية. وفي خطوات أخرى متوقعة على المدى الطويل، ربما يأخذ التنظيم منحى آخر من خلال إنشاء سوق مالية مستقبلية Forward Market. خلاصة هذه الجزئية، أن النواحي التنظيمية للسوق خلال السنوات الماضية كانت سبباً في نشوء الفقاعة، وبالتالي فإن التطورات التي ستمر بها العملية التنظيمية للسوق خلال السنوات المقبلة كفيلة بتأخير انفجار الفقاعة كونها (أي العملية التنظيمية) بحاجة لعدة سنوات حتى تكتمل.
* مستوى الوعي الاستثماري: عندما سهلت عملية التداول، وبدأ الإقبال على التعامل بالأسهم، لم يكن الكثير من فئات المجتمع على إدراك تام بالسوق وآلية عمله. وبالتالي كان الشراء عشوائياً في أغلب الأحيان، ومع ازدياد وتيرة الدخول إلى السوق كان للعشوائية تأثير في تضخيم أسعار بعض الشركات. ولن يتوقف التضخيم، حتى يتطور إدراك المتعاملين في السوق عند اتخاذ القرار بالبيع أو الشراء. من الملحوظ أن هناك تطورا في حالة الإدراك (أو الوعي) ولكن ما زالت هناك فئات بحاجة لجرعات إضافية. خلاصة القول هنا، أن العشوائية في اتخاذ القرارات نتيجة تدني مستوى الوعي الاستثماري نفخت يسيراً في تلك الفقاعة، وبالتالي فإن دوره (أي الوعي الاستثماري) في مرحلة الانتكاس سيكون متأخراً نتيجة أن المستوى المطلوب من النضج الاستثماري بحاجة إلى سنوات حتى يتطور ليحد من تضخم الأسعار.
أين سيقف المؤشر؟
يتردد من وقت لآخر أن المؤشر ربما لا يستطيع اختراق حاجز ما (لنقل 21 ألف مثلاً). في الحقيقة أن المؤشر ترجمة حسابية لحال السوق، بالرغم من تأثيراته النفسية غير المبررة على المتعاملين. وما هو في الأصل سوى معادلة حسابية بسيطة تعتمد في تقديرها على تغيرات القيمة السوقية للشركات المدرجة والتغير في أسعار أسهمها بالاعتماد على سنة أساس. وكون المؤشر قادرا (أو غير قادر) على اختراق حاجز ما فهذا لا يعد معياراً أيضا لتوقيت انفجار الفقاعة. وليعلم القارئ الكريم أن 60 في المائة تقريباً من التغيرات في حركة المؤشر تأتي نتيجة التغيرات في أسعار خمس شركات فقط (هي سابك، الاتصالات، الراجحي، كهرباء السعودية، وسامبا). كما يجب أن يعلم القارئ الكريم أن هناك مؤشرات أسواق للأسهم تجاوزت أرقاماً لم تكن يوماً تخطر ببال أحد. على سبيل المثال لا الحصر، أغلق مؤشر الأسهم المصرية تعاملات عام 2005 عند 59.278 نقطة، ومؤشر الأسهم التركية عند 41.905، ومؤشر الأسهم البولندية عند 38.091، ومؤشر الأسهم البرازيلية عند 35.952، وهذه المؤشرات في أغلب الظن تستخدم الطريقة الحسابية المستخدمة في حساب مؤشر سوق الأسهم السعودية نفسها. خلاصة القول هنا، أن الخوف من أرقام المؤشر غير مبرر.
ماذا لو انهارت السوق؟
كما ذُكر أعلاه، إن تراجع أداء السوق ودخوله مرحلة من الانتكاس أمر حتمي لا بد أن يقع بغض النظر عن حدة الانتكاس. وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه ليس هناك أمر أعقد من أعمال الخدمات المالية، وإدارتها أمر ليس بالهين وذلك لشدة الآثار الناجمة عن وقوع خطأ تنظيمي أو تنفيذي، لهذا لا يستغرب القارئ الكريم إذا قيل له إن المسؤولين عن الخدمات المالية سواءً كانوا منظمين، أو منفذين، أو ممارسين، هم من أشد الناس حذراً. وعند الحديث عن احتمالات الانهيار، وبناء على التعقيد الوارد الذكر فإن التداعيات لن تكون بالهينة. وبالتالي يجب العمل على مكافحة الأسباب التي قد تزيد من حدة هذه التداعيات.
فعندما ينهار السوق، ستقف البنوك وشركات الوساطة والخدمات المالية (مستقبلاً) كخط الدفاع الأول أمام الانهيار. فإذا افترضنا ظهور بوادر انهيار السوق سواءً بشكل مفاجئ أو تدريجي، فمن المتوقع أن تدب موجة من الذعر بين المتعاملين ربما تدفعهم إلى اتخاذ قرارات بيع "هستيرية"، فهل أنظمة التداول الموجودة لدى البنوك، وشركات الوساطة جاهزة للتعامل مع كم هائل من أوامر البيع؟ حالياً، أثبتت البنوك التجارية ضعفاً ملحوظاً في كفاءتها لمواجهة هذه المشكلة، والشواهد كثيرة يعرفها جل المتعاملين في السوق (ولا مجال هنا للمزايدة)! ويبقى الأمل بأن تسعى هذه الجهات نحو تطوير نظم التقنية لديها، وإخضاعها للاختبار؟
في المقابل، إذا افترضنا أن حالة الذعر الهستيرية وصلت إلى الحد الذي قد يدفع الكثير من الناس إلى سحب أموالهم من البنوك ظناً منهم أن ثمة كارثة ستصيب الاقتصاد (ربما نظراً لتدني الوعي)، فهل البنوك جاهزة لهذا الأمر؟ يظهر الشكل رقم 2 متوسط حجم النقد (السيولة) الذي تحتفظ به البنوك في خزائنها (بما في ذلك ما تحويه أجهزة الصرف الآلي) مقابل الحد الأقصى لحجم الصفقات اليومية التي تتم في سوق الأسهم خلال عامي 2004 و2005. في الحقيقة، إن حجم النقد الذي تحتفظ به البنوك في خزائنها يمثل الحد الطبيعي ويتوافق مع المعايير الدولية المتوخاة لضمان استغلال البنوك لمواردها الاستغلال الأمثل وللسيطرة على مخاطر السيولة. ولكن إذا افترضنا حدوث الانهيار، فهي بلا شك حالة غير طبيعية، ويتطلب الاستعداد لها الخروج عن الإطار الطبيعي للاحتفاظ بالنقد. لتقريب الصورة، بلا شك أن قيمة الصفقات اليومية ستتجاوز مستقبلاً الأرقام التي يظهرها الشكل 2، لنقل إن حجم الصفقات قد يصل إلى 50 مليار ريال يومياً، في ظل سيناريو الانهيار وبافتراض أن 30 في المائة فقط من المتعاملين تمكنت منهم حالة الذعر ولجأوا إلى سحب أموالهم من البنوك، وفي ظل احتمال أسوأ كأن تنتقل العدوى لمن هم خارج السوق فإن النظام البنكي قد يصاب بحالة من الشلل المؤقت ويستفرغ ما لديه من سيولة وبالتالي قد يتطلب تدخل مؤسسة النقد العربي السعودي لتلاشي دخول النظام المصرفي في ما يسمى حالة نضوب السيولة المؤقت cash - out. الحديث هنا عن أسوأ الاحتمالات التي نتمنى ألا نصل إليها، ولكن هذا لا يمنع أن يؤخذ الأمر في الحسبان، مع العلم أن الولايات المتحدة الأمريكية مرت بالسيناريو نفسه خلال فترت الكساد العظيم في نهاية العشرينيات الميلادية من القرن الماضي.
ماذا عن التداعيات على مستوى النمو الاقتصادي؟
هناك الكثير من الاقتصادات التي مرت أسواقها المالية بحالة من الارتفاع المطرد يتلوه انهيار ملحوظ، ومن أبرزها الاقتصاد الأمريكي، والاقتصاد الياباني. في حالة الاقتصاد الأمريكي، كانت وطأة الانهيار لحظية نسبياً فيرى بعض المحللين أن أثرها على الاقتصاد الأمريكي لم يتجاوز ثمانية أشهر نتيجة لمرونة الاقتصاد الأمريكي وانتعاش قطاعات أخرى من الاقتصاد، وحصافة السلطات النقدية في التعامل مع الوضع. وعلى النقيض من ذلك، كان لانهيار السوق المالية اليابانية في بداية التسعينيات وقع أشد على القطاع المالي وعلى الاقتصاد بأجمله، حيث ترى بعض الدراسات أن الانهيار أدى إلى إفلاس الكثير من المحافظ الاستثمارية، وعدم قدرة المقترضين على السداد، واستمر التأثير حتى منتصف التسعينيات عندما أعلنت ثلاث مؤسسات مالية رائدة إفلاسها، ومازال الاقتصاد الياباني يعاني حتى هذه اللحظة من تراجع في أداء القطاع المالي بأجمله، إضافة إلى أسباب اقتصادية أخرى.
أما على مستوى الاقتصاد السعودي، فالاعتماد الملحوظ على إنتاج النفط قد يحمي الاقتصاد السعودي من الركود في حال كانت الأوضاع في السوق النفطية إيجابية. وقد ينحصر التأثير على النمو الاقتصادي من خلال حالة من الركود قد تصيب الخدمات المالية، التي لا تتجاوز مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي حالياً 6 في المائة. بالطبع كل البوادر تشير إلى أن هذه النسبة قابلة للزيادة مستقبلاً، إلا أنها ستبقى في الحدود الدنيا مقارنة بمساهمة القطاع النفطي والقطاع الخاص غير النفطي (في ظل استمرار النمو في مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي). كما تأتي بقية الآثار من تدن في مستوى الإنفاق الاستهلاكي الخاص. وهذا يعني أنه في ظل حالة الانهيار المحتملة للسوق، سيكون الاقتصاد السعودي إجمالاً بمنأى عن الدخول في حالة من الكساد أو الركود طويل الأجل - لا سمح الله.
الخلاصة
إن مرور سوق الأسهم السعودية بحالة من الانهيار (أو التراجع الحاد) أمرٌ وارد ما دام أن هناك اعتقادا بأنها الآن تعيش حالة الفقاعة. غير أن الدلائل تشير إلى أن احتمالات الانهيار غير واردة في الأفق القريب لأسباب عدة منها ما له علاقة بهيكلية السوق والتطورات التي سيمر بها مستقبلاً، وأسباب أخرى تنظيمية وتوعوية. وفي حال خالفت السوق هذه التوقعات، فإن هذه المعطيات الهيكلية والتنظيمية كفيلة بالتصدي للانهيار وانتشال السوق من تلك الحالة.
بالرغم، من أن الدلائل تشير إلى أن التأثيرات قد تكون طفيفة على الاقتصاد الحقيقي، إلا أن هناك ضرورة ملحة لأن يلبس المسؤول قبعة المواطن لدراسة احتمالات ردود أفعال أولئك المواطنين، ويضع المعايير اللازمة للسيطرة على أي حالة هلع قد يكون لها آثار سلبية على التعامل في السوق (ومن منا لم يسمع عن حالات سكتات قلبية لمواطنين في صالات الأسهم جراء انخفاضات ربما تكون عادية نسبياً)..
وبالتالي فالدعوة هنا إلى وضع خطة لمواجهة احتمالات الانهيار disaster plan، والاستفادة من تجارب الاقتصادات التي مرت بمثل هذه المراحل.. كما يجب إخضاع أنظمة التداول لدى البنوك إلى تجربة تمحيصية عالية المعايير، وكذلك مراجعة معايير احتفاظ البنوك بالنقد لمواجهة الحالات الاستثنائية حتى تستمر هذه السوق في إدرار الرزق الحلال في جيوب مواطني هذا البلد المعطاء.