في ظل تضخم المؤشر والسيولة.. كيف نحمي السوق؟

بعد إجازة عيد الفطر المبارك افتتح المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية عند مستوى 15616.65 نقطة, والآن مع إغلاق الفترة الصباحية ليوم أمس أغلق عند مستوى 16527.71 نقطة, بذلك يكون المؤشر قد ارتفع بما يقارب 1000 نقطة خلال أقل من شهر. واستمرار السوق بالارتفاع وهذه القوة من خلال القطاع البنكي وخاصة شركة الراجحي المصرفية يضع الكثير من التساؤلات التي يجب أن تناقش. ويجب أن نؤكد أن سهم "الراجحي" والقطاع البنكي هو استثماري بالدرجة الأولى وأفضل القطاعات الاستثمارية كأرباح ونمو وتوسعات وزيادة رؤوس أموالها.
والمشكلة التي نريد هنا نقاشها وطرحها, أن أسهم القطاع البنكي و"الراجحي" على الأخص بعد مرحلة الارتفاعات القياسية وبكميات قليلة وهو شيء منطقي, أبقى بقية الشركات في حالة تذبذب سعري أو منخفضة الأسعار وأثر بصورة مباشرة في كثير من الشركات. ونحن هنا لسنا بصدد أن نناقش انخفاض الأسعار أو الارتفاع فهي وفق قانون العرض والطلب, ولكن المشكلة الرئيسية هي أن ارتفاع أسهم البنوك و"الراجحي" خصوصا, أعطى قوة للمؤشر العام بالارتفاع لأرقام قياسية في ظل انخفاض بصورة عامة على بقية القطاعات, وهذه نتيجة مضللة للمؤشر فهي لا تعكس الحركة السعرية الحقيقية للسوق. فلو استمر سهم "الراجحي" وعلى فرضية استمرار سهم "سابك" في الارتفاع أيضا, سيكون المؤشر محلقا بلا تراجع حتى وإن انخفضت بقية أسهم السوق ككل مع تحييد سهمي "الاتصالات السعودية" و"الكهرباء".
ما يحدث في المؤشر العام الآن تضليل واضح لقراءة السوق, فحركة المؤشر لا تعكس الحركة الفعلية للسوق, ويجب لحل هذا الوضع تجزئة السوق قبل تجزئة الأسهم, وكان قرار الهيئة الذي أعلن عنه أخيرا بإنشاء سوق ثانوية إيجابيا لحد كبير ولكن من المهم الإسراع بهذا الاتجاه بكل سرعة ممكنة. يجب أن نقرأ وضع السوق برغم القراءات المتوقعة بالاستمرار بالارتفاع وأن كل المؤشرات إيجابية إلا أننا نلحظ تضخم الأسعار غير المنطقي في ثلثي شركات السوق, وسبق أن كتبنا عن هذا الارتفاع القياسي للأسعار, وأن ما يحدث شيء خطير في ظل ارتفاع للمؤشر العام بقيادة البنوك ودون أي تفسيرات وتبريرات لهذا الارتفاع. فأصبح هناك تضخم في المؤشر سريعا جدا وأكثر من المتوقع برغم أن المؤشرات تشير إلى الارتفاع, وأيضا ارتفاع أسهم البنوك الاستثمارية, فلو نظرنا مثلا إلى مكررات أرباح سهم "الراجحي" الآن يقارب 90 مرة فهل يعني أنه غير مجد, بالطبع لا, لأن الشركة قد يكون لديها خبر استثنائي أيا كان. ولكن المكرر مرتفع في ظل الظروف الطبيعية والاعتيادية, ويجب أن ندرك أن مكررات أرباح البنوك في كل الأسواق العالمية مابين 15 إلى 20 مرة, وهذا ليس موجودا لدينا بالطبع وهذا مؤشر خطير جدا.
ما يحدث من ارتفاع للمؤشر بصورة متسارعة وكبيرة وأسرع من الصوت هي مؤشرات غير إيجابية وسلبية, وفي الوقت نفسه استمرار المضاربات بأرقام كبيرة وارتفاع أسهم شركات خاسرة بأرقام فلكية حتى أن مكررات أرباح الآن نجدها برقم ألف وألفين وبالسالب!! وهذا خطير جدا.

إذا ما هو الحل للسوق:

إن الحل في السوق لإيجاد التوازن والحفاظ على أموال صغار المستثمرين يجب أن يتم بأسرع وقت ممكن, وحتى لا تحدث كارثة لا سمح الله من هذا التسارع الغير مبرر بهذه الوتيرة غير المنطقية أن تجدول الدولة أسهمها في "سابك" و"الكهرباء" و"الاتصالات السعودية" والبنوك وغيرها بطرح مجدول على فترات زمنية محددة خلال خمس سنوات, كأن تطرح 5 في المائة من أسهم "سابك" خلال ثلاثة أشهر مقبلة وبقيمة اسمية يضاف إليها علاوة إصدار معقولة تتوازن مع وضع السوق وكذلك "الاتصالات السعودية" وغيرها. كل هذا لامتصاص هذه السيولة الهائلة الموجودة في السوق وحتى تحد من المضاربات الكبيرة التي تتم والتي أوصلت حجم التداول يوميا إلى ما يزيد على 25 مليار ريال, هذه الجدولة للأسهم يفترض أن تقلص السيولة بالسوق ويوضع هدف أولي مثلا لسحب 20 مليارا من السوق خلال ثلاثة أشهر, وهكذا حتى يوجد توازنا في السوق. وستستفيد الدولة من هذه الأموال في سداد الدين العام أو تكوين احتياطيات وغيرها. يجب أن تتم هناك إدارة للمخاطر المتوقعة للسوق وبرغم كل حجم التفاؤل, ويجب إيجاد فرص أكبر في السوق من خلال ضخ المزيد من الأسهم والشركات التي تطرح للاكتتاب جديدة أو ما سيتم أدارجه وهي مسؤولية الشركات لا الهيئة.
كذلك أهمية تقليص القروض البنكية لغرض المضاربات برغم صعوبة ذلك واستمرار التوعية بصورة لا تتوقف, أعتقد أن الجميع مسؤولون عما يحدث في سوق الأسهم السعودية وعلينا إدراك ما يحدث, ونحن نكتب هنا وننبه لما يفترض أن يتم, وإن كان هناك أي ملاحظات يجب على الجهات الحكومية التفاعل مع الحدث في السوق والمستثمرين وما يكتب. نحن هنا لا نقول هيئة السوق المالية بل نقول مسؤولية الجميع, المجلس الاقتصادي الأعلى, الإعلام بجميع وسائله, والكتاب, ووزارة المالية من خلال صندوق الاستثمارات العامة, ووزارة التجارة وهيئة السوق المالية.
يجب أن ندرك أننا أمام سوق يتداول بها 2.5 مليون مستثمر نساء ورجالا كبيرا وصغيرا, وهي شريحة كبيرة جدا. يجب إدراك أي عواقب ستحدث فيما لو حدث ما يمكن توقعه و تصوره ليس غدا ولا بعد الغد أو شهر أو شهرين ولكن ستكون نتيجة حتمية حقيقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي