تمديد أجل الشركة ذات المسؤولية المحدودة بين النظام ونموذج العقد
تعد الشركة ذات المسؤولية المحدودة الأكثر انتشارا في المملكة، لأنها تجمع بين الاعتبار الشخصي الذي تقوم عليه شركات الأشخاص "أي شركات التضامن والتوصية البسيطة"، والاعتبار المالي الذي تقوم عليه شركات الأموال "أي شركة المساهمة"، فهي تشبه شركات الأشخاص، لأنها تتكون من عدد قليل من الشركاء لا يزيد على 50 شريكا ويحظر عليها ممارسة أعمال التأمين والادخار والبنوك، كما لا يجوز أن تكون حصص رأس المال ممثلة في صكوك قابلة للتداول، وهي تشبه شركات الأموال من حيث تحديد مسؤولية كل شريك فيها ديون الشركة بمقدار حصته ومن حيث طريقة إدارتها والرقابة عليها.
ولقد نظمت أحكام الباب السابع من نظام الشركات الشركة ذات المسؤولية المحدودة فأوجبت المادة 161 من نظام الشركات السعودي بأن يشتمل عقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة على بيانات يحددها وزير التجارة، على أن يكون من بينها بيانات حددتها المادة المذكورة أعلاه، على سبيل الحصر، منها تاريخ بدء الشركة وتاريخ انتهائها، أي أن نظام الشركات ترك للشركاء حرية تحديد مدة الشركة في ضوء تقديرهم للأعمال والأنشطة التي تزمع الشركة مزاولتها، وجرى العمل على أن تبدأ مدة الشركة من تاريخ قيدها في السجل التجاري، لأنه من تاريخ هذا القيد تكتسب الشركة الشخصية المعنوية وتستطيع مباشرة أعمالها وأنشطتها باعتبارها شخصا اعتباريا له ذمة مالية مستقلة عن ذمم الشركاء.
وطبقا للبند الأول من المادة 15 من نظام الشركات، تعد الشركة منقضية بقوة النظام بعد انتهاء مدتها المحددة في عقد التأسيس، ومن ثم تدخل الشركة في طور التصفية طبقا للقواعد والأحكام المنصوص عليها في الباب الـ 11 من نظام الشركات.
وقد يتم تمديد أجل الشركة تلقائيا لمدة تماثل مدتها الأصلية إذا أجاز عقد الشركة ذلك، فإذا لم ينص العقد على تمديد أجل الشركة تلقائيا فإنه يتعين في حالة رغبة الشركاء تمديد الأجل اتخاذ قرار من قبلهم بتعديل عقد الشركة قبل انقضائها يتضمن تمديد مدة الشركة.
وطبقا للمادة 173 من نظام الشركات السعودي ينبغي أن يتم هذا التعديل بموافقة أغلبية الشركاء الذين يمثلون ثلاثة أرباع رأسمال الشركة ما لم ينص عقد الشركة على غير ذلك، أي ما لم ينص عقد الشركة على أغلبية أكبر، كما ينبغي تسجيل وإشهار قرار الشركاء الخاص بهذا التعديل بالإجراءات ذاتها الواجب اتباعها بشأن تسجيل وإشهار عقد الشركة.
جدير بالذكر هنا أن وزارة التجارة والصناعة وضعت نموذجا لعقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة، وهو وإن كان غير ملزم نظاما، إنما للاستئناس والاسترشاد، إلا أن بعض المختصين في الوزارة يعدونه ملزما، وتضمن هذا النموذج حسب آخر تعديلاته مادة حول مدة الشركة جاء نصها كما يلي: "تأسست الشركة لمدة ...... سنة/ سنوات تبدأ من تاريخ قيدها بالسجل التجاري وتجدد لمدد أخرى مماثلة ما لم يخطر أحد الشركاء برغبته في عدم الاستمرار ويكون ذلك قبل نهاية المدة الأصلية بستة شهور على الأقل بخطاب مسجل على عنوان الشريك الآخر".
وفي تقديري أن هذا النص معيب، لأنه جعل مدة الشركة غير قابلة للتمديد إذا اعترض على ذلك أحد الشركاء أيا كان مقدار حصته في رأسمال الشركة وإبطال إمكانية مد أجل الشركة بقرار يتخذه أغلبية الشركاء وفقا للمادة 173 من نظام الشركات. وليس من العدل تجاهل رأي أكثرية الشركاء الراغبين في تمديد أجل الشركة، وأن يرهن تمديد أجل الشركة بإرادة شريك واحد قد تكون حصته في رأسمال الشركة لا تتجاوز 1 في المائة. لذلك فإن الأفضل أن تعدل صياغة النص على نحو يجيز تمديد مدة الشركة واستمرارها في حالة موافقة أغلبية الشركاء على ذلك، وأن الشريك غير الراغب في ذلك يعد منسحبا من الشركة وتصفى حقوقه وفقا لأحكام نظام الشركات وعقد الشركة.
من ناحية أخرى، فإن من الأفضل أن يتدخل المشرع السعودي فيعالج هذه المسألة بنص صريح لحماية أكثرية الشركاء من تعسف الأغلبية في هذا الشأن أسوة بقوانين الشركات في بعض الدول، منها القانون الكويتي الذي قرر ما يلي: "يكون تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة للمدة التي يتفق المؤسسون على تحديدها في عقد تأسيس الشركة، ويجوز مد هذه المدة قبل انقضائها لأي مدة أخرى بقرار يصدر من الجمعية العامة من أي عدد من الشركاء الحائزين أكثر من نصف رأس المال، فإذا لم يصدر المد المشار إليه واستمر الشركاء في القيام بعمل من أعمال نشاط الشركة امتد العقد تلقائيا في كل مرة لمدة مماثلة للمدة المتفق عليها في عقد التأسيس وبالشروط ذاتها. وللشريك الذي لا يريد البقاء في الشركة أن ينسحب منها، وفي هذه الحالة تقدر حقوقه وفقا لأحكام القانون".
بهذا الحكم فقد حمى المشرع الكويتي الشركاء الراغبين في تمديد أجل الشركة قبل انتهائه من تعسف الشركاء غير الراغبين في تمديد الأجل، بل وعدّ استمرار الشركاء في القيام بعمل من أعمال الشركة امتدادا تلقائيا وتجديدا لعقد الشركة لمدة مماثلة للمدة المتفق عليها في عقد التأسيس وبالشروط ذاتها.