ثقتنا بالادب المحلي

[email protected]

مازال عدد من القراء المحليين يهربون من الأعمال المحليّة إلى العربيّة، وبعضهم أيضاً إلى الأجنبية، ولا يريدون أن يثقوا بالكاتب المحلّي بعد، فما السبب وراء انعزال القارئ المحلي عن الكتّاب الذين من المفترض أن يكونوا أقرب المعبرين عنه؟ وعن مجمتعه المعاش حوله؟
كي نُجيب عن هذا السؤال نحتاج إلى أن نسلط الضوء على أربعة جوانب: القارئ، الكاتب، دور النشر، ووسائل الإعلام. الكاتب لدينا في المملكة العربية السعودية ما زالت تطوقه العديد من الحصارات التي تحول دون خوض التجربة وتقويتها. كما أن خلفيته المعرفية والثقافية، وثقافة "المستور والعيب "من حوله جعلت بعضهم يركز على التابو أو المحظورات أو ما يسمى المسكوت عنه لأنه بدأ يراها هي المحور الأهم في الكتابة، فجرفته إلى تيار معين، هذا إضافة إلى التاريخ المحلّي الذي لم يحتف الكاتب السعودي به ويجعله فارقاً لديه في الكتابة، ولا ننسى أيضاً التوجهات الجديدة في الكتابة وأكبر مثال عليها موضوع "الحداثة الأدبية" ومدى تقبله ورفضه من قبل العديد في مجتمعنا، كلها ظروف اجتمعت على الكاتب وأحدثت أثرا لديه في الكتابة، وهنا ننتقل إلى جانب القارئ لأنه دعي بالضرورة إلى أن يتخذ أحد الموقفين، البحث عنها لكشف الخبايا، أو نبذها بسبب "الفضائح"
التي كتبت عنها، ومع الانتشار الكبير الذي حصلت عليه هذه النوعية من الروايات، أصبحت واجهة الأدب المحلي لدى القارئ محكومة بعدم رغبته في قراءته خشية من إعادة تجربة قراءة "سطحية" مرة أخرى، فما عاد القارئ يمنح الكاتب المحلي ثقته، الأمر الذي جعل الكاتب يحتفي كثيراً بالكتابة لخشيته من عدم قدرته على إيجاد جمهور لما كتبه.
أما من جانب "الإعلام" فإننا نلاحظ أنه همّش الكثير من الأعمال الرائعة المحليّة، وتكتفي مثلاً بعض الصحف بسرد أسبوعي لقائمة بالإصدارات الحديثة، وتترك المساحة بعدها للكتاب الذين قد يقرأ أحدهم عملاً ما فيكتب عنه، أما حينما تشتهر رواية وتحدث ضجة لدى المجتمع وغالباً ما تكون من الروايات التي تحمل توجهات معارضة فإن الإعلام لا يسكت عنها.
نأتي الآن إلى دور النشر المحلية، وهنا نقف أمام موضوع كامل و"أزمة كاملة"، فما زالت دور النشر المحلية لم تعمل بشكل فعال في الوسط المحلّي، فكيف بها في العربي؟، مازال التسويق لديها ضعيفا، الجودة لديها غير جيدة كفاية وهذه مبررات لا تغري الكاتب، كما أنها مازالت تسير ضمن نسق معيّن دون أن تدرس أي وضع محلي جديد كي تكتشف مواطن الضعف والقوة لدى الكاتب والقارئ لتدخل إليهما عبره.
الأدب المحلي بحاجة بعد كل ما مر به إلى أن يمر بمرحلة تصحيح، شخصيا منذ بدأت أقرأه راهنت عليه ولا أزال، مرّ بمراحل أزمة، مرّ بمراحل انحدار في المستوى، لكن‍ه سيبدأ يوماً بمرحلة تصحيح المسار، وأنتظر هذا اليوم كثيراً.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي