استقرار الأسعار في صلب أولويات البنك المركزي الأوروبي

[email protected]

للشهر الرابع على التوالي يخسر الاقتصاد الأمريكي وظائف أخرى متأثراً بالتراجع الذي تشهده مختلف الأنشطة الاقتصادية. فقد أشارت بيانات وزارة العمل الأمريكية إلى أن الاقتصاد خسر ما يقارب 20 ألف وظيفة مما جاء بأقل من التوقعات التي قدرتها بـ 75 ألف وظيفة. وهذا بالطبع إشارة إيجابية إلى أن الركود الاقتصادي الحالي قد يكون أقل حدة من الركود الذي شهده الاقتصاد الأمريكي عام 2001 في أعقاب انفجار فقاعة الإنترنت. وبالتالي فقد انخفض معدل البطالة إلى معدل 5 في المائة في حين بلغ 5.1 بالمائة خلال الشهر الماضي. وتأتي بيانات التوظف لشهر نيسان (أبريل) الماضي بشكل أفضل بكثير منها خلال شهر آذار (مارس) الماضي الذي أظهرت البيانات المراجعة له خسارة الإقتصاد لقرابة 81 ألف وظيفة. ويتركز التراجع في عدد الوظائف في قطاعين رئيسيين هما قطاع المقاولات والصناعة، حيث تأثر الأول بشكل مباشر بأزمة الرهن العقاري أما الآخر فقد تأثر بشكل غير مباشر بأزمة الائتمان المصرفي التي ألقت بظلالها على جميع أوجه النشاط الاقتصادي. من ناحية أخرى، أشار تقرير وزارة التجارة مطلع الأسبوع الماضي إلى أن الاقتصاد الأمريكي نما بشكل متواضع خلال الربع الأول من هذا العام وبمعدل سنوي لم يتجاوز 0.6 بالمائة. وتدلل بيانات المخازن المرتفعة والتي تعكس معدل دوران البضائع بين المستهلكين والمنتجين، بالإضافة إلى مستويات إنفاق المستهلكين إلى أن النمو الاقتصادي سيستمر في التباطؤ خلال الأشهر القليلة المقبلة. أما فيما يتعلق بطلبات المصانع فقد ارتفعت بشكل غير متوقع خلال شهر آذار (مارس) الماضي، مما قد يعكس الزيادة في الطلب الخارجي على السلع الأمريكية نتيجة انخفاض الدولار، مما قد يسهم في تعويض بعض من الانخفاض في معدلات النمو نتيجة تحسن وضع الميزان التجاري. مما يعني أن سياسة الاحتياطي ووزارة الخزانة ، والتي تحبذ دولاراً رخيصاً لتحسين وضع الميزان التجاري ، بدأت تأتي أكلها ولو بشكل متباطئ. وعلى الرغم من ارتفاع طلبات المصانع إلا أن مؤشر الـ ISM الصناعي مازال منخفضاً عن مستوى التوسع الاقتصادي البالغ 50 نقطة ، حيث سجل خلال هذا الشهر قيمة بلغت 48.6 نقطة. وبلغ تأثر المستهلكين بالأزمة الاقتصادية الحالية حداً كبيراً حيث أنخفض مؤشر ثقة المستهلك إلى أقل معدلاته خلال خمس سنوات كما سجل خلال الشهر الحالي أكبر معدل انخفاض شهري منذ عام 2001. فقد انخفضت قراءة المؤشر إلى 62.3 نقطة وعلى الرغم من ذلك فقد بقيت عند مستوى أعلى من توقعات المحللين التي قدرتها بـ 62 نقطة. ويرجع المحللون هذا التراجع إلى الارتفاع الحاد في أسعار البنزين والتي تؤثر في مستويات إنفاق المستهلكين على السلع الأخرى. وفي منحى مغاير لذلك ، أظهرت بيانات إنفاق المستهلكين ارتفاعا غير متوقع بلغ 0.4 في المائة خلال شهر آذار (مارس) الماضي، لكنه يرجع بشكل أساسي إلى الارتفاع في أسعار الوقود وليس إلى الإنفاق على السلع الأخرى.
من ناحية أخرى، أنهى اجتماع لجنة سياسات السوق المفتوح بالاحتياطي الفيدرالي على الاتفاق على تخفيض آخر متوقع لسعر الفائدة بلغ 25 نقط أساس وليبلغ معه سعر الفائدة 2 في المائة. ويعد هذا التخفيض السابع والذي بدأ خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي عندما بلغ سعر الفائدة في حينه 5.25 في المائة. ويرجح الكثير من المحللين بأن هذا سيكون التخفيض الأخير في سلسلة التخفيضات التي اتبعها الاحتياطي لمواجهة أزمة الثقة التي شهدها قطاع الائتمان المصرفي، إذ لا يتوقع أن يكرر بيرنانكي تجربة سابقه آلان جرينسبان الذي خفض سعر الفائدة لتبلغ 1 في المائة واستمر على ذلك المستوى مدة طويلة مما أسهم في فقاعة قطاع الإسكان. لكن على الرغم من ذلك فلم يقطع مسؤولو الفيدرالي أي أمل بتخفيض آخر إذا دعت الضرورة لذلك ، لكن الاحتياطي يحاول موازنة مخاطر الركود الحالي مع مخاطر التضخم التي تزداد كلما ارتفع سعر النفط الذي سجل أرقاماً قياسية الأسبوع الماضي ببلوغه الـ 120 دولارا. وبدا وزير الخزانة الأمريكية هنري بولسون متفائلاً بأن أزمة قطاع الائتمان قد تجاوزت أكثر من منتصفها، الأمر الذي سيسهم في تعزيز النمو الاقتصادي خلال الفترة المقبلة.
في أوروبا حدد رئيس البنك المركزي الأوروبي سياسة البنك بأنها ستركز بشكل أساس على مكافحة التضخم واستقرار الأسعار ، ليقطع بذلك الطريق على مطالبات الحكومتين الفرنسية والإيطالية بأخذ النمو في الاعتبار. وفي هذا إشارة إلى أن البنك المركزي الأوروبي لن يحذو حذو الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة وذلك بالنظر إلى ارتفاع معدلات التضخم في منطقة اليورو والذي بلغ 3.6 في المائة الشهر الماضي، مما يعني أنه سيبقي سعر الفائدة ثابتاً على مستوى 4 في المائة والذي يعد المستوى الأعلى خلال ست سنوات. وفي بريطانيا ألقى التراجع الاقتصادي العالمي بظلاله على الاقتصاد هناك حيث يتوقع أن ينمو الاقتصاد بمعدل 1.8 في المائة فقط مقارباً في ذلك مستواه الأقل الذي بلغه في 1992 ، بينما تسارع التضخم لمستوى 3.1 وليتجاوز معدله المستهدف البالغ 3 في المائة. وكانت توقعات العام الماضي قد قدرت أن يبلغ معدل النمو هذا العام 2.4 في المائة، ثم خفضت هذه التوقعات لمعدل 2 في المائة خلال شهر كانون الثاني (يناير) من العام الحالي. وتأتي المراجعة الأخيرة لمعدل النمو كنتيجة طبيعية للتراجع في قطاعات الاقتصاد المختلفة ومن أهمها قطاع الإسكان الذي يشهد تراجعاً قوياً هذا العام. فقد تراجعت أسعار المنازل السنوية لأول مرة منذ عام 1996 نتيجة للتراجع في قروض الإسكان الممنوحة بسبب أزمة سوق الائتمان التي تعد المحفز الرئيسي للطلب على المنازل.
وفي اليابات انخفض إنتاج المصانع خلال شهر آذار (مارس) الماضي بأسرع مستوياته خلال الخمس سنوات الأخيرة. فقد خفضت المصانع إنتاجها بمعدل 3.1 في المائة بعد أن ارتفعت بشكل قياسي خلال شهر شباط (فبراير) الماضي وبمعدل 1.6 في المائة. وعلى الرغم من ذلك فقد تراجع معدل البطالة في اليابان بشكل غير متوقع إلى مستوى 3.8 في المائة من مستوى 3.9 في المائة خلال شهر شباط (فبراير) الماضي ، مما يشير إلى أن الموظفين ما زالوا قادرين على مواجهة عاصفة الركود التي يشهدها الاقتصاد العالمي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي