الاستصناع : من صيغ التمويل
في الأسبوع الماضي تحدثت عن صيغة من صيغ التمويل الإسلامي البديلة عن الطرق التقليدية للتمويل, وهي صيغة التمويل من خلال المشاركة المتناقصة, التي سيتم من خلالها تمويل بناء وقف الملك عبد العزيز رقم 2 في منطقة الحرم المكي, ورأيت من المناسب أن أشير كذلك إلى بعض الصيغ الأخرى للتمويل في المصرفية الإسلامية، التي تهدف إلى تحقيق تمويل بناء المنشآت أو توفير منتجات معينة أو حتى توفير سيولة للراغب فيها – كعقد السلم - من خلال صيغ بسيطة أو مركبة من عدد من العقود المتوافقة مع الأحكام الفقهية, وبالتأكيد فإن هذه الصيغ قد لا توفر كامل الضمانات التي توفرها الصيغ التقليدية وذلك لكونها – أي الصيغ المتوافقة من القواعد الفقهية – تتضمن مشاركة بين الممول وطالب التمويل بطريقة أو أخرى إما بالملكية أو العمل وإما أنها تتضمن طلب صنعة – كما في الاستصناع - ونحوها من الصيغ التي لا تخلو من مخاطر على الممولين, وأوجب ذلك طبيعة هذه الصيغ التي يتطلب تصميمها توزيع المخاطر بين الطرفين مع السعي قدر الطاقة في تحقيق الضمانات الكافية للطرفين من هذه المخاطر.
والاستصناع من هذه الصيغ , وتقوم فكرته على أن طالب التمويل - المستصنع - يتقدم إلى البنك – الصانع – بطلب بناء منزل مثلا وفق مواصفات محددة وشروط معينة, ولأن البنك لا يملك شركات مقاولات والبناء ليس من أعماله يقوم بالاتفاق مع شركة مقاولات بعقد مستق تماما - يسمى عقد استصناع موازي - ويكون فيها البنك مستصنعا, والشركة صانعا للمنزل بذات المواصفات والشروط وتكون هناك ضمانات في كلا العقدين, وبعد انتهاء البناء يسلم المقاول البناء للبنك الذي بدوره يسلمه للعميل, الذي سلم قيمة البناء من خلال الدفعات التي يدفعها للبنك .
وقد صدر عن مجمع الفقه الإسلامي القرار رقم 67/3/7, المتضمن أن المجمع بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع عقد الاستصناع، وبعد استماعه للمناقشات التي دارت حوله، ومراعاة لمقاصد الشريعة في مصالح العباد والقواعد الفقهية في العقود والتصرفات، ونظراً لأن عقد الاستصناع له دور كبير في تنشيط الصناعة، وفي فتح مجالات واسعة للتمويل والنهوض بالاقتصاد الإسلامي، قرر ما يلي :
أولاً : إن عقد الاستصناع – وهو عقد وارد على العمل والعين في الذمة – ملزم للطرفين إذا توافرت فيه الأركان والشروط .
ثانياً : يشترط في عقد الاستصناع ما يلي :
أ - بيان جنس المستصنع، ونوعه، وقدره، وأوصافه المطلوبة .
ب - أن يحدد فيه الأجل .
ثالثاً : يجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة.
رابعاً : يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطاً جزائياً بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة.