هذا العبث يجب إيقافه فهو خطر على المجتمع..!

شاعت وانتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة سلبية سيئة تتمثل في انتشار الدراجات النارية، أو ما يطلق عليه الدبابات، التي تقوم بإيصال الطلبات من البقالات إلى المنازل في الأحياء، وغدا انتشارها يمثل ظاهرة لافتة للنظر، لم يحدّ منها كثرة السائقين، وتكدس السيارات أمام المنازل، وكثرة البقالات، بشكل يظن فيه الزائر للمملكة أن الناس فيها لا هم لهم سوى الاستهلاك والأكل..! ولم يعد هناك بقالة لم تخصص عاملا ودبابا لإيصال الطلبات، بل إن بعض البقالات أخذت دور بعض الجهات الحكومية المسؤولة عن الإحصاء وحصر المنازل، وقامت بإعداد مخططات لمنازل الحي، وترقيمها ووضع ملصقات على أبوابها لتسهيل عملية التعرف عليها، ووصل الأمر إلى تخزين أرقام هواتف المنازل والعاملات فيها اللاتي يتصلن غالبا لتحديد الطلبات.!
وفي الوقت الذي كان الناس يخافون على أسرهم وبيوتهم من السلبيات المصاحبة لظاهرة أخرى، هي إيصال طلبات مطاعم الوجبات السريعة، التي في الغالب تزداد في الأوقات المتأخرة من الليالي، وحدثت وتحدث بسببها ممارسات سلبية وخطيرة على المجتمع، نشر بعض ما اكتشف منها في الصحف المحلية، أقول في الوقت ذاته نُبتلى بظاهرة أخرى أشد خطرا، هي ظاهرة الدبابات، حتى أن العاقل يشك في أن أهدافها تقتصر على إيصال الطلبات التي قد لا تتجاوز قيمتها في المرة الواحدة خمسة أو عشرة ريالات..! وأن وراء ذلك أهداف أخرى، مثل التعرف على البيوت وما في داخلها، ونشوء علاقة مع العاملات فيها تستهدف التغرير بهن ودفعهن للهرب ليتم تشغيلهن من الباطن بأجور أعلى، إن أحسنا الظن، أو استخدامهن في أعمال الرذيلة، كما هو حادث في كثير من الحالات التي تكتشفها السلطات الأمنية، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والغريب أن إيصال الطلبات لا يقتصر على المنازل التي لا يوجد فيها سائقون، بل إن السائق نفسه صار يفضل طلب الحاجات من البقالة، على أن يقوم هو بالذهاب لإحضارها، وهو ما اكتشفته فيما يتعلق بمنزلي، ولا بد أنه حادث لكثير من المنازل دون علم أصحابها.
وحتى نتصور الخطر الذي يواجه المجتمع علينا أن نتصور ونستحضر الممارسات السلبية المصاحبة للظاهرة والمسببة لها فيما يأتي من نقاط:
1- غفلة أصحاب البيوت، أي الرجال، عما يجري في بيوتهم، وانشغال الأكثرية منهم بأمور هامشية، مثل التمشيات، والانغماس في جو الاستراحات، مع الشلل والأصحاب.
2- انصراف معظم ربات البيوت عن شؤون المنزل، والإعهاد بها إلى العاملات والسائقين، والاكتفاء بالتلذذ بالنوم، واستعراض الأسواق وما فيها.
3- سهولة الأمر بالنسبة للبقالات فهو لا يحتاج إلى أكثر من عامل، حتى لو كان لا يحمل إقامة نظامية، ودباب متهالك ببضع مئات من الريالات، إذ ليس هناك من يسأل أو يمنع في نطاق الفوضى التي فرضتها وتعيشها العمالة الأجنبية.
4- الإزعاج الذي تسببه هذه الدبابات للساكنين، بخاصة وهي تنشط في الليالي عندما تزداد الطلبات والناس ساهرون.
5- العلاقات المشبوهة التي تنشأ بين هذه الفئة من العمالة والعاملات في المنازل، التي قد تتطور في ظل غفلة أهل المنزل، ونومهم وانكبابهم على المسلسلات والألعاب الإلكترونية والإنترنت، إلى ممارسة الرذيلة حتى داخل المنازل، أو ما يترتب على هذه العلاقات من هروب العاملات لتكفل هذه الفئة من العمالة بإيجاد العمل والملاذ لهن، حتى وإن كانت الرذيلة. أليس همّ الأطراف كلها جمع المال بأي طريقة؟ وهذه من أيسرها.
6- إن هذه العمالة، من خلال عملها هذا، تتعرف على أسرار البيوت ومن بداخلها، ومتى يسافرون ومتى يعودون، و متى يكون المنزل خاليا، وهذا يكفي لكي نتصور ما يمكن أن يحدث بعد ذلك.
7- الأعجب والأغرب في الأمر كله، هو أن هذه الدبابات لا تحمل لوحات وتعمل دون أي تسجيل أو ترخيص، ومعظم من يستخدمونها لا يحملون رخص قيادة، ولا حتى إقامات، كما أنهم لا يعملون لدى كفلائهم، وهم يمارسون عبثهم أمام منازل علية القوم، بمن فيهم المسؤولون عن الأوضاع الأمنية، ولكن لا أحد يحرك ساكنا، وهذا كله يحدث في الوقت الذي ينص فيه نظام المرور على ضرورة الحصول على رخص سير ولوحات، ورخص قيادة للدراجات النارية.
في الختام، أقول هذا الكلام، مكتفيا بالتنبيه إلى خطورة الظاهرة، وأبعادها السيئة على المجتمع، رغم أني لست متفائلا بحدوث شيء من التغيير والتصحيح، رغم سهولة تحقيقه، فالأمر لا يحتاج إلى أكثر من جمع الدبابات التي نشاهدها في الأحياء وأمام البقالات، في شاحنات، وإلقائها في (حوش) المرور، وإذا كان المرور مشغولا بما هو أكبر، كما يبدو، فيكفي التعاقد مع شركة لديها سيارات شحن لكي تقوم بهذه المهمة، شريطة أن يرافق كل سيارة منها جندي مرور.. أرأيتم، أسهل من هذا الحل؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي