بدو أوروبا وحضر أمريكا
البداوة من حيث الشكل: جغرافيا، ومن حيث المعنى أصالة، إلا أنه تقرر إدخالها، معترك – التكسب للبعض- وتحولت لهتاف يحمي التجمع "مع ملاحظة إبطان التفرقة"، فهذا سيّل من المسلسلات، يعيد صياغة تاريخ رموز"بدوية" وليس ثمة أصوات تعلو وتغني "وطني حبيبي الوطن الأكبر"، الكل هنا يغني على "ليلاه" وقبيلته، ويفصل حقيقة التاريخ عن منظومة الوحدة، لذا ما الغريب حين يتمسك البعض بهذه البداوة كشكل ويتركها كممارسة! خاصة أن الخيمة أصبحت بيتا والدابة سيارة والثوب "جينز".
وبحساب المنافع، تشحن بعض وسائل الإعلام طاقة النعرات كي تزداد أرصدتهم من خلال تصويت وجدل محبب للمعلن، وقد أفسد تدخل العقلاء مخططات تلك الزمرة وتم إيقاف "كم مسلسل من إياهم"، إلا أن الغريب: صمت طويل تجاه تاريخ أكثر وضوحا وأسمى هدفا، فهذا مسلسل "أبو جعفر المنصور" يطرح المشاهد، ويترك "متسعا للتأويل"، ويلقي بشباكه لصيد ثمين من خلال أدوات لا تقرأ سوى ما تعرف، وكأن "بني أمية" بمثل ما ظهروا عليه! وإن كان تاريخ بني العباس وبني أمية إرثا للمسلمين، لماذا لا يتم رصد أخطاء المتمادين، خاصة أن أجواء "التمثيل" توحي بفداوة أكثر من غيرها، حيث: الخيل والسيف والغزوات و"الأنا"!
انصهار المجتمع ضروري، وردع المتلاعبين بتاريخه جريمة، بغض النظر إن كان صاحب هذا التاريخ "بدويا" أو "حضريا" أو "حضرويا"!
وما هذه الموجة الجديدة التي اجتاحت إعلام "الجزيرة العربية" سوى عامل هدم، تترك من ورائها الكثير من اللغط والصراخ والجهل، فحين غزا بدو أوروبا، بدو أمريكا، كان قرار الانصهار جاهزا وأصبحت من خلال فكرة "المدنية" دولة عظمى، وتوزعت الأدوار بين الحاضرة والبادية وغيرهما! ولنا في أوباما "دليل"! أسأل الله المغفرة لي ولكم.