هل هناك فقاعة في سوق العقار السعودية؟

[email protected]

يعد الاستثمار العقاري إحدى قنوات الاستثمار المهمة في اقتصادات الدول والأفراد، ومن الطبيعي أن يستقي الاستثمار في السوق العقارية مصطلحات دارجة في الأسواق الاستثمارية المالية مثل ارتفاع, انخفاض, حركة تصحيح, فقاعة, وما إلى ذلك. وفي السنوات الماضية، وأسوة بأسواق الاستثمار الأخرى، شهدت أسعار العقارات في العالم وفي السعودية ارتفاعاً كبيراً مما حدا بالتساؤل لدى المستثمرين العقاريين والمواطنين عن مدى استمرار ذلك الارتفاع أو انخفاضه، وهل سيكون في القريب حركة تصحيحية لأسعار العقار؟ والأهم هل ما يحدث من ارتفاع هو مجرد فقاعة في سوق العقار شبيهة بالفقاعات الاستثمارية الأخرى مثل سوق الأسهم؟ للإجابة عن بعض تلك التساؤلات يجب التذكير بماهية سوق العقار من خلال التفريق بين التطوير العقاري والاستثمار العقاري.
فالتطوير العقاري هو إدارة الدراسات والتمويل والتنفيذ والتسويق للمنتج العقاري لصالح المستثمر, مثال ذلك تطوير الأراضي الخام (تخطيط ووضع البنية التحتية) وتمويل ذلك وتسويقه. ويتميز العاملون في التطوير العقاري بالمعرفة والخبرة والدراية، والأهم التوفيق بين مقدمي خدمة الدراسات والتمويل والتنفيذ والتسويق والمستثمر والمستهلك لصالح الاستثمار العقاري. ويقوم المطور العقاري بتلك الأعمال نظير عمولة يتقاضاها على المشروع من المستثمر. أما الاستثمار العقاري فهو حصول المستثمر على عائد على رأس المال المستثمر في قطاع العقار, مثال ذلك بيع وشراء وتأجير الأراضي خام ومطورة والمباني. ويتميز العاملون في قطاع الاستثمار العقاري بالصبر والروية والعلاقات الجيدة مع الأرض والمبنى وملاكها والممولين والعاملين في الإجراءات الإدارية (إفراغ وفسوحات). هذا إضافة إلى تملكهم رأسمال كبيرا أو على الأقل الثقة البالغة بهم من مقدمي رأس المال من مؤسسات مالية (بنوك) أو أفراد (مساهمين). فالاستثمار العقاري يعتمد أولاً على توافر رأس المال، ثانياً الحدس، ثالثاً الدراية التامة بالسوق ومتغيراتها ولاعبيها. وغالباً ما تعارف المجتمع على اسم (عقاري) قاصـدين به (المستثمر العقاري).
إذاً السوق العقارية منتج (أرض – مبنى) يعده المطور العقاري نيابة عن المستثمر العقاري (مالك الأرض – الاستثمار) ويقدمه للمستهلك (المواطن) بسعر مناسب للجميع، ويصبح هذا السعر غير مناسب عندما ترتفع أسعار الأسواق العقارية نتيجة أسباب عدة منها ارتفاع قيمة الأصول (أرض – مبان) بسبب الاحتكار، أو المضاربة، أو نتيجة عدم تمكن المطور العقاري من آليات التطوير, وبالتالي رفع التكلفة، أو نتيجة المبالغة في الأرباح، أو التضخم وانخفاض السيولة لدى المستهلكين. فالسوق الاستثمارية المتزنة عموماً والعقارية على وجه الخصوص هي المواءمة بين الاستثمار والعائد بنسب تراوح بين 7 في المائة و10 في المائة وينتج عدم الاتزان إما بالمبالغة في قيمة الأصل (جشع) وإما الانخفاض في قيمة العائد (كساد) وإما بهما معاً (فقاعة).
وهنا نذكر أن الطفرة العقارية الأولى وإن أوجدت عددا غير كبير من المستثمرين العقاريين في السوق العقارية السعودية إلا أن السوق السعودية حديثة عهد بالتطوير العقاري الخاص, إذ معظم ما تم من تطوير عقاري قامت به الدولة، والشركات الخاصة القائمة ما زالت في طور التكوين، والأمل معقود على شركات التطوير العقاري الخاصة الحديثة النشأة في دخول وبالتالي إرث السوق العقارية الضخمة في السعودية. فالمتغيرات العالمية والمحلية في اقتصاديات الاستثمار والتطوير العقاري العالمي ستؤدي إلى تغيير (خريطة السوق العقارية) في السعودية وخروج لاعبين قدامى ودخول لاعبين جدد (قد يكونون غير سعوديين) يتميزون بالمؤسساتية والمعرفة وضخامة رأس المال . فمن سيمول – بمعرفة- عقار السعودية سيطور، وبالتالي سيتمكن من سوق الاستثمار العقارية السعودية بغض النظر عن جنسيته.
وبعد تلك التوطئة المختصرة، يمكننا الحديث عن فقاعة سوق العقارات السعودية، فمن مقارنة سريعة بين أسعار أسواق العقار (أراض خام – أراض مطورة، مبان قائمة) في السعودية ومثيلاتها إقليمياً وعالمياً تملكاً وتأجيراً، يمكننا القول إن ارتفاع الأسعار في السوق العقارية السعودية في الأرضي المطورة والمباني السكنية يعتبر الأقل بين مثيلاتها إقليمياً (دول الخليج) وعالمياً، و تقع في حدود النمو الاقتصادي المحلي والعالمي المعقول، إذ إن الـعائد على الاستثمار العقاري ما زال يشكل نسـبة معقـولة (في حدود 7 في المائة) على رأس المال المستثمر، فالبعض يتفق أنه لا فقاعة في سوق العقارات فيما يخص الأراضي المطورة والمباني السكنية تحت الظروف الطبيعية. من جهة أخرى, هناك تخفظ على ارتفاع أسعار الأراضي الخام والأراضي التجارية ومباني الاستخدام التجاري, خصوصا تحت طريقة الاستثمار العقاري التقليدية المتبعة لدى معظم المستثمرين والمطورين. فأسعار الأراضي الخام فاقت في أسعارها الأراضي المطورة، وأسعار الأراضي والمباني التجارية على الشوارع الرئيسة تفوق بكثير عند تأجيرها نسبة العائد الاستثماري على رأس المال المستثمر. وقد يرجع ذلك إلى (المضاربات العقارية) الحاصلة في الأرضي الخام والتجارية والمباني التجارية نظرا لتركز تلك المنتجات في أيدي قلة من ( المستثمرين العقاريين) وبالتالي يسهل المضاربة بها. وبدأت العودة إلى الأحياء السكنية القديمة وإعادة تطويرها وتأهيلها وأسعارها حالياً، مع توافر البنية التحتية والخدمات وقرب مواقعها، تعد أقل بكثير من سعر الأراضي الخام غير المطورة. ولكن إذا علمنا أن خريطة السوق العقارية السعودية في طور التغير بدخول مفاهيم جديدة ولاعبين جدد في مجال التطوير والاستثمار العقاري (مؤسسات – شركات كبرى محلية وعالمية) فيجد المحلل نفسه منتظراً السنوات المقبلة للاطمئنان على حرفية المستثمرين والمطورين العقاريين السعوديين في تقديم منتج جيد في متناول المستهلك (استثماراً وليس مضاربة), وبالتالي التأكد من حقيقة وجود فقاعة في سوق العقار الأراضي الخام والتجارية والمباني التجارية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي