الفضاء الخارجي: سباحة وسياحة

يبدو أن فصل الربيع هو فصل الفضاء الخارجي ٍOuter Space، ففي الثاني عشر من شهر نيسان (أبريل) عام 1961م تمت أول رحلة فضائية لارتياد الفضاء المجهول خارج الغلاف الجوي Atmosphere للكرة الأرضية. ونجح رواد الفضاء من الاتحاد السوفيتي (روسيا حالياً) في غزو الفضاء الخارجي وسجل التاريخ أن يوري جاجارين هو أول رائد فضاء يدور حول الأرض. وكان لهذا الحادث مغزى سياسي ودلالات علمية تؤكد تفوق السوفيت في مجال أبحاث الفضاء على المستوى العالمي حتى تمكن رائد الفضاء الأمريكي ألن شبرد في الخامس من أيار (مايو) من العام التالي 1962م من الدوران في رحلة فضائية حول الأرض على متن مركبة فضاء تم إطلاقها بصاروخ رد ستون الأمريكي Redstone 3.
ومن الأهمية الإشارة إلى أنه خلال شهر نيسان (أبريل) الماضي من عام 2008م، سجلت (حادثة) فضائية عربية يستوجب الوقوف عندها، فقد نجح مواطنان سعوديان من (ملامسة) حدود الفضاء بطائرتين تحملان العلم العربي السعودي انطلقتا من قاعدة ثان رسيتي بالقرب من كيب تاون في جنوب إفريقيا وحلقتا عند الخط الفاصل بين الغلاف الجوي للأرض وظلمة الفضاء الخارجي عند أطراف الغلاف الجوي الخارجي – اللستراتوسفير –Stratosphere وكانت فرصة سانحة للرائدين السعوديين ولأول مرة لرؤية المشهد الخلاب للأرض بانحنائها الكروي والذي يتمنى الجميع التمتع به.
ومن آخر أخبار الفضاء الخارجي خلال فصل الربيع الحالي هو ما تمت الإشارة إليه أخيرا في وكالات الأنباء عن هبوط مسبار فيونكس على سطح الكوكب الأحمر – المريخ – في السادس والعشرين من شهر أيار (مايو) من العام الحالي 2008م.
إن حلم ارتياد الإنسان الفضاء الخارجي له جذور تاريخية ممتدة لأكثر من ثلاثة قرون مضت، فقد سجل التاريخ أن الكاتب اليوناني الساخر لوسيان Lucian هو أول من أعد كتابا عن الطيران في الفضاء في مجموعة من القصص (الخرافية) عن رحلات فضائية إلى الشمس والقمر .. وتم عام 1638م وضع كتاب من قبل الكاتب الإنجليزي ويلكنز Wilkins عن رحلة إلى القمر باستخدام آلة طائرة Flying Machine لم يحدد أسلوب تشغيلها .. كما تذكرنا الأساطير الصينية برحلة العالم الصيني وان هو Wan Hu خلال القرن السادس عشر الذي تخيل السفر إلى الفضاء الخارجي باستخدام صاروخ مملوء بالمتفجرات.
وأخيرا لا يمكن أن ننسى رائد الفضاء (العربي) الأول عباس بن فرناس، الذي عاش في الأندلس منذ أكثر من خمسة قرون مضت وقام بتركيب أجنحة قوية على ذراعية لمحاكاة الطيور في الطيران ومات في محاولته الأولى.
لقد شهدت فترة النصف الثاني من القرن العشرين وما بعدها أحداثاً فضائية مثيرة تتمثل أساسا ليس فقط في تحقيق حلم الإنسان في ارتياد الفضاء الخارجي بل والسباحة فيه أيضا. وهناك قائمة طويلة مسجلة دولياً تضم نحو 450 من رواد الفضاء Astronauts من جنسيات مختلفة ممن واجهوا هذا المجهول – الفضاء الخارجي – نذكر منهم إدوارد وايت Edward White الأمريكي وأول من سبح في الفضاء في بعثة جيمني 4 Gemini 4، نل أرمسترونج Armstron Neilالأمريكي أول من وضع قدمه على سطح القمر في رحلة أبوللو Apollo 2 وفرانك بورمان Frank Borman الأمريكي، أيضا رئيس مجموعة أبوللو 8 Apollo وهو أول من طار في الفضاء في مدار حول القمر، وأناتولي سالوفيف Anatoly Salovyev الروسي من لاتفيا الذي سجل أطول مدة للسباحة في الفضاء لمدة 77 ساعة خلال 16 رحلة فضائية، وأيضا سيرجي كيركاليف Sergei Krikalev الروسي الذي سجل خلال ست رحلات فضائية أطول رقم قياسي للبقاء في الفضاء الخارجي لمدة تزيد على 803 أيام، كما كان الياباني تاكوداي Takoo Dai هو أول ياباني يسبح في الفضاء.
ولقد شملت القائمة مجموعة من الرائدات منهن فالنتينا ترشكوفا Valentina Tereshkova الروسية وأول رائدة قضاء، وسالي رايد Ride Sally الأمريكية الأولى في الفضاء، وشيكي موكاي Chiaki Mukai اليابانية الرائدة. إضافة إلى الروسية سفلينا سافيتسكايا Svetlana Savitskaya وهي أول أمرأة تسبح في الفضاء الخارجي.
أما على المستوى العربي والإسلامي فإن قائمة الرواد تضم على رأسها الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز آل سعودٍ، ومحمد فارس السوري، وفليب برين الأمريكي من أصل مغربي، وعبد الرحمن محمد الأفغاني.
وفي الختام فإن من الأهمية التنويه إلى القائمة الحالية لرواد الفضاء والتي يتم تدريبها لارتياد الفضاء الخارجي تضم طيارين وعلماء وسياحا Tourists ممن يحلمون بالسفر إلى الفضاء الخارجي ويأتي على رأٍس القائمة الملياردير دينيس تيتو Denis Tito الذي يعد أول (سائح) في قائمة السياحة الفضائية وقدم عام 2001م مبلغ (عشرين) مليون دولار ثمناً لأول رحلة فضائية سياحية يتوقع قيامها خلال السنوات القليلة المقبلة، وهناك قائمة أخرى من أغنياء العالم ممن يحلمون بالسياحة في الفضاء. وتؤكد هذه الواقعة حقيقة مفادها إمكانية استغلال الفضاء الخارجي كهدف استثماري في مجال السياحة، وإضافة نوعية جديدة من الترويج السياحي غير المسبوق لها مقومات جذب سياحي مميز لأشخاص مميزين قادرين مالياً ومادياً على ارتياد الفضاء الخارجي.
وإن كان القرن العشرين الماضي هو قرن السباحة في الفضاء الخارجي فمن المؤكد أن التجربة ستثبت أن القرن الحادي والعشرين الحالي هو قرن السياحة في الفضاء الخارجي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي