وزارة الشؤون الاجتماعية والدور الثمين
تعد وزارة الشؤون الاجتماعية من أهم الوزارات الحكومية، لأن عملها يقوم على خدمة فئة خاصة من المجتمع، وتقدم العون والمساعدة والمساندة لفئات كثيرة من هذا المجتمع، ويأتي دورها مكملاً لدور إدارات حكومية كثيرة ذات ارتباط ببعضها بعضا مع أن أهميتها كبيرة ومسؤوليتها مضاعفة لخدماتها الخاصة ودروها الإنساني الكبير، وقد قام عليها في الماضي مسؤولون تمتعوا بقدرات كبيرة من العطاء الإنساني الكبير، وقيضهم الله لخدمة فئات المجتمع الكبيرة، التي تعاني الحاجة والعوز والفقر والإعاقة والإهمال، فكان الأمير فهد بن سلطان، الوكيل آنذاك، يسانده ويساعده بعطائه الإنساني الكبير ودفقه العاطفي الفياض محمد المالك، وعندما عيّن عبد العزيز العجلان ليحل محل الأمير فهد بن سلطان، ولمعرفتي الشخصية بالأخ عبد العزيز العجلان، فقد أسعدنا ذلك لاهتمام الأخ عبد العزيز العجلان بالنواحي الإنسانية، وما يحمله من عطف ولطف وحسن تعامل مع كثير من حاجات المجتمع وأبنائه بالعناية والرعاية والاهتمام، وكان ذلك تواصلاً مع الكثير من الكفاءات الرجالية والنسائية العاملين في هذا المجتمع، الذين يصعب كثيراً قياس نجاحاتهم في مثل هذه الوزارة، فأداء وزارة النقل يمكن أن يقاس بعدد كيلو مترات الطرق وخدمات النقل، والتربية والتعليم بعدد الطلبة وعدد المدارس ونوعية الطلبة، ووزارة الصحة بعدد الأسرة وكفاءة الجهاز وتوفر السرير للمواطن، أما وزارة الشؤون لاجتماعية فإن قياس نجاحها من الصعوبة بمكان، وهي تعمل في معزل عن وسائل الإعلام ـ وقد كانت رعاية الدكتور على النملة ومساعد السناني الوزيرين لهذه الوزارة مع ما يتوافر لديهما من حس إنساني هائل وعطف كبير وتعامل راق ومشاعر صلاح وإصلاح، هو جوهرة العطاء لهذه الفئة الكبيرة، وساعدهما الكثير جداً من موظفي الوزارة ورجالها في كافة مناطق المملكة، ومعظمهم جنود مجهولون، وأذكر منهم فريق العمل الفاعل الدكتور طلعت وزنه، كما كان عبد المحسن العكاس وزيراً لهذه الوزارة، وجاء إليها من القطاع الخاص، وفي حقل بعيد كل البعد عن مهارته الاقتصادية وكفاءته العلمية وتجربته الثرية في جامعة الملك سعود والغرفة التجارية والمجموعة السعودية للأبحاث والنشر ومجلس الشورى، وها هو يغادر الوزارة طائعاً مختاراً ويحل محله ابن الوزارة وخريج مدرستها الدكتور يوسف العثيمين ـ والجميع ينتظر من الدكتور العثيمين الكثير من الجهد والعطاء والتنظيم لهذه الوزارة المهمة في مرافقها المتعددة، بدءا بالاهتمام بموضوع الفقر الذي يمد بساطه الأبدي في كافة مناطق المملكة الجنوبية والشمالية ويعيش في أطراف المدن الكبيرة، والعدد يزيد والحاجة تنمو والرعاية لهؤلاء أصبحت أكثر من ملحة، ولعل تعاون صندوق المئوية وصندوق الملك عبد الله لمعالجة الفقر يمثل توجهاً بالاستعانة بالجهات الخيرية لإقالة عثرة الكثير الذين أصبح الفقر همهم الكبير، والكثير منهم لا يسألون الناس إلحافا ـ كما أن تردي الأحوال الاجتماعية لهذه الفئة وانعدام الاهتمام بالنواحي الصحية والتعليمية والمهنية يزيد الأمر تعقيداً، وأصبحت لازمة التعاون بين جميع المرافق الحكومية أمر لا بد منه، ولعل الزائر المتجول لمنطقة الليث والقنفذة وضواحي جيزان والبرك والشقيق والدرب يرى مدى العوز الكبير والحاجة الملحة للمعالجة الحالية لهذا المرض الفتاك ـ إن الارتقاء بمهام الضمان الاجتماعي وأهمية وصوله إلى المحتاجين فعلاً هو جوهر عمل الوزارة واهتمامها ـ كما أن رفع مستوى التدريب والتعليم والعناية بالأيتام والأحداث اللقطاء ودور الرعاية الاجتماعية الأخرى، أمور يجب أن تكون محور اهتمام الوزارة وعنايتها. إن الارتقاء بنظام الجمعيات التعاونية الخيرية ومؤسسات المجتمع المدني الأخرى وصناديق العائلات ومؤسساتها الخيرية روافد اجتماعية مهمة تقدم الدعم والمساندة لهذه الوزارة الخيرية في أعمالها الإنسانية في توجهاتها. وعلى الوزير الدكتور العثيمين دعم هذه المؤسسات وإعانتها على أداء واجباتها، وتشجيع روافد الخير ونوافذ العطاء الإنساني لرقي الإنسانية. إن معالي الوزير العثيمين، وأنا أقدم له التهنئة كونه ينتقل من عمل اجتماعي إلى آخر أكثر مسؤولية واهتماماً وأوسع قاعدة، وأنا أثق بأن قربه من الوزارة في السابق واللاحق يملك التصور المناسب لوضع استراتيجية مهمة لمعالجة الفقر وقصور الخدمات في دور الرعاية.
والله الموفق.