"الرهن العقاري-1-"
نظرا لقرب صدور نظام الرهن العقاري فسأحاول في هذه الزاوية أن أشير إلى بعض أحكامه الفقهية بصورة مبسطة قدر المستطاع, وبالذات المسائل والأحكام التي تتعلق بالتعاملات بين طالب التمويل والممول على اعتبار أن الرهن سيكون أهم الضمانات للمديونيات, ومن ثم سأتطرق ـ إن شاء الله ـ للتعليق على مشروع النظام والذي نشرته عدد من الصحف, أو النظام ذاته في حال كان صادرا في وقت الكتابة.
الرهن في اللغة: الثبوت والدوام، يقال: ماء راهن أي: راكد ودائم، ومعناه في كلام الفقهاء: جعل عين مالية وثيقة بدين يستوفى منها أو من ثمنها إذا تعذر الوفاء, ويقصد بالتعريف: أن هناك دينا لشخص في ذمة شخص آخر, ولسداد هذا الدين فإن الدائن يطلب من المدين ما يضمن له أن الدين سيسلم في وقته وإلا فللدائن أن يستوفي دينه من العين المرهونة أو من ثمنها, ويستمد الرهن مشروعيته وأحكامه من النصوص الشرعية في الكتاب والسنة كما في قوله تعالى: {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة}،. كما أن النبي صلى الله عليه وسلم رهن درعا عند يهودي في المدينة وأخذ منه شعيرا لأهله وقد أجمعت الأمة على مشروعية الرهن، وتعاملت به من حين عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، ولم ينكره أحد, ويسمى صاحب الدين " الدائن" مرتهنا, و"المدين" راهنا, و"العين" الرهن أو المرهون, وفصلت في هذه المصطلحات لأنها سترد كثيرا في ثنايا المقالات التالية.
ويشترط لصحة الرهن أن يكون الراهن جائز التصرف, مالكا للمرهون أو مأذونا له بالرهن ولو لم يكن مالكا كالمستعير, ويجوز للشخص أن يرهن ماله على دين غيره, فالدين لشخص ومقدم الرهن شخص آخر, ويشترط في العين المرهونة أن تكون مما يصح بيعه فكل ما صح بيعه صح رهنه, ويصح أن يرهن نصيبه المشاع, وهناك مسألة يذكرها العلماء باسم: "رهن المبيع على ثمنه", ويقصدون بها أن المشتري يرهن العين التي اشتراها بالثمن المتبقي في ذمته, وهي الصورة الأغلب في التعاملات المالية المعاصرة, وهي صورة جائزة.
وهناك تفصيلات ومسائل مهمة سأشير إليها لاحقا إن شاء الله.