حوار وطني يرصد أسباب البطالة ويضع الحلول
تشرفت بالمشاركة في اللقاء الوطني السابع للحوار الوطني، الذي احتضنت فعالياته مدينة بريدة في منطقة القصيم خلال الفترة من 22 إلى 23 نيسان (أبريل) 2008، الذي سلط الضوء والنقاش على القضايا، المرتبطة بمجالات العمل والتوظيف تحت عنوان "مجالات العمل والتوظيف: حوار بين المجتمع ومؤسسات العمل".
أهداف اللقاء تركزت في أربعة مجالات محددة، لها ارتباط وثيق بقضايا العمل والتوظيف وهي: (1) دراسة مجالات العمل والتوظيف، وأهم القضايا التي تواجهها. (2) التعرف على رؤية المجتمع نحو واقع مجالات العمل، والسبل اللازمة لتطويره. (3) الاستفادة من تجارب وخبرات ذوي الاختصاص في مجالات العمل والتوظيف في القطاعين العام والخاص. (4) الخروج بمقترحات وتوصيات تسهم في تطوير مجالات العمل والتوظيف.
تحقيق تلك الأهداف يتطلب من مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، تركيز النقاش والحوار على محورين رئيسين أولهما محور البطالة، الذي ركز النقاش والحوار على الحجم الفعلي للبطالة (نسبة البطالة وطرق احتسابها)، وعلى مخرجات التعليم والتدريب وأزمة البطالة، وعلى مشكلات الاستقدام وأزمة البطالة، وعلى برامج السعودة وعلاقتها بالصناديق المرتبطة بتمويل تكاليف السعودة، بما في ذلك السياسات، وثانيهما محور المرأة، الذي ركز النقاش على العديد من القضايا التي لها علاقة مباشرة بتوسيع عمل المرأة ومشاركتها في التنمية التي تعيشها السعودية، التي من بينها: القرارات الحكومية المتعلقة بمجالات عمل المرأة مثال القرار (120)، وغيرها، والضوابط الشرعية لعمل المرأة، ورؤية المجتمع لمجالات عمل المرأة، والفرص الوظيفية المتاحة للمرأة في القطاعين العام والخاص.
اتفقت آراء المشاركين في الحوار حول المحور الأول الخاص بالبطالة، وبالذات فيما يتعلق بضرورة تحديد الأسباب وسبل العلاج، حيث قد طالب المتحاورون بضرورة تعريف البطالة في السعودية وفق المعايير العالمية، وتحديد الجهة المخولة بقياسها، بما في ذلك ضرورة توحيد المفاهيم والرؤى حول مفهوم البطالة.
بالنسبة للحلول المقترحة لعلاج البطالة، طالب المتحاورون بضرورة الاستفادة من الخبرات العالمية لمعالجة مشكلة البطالة، وتغيير بنية الاقتصاد السعودي من اقتصاد يقوم على مصدر واحد إلى الاقتصاد المعرفي أو ما يعرف بـ (اقتصاد العقول)، كما قد شدد المتحاورون في هذا الخصوص، على الحاجة الماسة لوضع مشروع استراتيجي كبير لمعالجة البطالة تشارك فيه العديد من الجهات ذات العلاقة، في وضع خطة طويلة المدى تستند إلى أسس علمية وعملية مدروسة، كما أكد المشاركون ضرورة توافر سجل وظيفي لطالبي العمل، وقواعد معلومات يمكن من خلالها للجهات الموظفة والجهات الحكومية، بناء قراراتهما على أسس علمية صحيحة ودقيقة، هذا إضافة إلى المطالبة بوضع برنامج متكامل لمعالجة البطالة على مستوى الدولة بمختلف مؤسساتها.
بالنسبة للجانب المتعلق بعمل المرأة، وبالذات فيما يتعلق بتوسيع مجالات عملها في الاقتصاد، طالب المشاركون بتوسيع فرص عمل المرأة، من خلال تفعيل دور هيئة كبار العلماء في وضع الضوابط الشرعية لمجالات عمل المرأة بما يتوافق مع طبيعتها التكوينية، وإنشاء أقسام نسائية في المحاكم وببعض الوزارات والمؤسسات، حيث يسهل على المرأة إنجازها أعمالها، بما في ذلك توفير الدعم اللازم للمشاريع الصغيرة للشابات، من خلال إنشاء هيئة تعمل على التعامل مع المشكلات والمعوقات والصعوبات التي تواجهها، هذا إضافة إلى وضع آلية بين الأجهزة الحكومية والتعليم لتحقيق الموائمة بين المؤسسات بما يخدم الوطن والمواطن.
أكد المشاركون أن تفعيل عمل المرأة في الاقتصاد، يتطلب تهيئة وتأهيل المرأة للمراكز القيادية، وحصولها على حقوقها المدنية والأسرية والأحوال الشخصية، بما في ذلك حمايتها في بيئة العمل من أي مظاهر سلبية كالتحرش الجنسي أو أي إيذاء مهما كان نوعه، الأمر الذي يتطلب قيام مؤسسات مدنية للمرأة تهدف إلى الدفاع عن حقوقها في بيئة العمل أو المنزل، بما في ذلك فتح المجال أمامها للدفاع عن حقوقها في دور القضاء وممارسة مهنة المحاماة وقيام كليات القانون.
خلاصة القول، في رأيي أن المشاركين في الحوار الوطني السابع نجحوا في تشخيص أسباب البطالة المنتشرة في بلادنا بين الشابان والشبات، بما في ذلك الأسباب التي تحد من توسيع مجالات عمل المرأة في الاقتصاد، ومن تعزيز إسهامها في التنمية الحضارية الشاملة التي تعيشها المملكة، كما أنهم نجحوا كذلك في الاتفاق على عدد من المحددات والمعايير المرتبطة بالقضاء على البطالة وتوسيع مجالات عمل المرأة، التي من بينها على سبيل المثال بالنسبة للقضاء على البطالة، ضرورة توحيد المفاهيم والرؤى حول مفهوم البطالة، تمهيداً لتبني استراتيجية وطنية تضع الحلول المناسبة، التي من بينها غرس مفاهيم ثقافة العمل لدى طالبي العمل، ومعالجة المعوقات التي يواجهها طالب الوظيفة في سوق العمل، التي من بينها على سبيل المثال، عدم وجود حد أدنى للأجور، وعدم موائمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل، وضعف آليات التدريب والتأهيل، وبالنسبة لتوسيع مجالات عمل المرأة، فإن الأمر يتطلب تهيئة البيئة المناسبة لعمل المرأة، وفتح مجالات عمل جديدة تتناسب مع قدرات المرأة التكوينية والفسيولوجية، وبما يحافظ بطبيعة الحال على خصوصيتها وهويتها الإسلامية.
ختاما: في رأيي أن نجاح ذلك اللقاء سيظل أمراً مرهوناً بمدى القدرة على تنفيذ ما ورد به من توصيات واقتراحات هادفة وبناءة تم طرحها من قبل المشاركين، الأمر الذي لن يتحقق سوى من خلال تشكيل فريق عمل Task Force، يضم بين أعضائه عددا من المشاركين والمشاركات في الحوار، إضافة إلى ممثلين عن الجهات الحكومية المعنية بمحاور اللقاء الأساسية، حيث يكون من بين مهامهم الرئيسة متابعة تنفيذ التوصيات، ونشر الوعي بين أفراد المجتمع بأهمية القضاء على البطالة وتوسيع مجالات عمل المرأة في الاقتصاد، وبهذا نكون ـ بإذن الله تعالي ـ قد وفقنا كأفراد مجتمع في التغلب على مشكلات هيكلية في اقتصادنا وفي سوق العمل، عملت في الماضي وحتى الآن على عرقلة عجلة التنمية الاقتصادية والحضارية التي تعيشهما البلاد، وبالله التوفيق.