المدونون والإعلام

[email protected]

عُرفت المدونات في العالم منذ مدة طويلة، وكان المغتربون يعتمدون عليها في التواصل مع أهاليهم من الحديث عن يومياتهم ونشر صورهم وغيرها، ثم وقبل سنوات قريبة بدأت تنتشر هذه المدونات في العالم العربي، حتى وصلت إلى السعودية واقتحمت عالمهم الإنترنتي بشكل قوي جداً.
بدأت بعدها العديد من المواقع في الإنترنت بتوفير خدمة المدونات المجانية، ولمن أراد إنشاء مدونته الخاصة يستطيع من خلال التسجيل في الموقع الحصول على حساب خاص يتبع رابط الموقع ذاته، صفحات لا تكلف الموقع الكثير مادياً ولكنها بدأت تخدمه من خلال التسويق.
لم تقتصر المدونات على فئة عمرية معينة، بل شملت أعمارا متباينة تماماً، ولكن اللافت إلى النظر أن من يتصفح هذه المدونات الآن سيتعجب من كل هذه الجهود المبذولة من قبل القائمين عليها، حتى إن بعضهم قام بشراء عنوان خاص من أجل توفير مدونة خاصة به، ونرى أيضاً اعتناء كبيرا بتصميم هذه المدونات، فكانت طريقاً مناسباً جداً لإخراج هذه الإبداعات.
نرى ومن جيل الشباب بالتحديد في مدوناتهم ابتكارا رائعا في تصميمها إما عن طريق الكولاج اليدوي أو الكولاج الإلكتروني، هذا من ناحية الشكل.. أما من ناحية المضمون فهناك مدونات أدبية، وهناك مدونات تقنية وثقافات متنوعة، ترى أن صاحبها يختفي تحت اسم مستعار، وداخل هذه الشبكة، ويكتب دون أن يزعجه أحد، فيكون له وطنه الخاص، ويأوي له كلّما أراد أن يكتب، حتى بدأت تسيطر هذه المدونات على القُرّاء في الإنترنت.
وباعتراف من الكثير صار ما يُقدم في هذه المدونات من مواد أجمل بكثير مما تُقدمه الصحافة في الأوراق.
لذلك، هُنا يُطرح سؤال كبير، لماذا لا يتبنى الإعلام هذه المواهب؟ رغم أنها ستخدمه بشكل قوي لما لديها من أفكار مغايرة وطرح جميل، خاصة أن جيل الإنترنت بالتحديد، ولأن كل ما حولهم كان تقليديا مع بدايتهم، كانوا يحاولون أن يخرجوا من هذه التقليدية بخلق أشياء مبتكرة ومختلفة، فخرجوا بأسلوبهم وطريقتهم الخاصة التي بدأت تتطور شيئاً فشيئاً أمام توقف الإعلام الورقي أمام تقليديته المعروفة.
بدأت بعض الصحف المحلية بمحاولة دعم المدونات من خلال إما حوارات أو تحقيقات صحافية مع مدونين، وهذه خطوة جميلة جداً وخادمة كذلك، ولكنها لا تكفي، فهذه نستطيع اعتبارها خطوة وتم تجاوزها، هناك صحف أخرى بدأت في تخصيص زاوية أسبوعية تعرض فيها مدونة إلكترونية من خلال نشر مادة لهذا المدوّن، ولكن العائق في هذه الفكرة أن الصحف بدأت تطلب بتدوينات حصرية، لم تُنشر من قبل في الإنترنت كي يكون نشرها الأول في الصحيفة وللمدون بعدها أن يفعل ما يشاء، وهذا صعّب الأمر، وجعل المدون يفضل الاكتفاء بالنشر الإلكتروني، هذا بالإضافة إلى أن الصحافة ما زالت تطالب بالأسماء الصريحة، والمدونون يكتبون بالمستعارة، وليس من السهل إقناعهم منذ البداية على الكتابة بالأسماء الصريحة خاصة بوجود بديل – الإنترنت – وفي ظلّ رهبة الكاتب، فلو قامت هذه الصحف بدعمهم مبدئياً ومحاولة تشجيعهم في قبول الأسماء المستعارة في البداية قد تكون هذه خطوة فاعلة في سبيل تقدمهم، وهذا أولاً وأخيراً سيعود على الصحافة ذاتها، لأن هذه المواد وما تقدمه ستخلق تغييراً واضحاً في الصحافة، وقد تؤثر في زيادة انتشارها بعد أن تتبع نهجا صحافيا جديدا، وستربّي أيضاً هؤلاء المدونين ليصبحوا كتاباً كبارا يُشار إليهم يوماً ما.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي