البيان الساحر في الدجل الإعلامي والدجل الإعلاني (1)

البيان لغة (بمعنى الظهور والحجة بالمنطق الفصيح المعبر).. و"البيان" بهذه الصفات يستغله "مافيات" – الإعلام المعاصر- وأشهرهم – سادة الإعلام الصهيوني- ولكن (بالظهور المنتشر والمنطق الفصيح المعبر وقلة الصدق وندرة الحق.. والتلاعب بالحقائق تضخيما وتقزيما).
وأذكر بهذه المناسبة مبالغة عمرو بن الأهيم في مدح الزبرقان بن بدر الذي يريد مدحا أكثر ثم مبالغة عمرو بن الأهيم في ذم الزبرقان وقال مبررا "تناقضه" أنه صدق في المدح لأنه كان راضيا فقال أحسن ما علم. وصدق أيضا في ذمه لأنه كان غاضبا فقال "أقبح" ما وجد. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (إن من البيان لسحرا). و"السحر" لا يغير "الحقيقة" .. ولكنه يجعلها تبدو (شيئا آخر) كما فعل "سحرة فرعون" عندما (سحروا أعين الناس) حين صار الناس ينظرون إلى حبال السحرة وعصيهم كأنها ثعابين.. مع أنها في الحقيقة عصي وحبال..
والشاعر ابن الرومي يقول (في زخرف القول)..
في زخرف القول ترجيح لقائله والحق قد يعتريه بعض تغيير
تقول هذا مجاج النحل تمدحـه وإن تعب قلت ذا قيء الزنابير
مدحاً وذماً وما جاوزت وصفهما سحر البيان يرى الظلماء كالنور
وهذا الشاعر أحمد شوقي... سحرته فاتنة بجفونها فصادته ولأنه يعرف سيكولوجية – الغواني- عندما قال:
خدعوها بقولهم حسناء والغواني يغرهن الثناء
لهذا أثارها (بسحر البيان) فسيطر عليها وقال..
قد جاء من سحر الجفون (فصادني) وأتيت من (سحر البيان) فصدته
وهذا الشاعر حفني ناصف يكرر نفس ما قاله (عمرو بن الأهيم) الذي إذا رضي قال أحسن ما عنده، وإذا غضب قال أقبح ما عنده... فقال حفني ناصف:
الله ما أحلاك يا سحر البيان وما أمرك
إن جاش صدرك بالثناء نثرت في الأسماع درك
وإذا استفزك عابث يوما كفانا الله شرك
والمثل الشعبي يقول: (يجعل من الحبة قبة) .. وعموما فإن أكثر (رواة التاريخ السياسي).. ومثلهم المتعاملون في وسائل الإعلام في الفضائيات والصحف والإذاعات والإنترنت ... هؤلاء ينطبق عليهم قول الشاعر معروف الرصافي:
وما كتب التاريخ في بعض ماروت لقرائها، إلا حديث ملفق
نظرنا بأمر الحاضرين فرابنا فكيف بأمر الغابرين نصدق؟
والحديث عن الدجل الإعلامي يطول ويطول كالدرب الطويل الذي آخره منتجع (جوانتانامو).
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة عن (البيان الساحر في الدجل الإعلاني) وسحر الإعلان – في هذا الزمان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي