زينل يكشف معاناة المنشآت الصغيرة والمتوسطة

[email protected]

كشف الأستاذ عبد الله بن أحمد زينل وزير التجارة والصناعة، خلال كلمة افتتاحية بمنتدى المنشآت الصغيرة والمتوسطة، الذي احتضنت فعالياته الغرفة التجارية الصناعية بالرياض بتاريخ 30 آذار (مارس) تحت شعار (الدور التنموي المستهدف للمنشآت الصغيرة والمتوسطة)، عن عدد من المعوقات، التي تواجه نمو قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، (1) ضعف القدرات الإدارية لدى المستثمرين في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، (2) تدني القدرات المرتبطة بالتسويق والترويج للمنتجات، (3) النقص الواضح في المعلومات والبيانات، المرتبطة بفرص الاستثمار ودراسات الجدوى، (4) عدم توفر المرونة الكافية المرتبطة بأدوات ومصادر التمويل اللازمة للنهوض بمشاريع القطاع، (5) ضعف الرعاية التصديرية التي تمكن القطاع من اختراق منتجاته للأسواق العالمية، (6) تدني إمكانية التطوير التقني، (7) ضعف التشابك والاتصال بين قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة وقطاع الأعمال الكبيرة.
مكتب السجيني للاستشارات الاقتصادية والإدارية، شخص عددا من السمات الخاصة بقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بدراسة قدمت بمنتدى الرياض الاقتصادي، التي – في رأيي - يمكن النظر إليها والتعامل معها كمعوقات تعترض طريق نمو القطاع، التي من بينها: (1) ارتفاع تكلفة كثافة العمل، لكون المشاريع الصغيرة تعتمد على استخدام تقنيات بسيطة، وتعتمد على كثافة تشغيل عنصر العمل ومهاراته، وخاصة في القطاع الصناعي، (2) عدم إقبال رأس المال الأجنبي على الاستثمار في مجال المنشآت الصغيرة، وذلك بسبب عدم نضوج التنظيمات القانونية والمؤسسية لهذا النوع من المنشآت، هذا بالإضافة إلى ارتفاع درجة المخاطرة بسبب صغر حجم رأس المال، (3) انخفاض وفورات الحجم، نتيجة لانخفاض الطاقات الإنتاجية وحجم الإنتاج، (4) انخفاض القدرات الذاتية المرتبطة بالتوسع والتطوير والتحديث، وذلك بسبب الانخفاض في الطاقات الإنتاجية والقدرات التنظيمية والتمويلية بذلك النوع من المنشآت.
الوزير زينل أكد أن التغلب على هذه المعوقات التي تعترض طريق نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة، يتطلب تبني تطبيق استراتيجية وطنية واضحة تؤصل الرعاية الوطنية والالتزام الوطني اللازم تجاه قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة العربية السعودية.
في رأيي أن دعوة الوزير زينل من خلال كلمته المذكورة، بضرورة إيجاد استراتيجية وطنية للنهوض بقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، إدراكاً منه بأهمية تعزيز مساهمة القطاع بالناتج المحلي الإجمالي والتنمية الاقتصادية، التي تعيشها المملكة العربية السعودية، ولاسيما أن قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة وفق ما تشير إليه الإحصائيات، يمثل نحو 90 في المائة من عدد الشركات في المملكة، بالإضافة إلى أنه مسؤول عن توظيف نحو 82 في المائة من القوى العاملة بالقطاع الخاص.
من هذا المنطلق فإن إيجاد استراتيجية واضحة لعمل قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ستعمل على التعامل مع تلك المعوقات والتغلب عليها، وليس ذلك فحسب بل أنها ستساعد على تشخيص الأهداف الاستراتيجية لنمو القطاع وفقاً لتحديد الأولويات، التي سيتحقق عنها بنهاية المطاف تعزيز مساهمة القطاع في الاقتصاد الوطني وبالناتج المحلي القومي.
في رأيي أيضاً أن استمرار الصناديق الحكومية في تقديم القروض للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، مثال البنك السعودي للتسليف والادخار، وصندوق المئوية، سيعمل على الارتقاء بأداء القطاع واستمرار نموه وازدهاره، ولاسيما كما أسلفت أن من بين المعوقات الرئيسية، التي يعانيها القطاع مشكلة توفر مصادر التمويل، وتجدر الإشادة في هذا الخصوص ببرنامج "كفالة"، الذي يديره صندوق التنمية السعودي، والذي من بين أبرز أهدافه الرئيسية تشجيع البنوك المحلية، على توفير التمويل اللازم للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، من خلال تقديم الصندوق كفالة للبنك الذي يمنح التمويل للمنشأة الصغيرة أو المتوسطة، تصل نسبتها للتمويل المكفول إلى 50 في المائة من إجمالي التمويل المؤهل للكفالة وبحد أقصى مبلغ مليون ريال، وبالنسبة للحد الأدنى فيصل إلى 50 ألف ريال. أما بالنسبة للحد الأقصى والأدنى لقيمة التمويل، الذي يمكن للمنشأة الصغيرة والمتوسطة أن تحصلا عليه على انفراد من جهات التمويل بكفالة البرنامج، فهما مليونا ريال و100 ألف ريال على التوالي.
في رأيي كذلك من بين العوامل التي ستحفز نمو قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وبالذات في مجال التصدير إيجاد بنك بالسعودية متخصص في دعم الصادرات بذلك النوع من المنشآت، وكما هو معمول به ومطبق بالعديد من دول العالم المتقدم، مثال الولايات المتحدة الأمريكية، التي يوجد بها ما يعرف ببنك الصادرات والواردات EX-IM ، الذي يقوم بتوفير العديد من الخدمات الخاصة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، التي تعمل في مجملها على التعزيز من قدرة المنتجات على اختراق الأسواق.
أخيراً وليس آخرا، في رأيي كذلك من بين العوامل التي ستساعد على نمو القطاع، إنشاء هيئة مستقلة تعنى بشؤون المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بحيث تكون بمثابة مرجعية تشريعية وتنظيمية وقانونية، تمكن القطاع من النمو بالشكل المطلوب، من خلال تهيئة بيئة العمل المناسبة، التي تحفز على الإبداع والتطوير والتحديث، وبالذات في مجال تطوير وسائل الإنتاج، والارتقاء بأداء الكوادر البشرية، والتوسع في مجال التصدير، وتمكن من سرعة الحصول على التراخيص، وتوفير قاعدة البيانات اللازمة، وإجراء البحوث والدراسات، ووضع برامج الحماية.
أخيراً من بين العوامل المساعدة أيضاً على نمو القطاع، تبني تطبيق فكرة حاضنات الأعمال، التي تستهدف في المقام الأول توفير الخدمات الاستشارية، بما في ذلك الإرشادية في العديد من مجالات عمل الشركات، مثال التمويل وخلافه.
خلاصة القول، إن تشخيص وزير التجارة والصناعة للمعوقات التي تعترض نمو قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، - في رأيي - يجسد نصف المشكلة، التي يمكن حلها والتغلب عليها من تبني استراتيجية وطنية، تستهدف الارتقاء بأداء القطاع، من خلال تهيئة بيئة العمل المناسبة، التي تحفز على مضاعفة مساهمة ذلك النوع من المنشآت في الاقتصاد الوطني والتنمية الحضارية التي تشهدها البلاد، والله من وراء القصد.

مستشار اقتصادي وخبير مصرفي
عضو جمعية الاقتصاد السعودية

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي