" الإنماء ".. الإدارة

جاءت نشرة الإصدار المختصرة لمصرف الإنماء, بمناسبة طرح أسهمه للاكتتاب العام الذي انطلق يوم أمس الإثنين غرة ربيع الآخر، في مستوى مهني جيد من حيث المضمون والإخراج. إذ على نقيض الكثير من نشرات الاكتتابات الأخرى المشوشة أو تلك التي يصعب قراءة حروفها, كان هناك تسلسل منطقي في مواد نشرة "الإنماء" مبوبة بحروف واضحة ما يحقق الهدف الذي من أجله تعد تلك النشرات ألا وهو تقديم صورة عادلة للمكتتبين ومستشاريهم عن الشركات المعروضة ما يساعدهم على دراسة وتحليل مكامن القوة وعناصر المجازفة ومن ثم اتخاذ قرار الاستثمار على بينة محسوبة, وقد حددت مواد الفصل السابع من " نظام السوق المالية" معايير تلك البينة.

ولعل من البنود اللافتة للنظر في نشرة "الإنماء" ما جاء تحت عنوان "مجلس الإدارة المرشح", وكذلك ما جاء تحت عنوان "الإدارة العليا". إذ إن نجاح أي منشأة يعتمد إلى حد بعيد, بعد توفيق الله سبحانه وتعالى, على مهارة وقدرات الإدارة سواء كان ذلك على المستوى التنفيذي أو على مستوى رسم السياسات التي هي من مسؤولية مجلس الإدارة. ويكتسب عامل الإدارة بشقيه الإشرافي والتنفيذي أهمية خاصة عند دراسة جدوى الاستثمار في "الإنماء" بحسبانه تحت التأسيس أي أنه لا يملك سجلاً لأداء سابق يمكن الاسترشاد به في تقدير مستويات أدائه في المستقبل. ومن ثم ليس من المستغرب أن يتمعن المستثمر في تركيبة مجلس الإدارة المرشح وفريق الإدارة العليا للمصرف.
فقد جاء في نشرة الإصدار المختصرة أن المصرف سيدار بمجلس "مؤلف من أحد عشر عضواً تقوم الجمعية العامة العادية بتعيينهم لمدة ثلاث سنوات, ويجوز دائماً إعادة تعيينهم. واستثناء مما تقدم, ستعين الجمعية التأسيسية للمصرف أول مجلس إدارة للمصرف لمدة خمس سنوات". ثم تلا ذلك جدول بأسماء سبعة أعضاء مرشحين لمجلس الإدارة, ثلاثة منهم يمثلون المؤسسين وهم صندوق الاستثمارات العامـة, المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية, والمؤسسة العامة للتقاعد, وأربعة تم اختيارهم من القطاع الخاص, بينما تُركت أربعة مقاعد شاغرة سيتم شغلها من قبل المساهمين في الجمعية التأسيسية.

إن اختيار أربعة أعضاء مستقلين من رجال الأعمال في مجلس إدارة المصرف خطوة تستحق التنويه ولاسيما أن الأسماء التي اختيرت جاءت من خارج القائمة المألوفة التي سئم منها الجمهور والمتعاملون في السوق, كما أنها خلت حسبما يبدو من أية روابط مع التكتلات المسيطرة على معظم المصارف السعودية الأخرى. وعلى الرغم من أن نشرة الإصدار في الموقع الإلكتروني للمصرف تضمنت خبرات ومؤهلات الأعضاء المستقلين وغيرهم, كنا نتطلع إلى عرض مختصر لتلك البيانات في نشرة الإصدار التي أعلنت في الصحف. لكن في كل الأحوال مهما كانت تلك الخبرات لا بد أن نشيد بشجاعة الأعضاء المستقلين في قبول عضوية مجلس الإدارة. ذلك أن تلك العضوية ستضع قيوداً قانونية وأخلاقية على تعاملات شركاتهم ومؤسساتهم مع مصرف كبير كالإنماء ما قد يحرمهم الكثير من الفرص. وكذلك الحال بالنسبة للإدارة العليا التي وردت أسماؤها في نشرة الإصدار, إذ كنا نتطلع إلى أن تقرن تلك الأسماء بنبذة مختصرة عن مؤهلاتهم وخبراتهم الواردة في الموقع الإلكتروني للمصرف, وكذلك الإفصاح عن الرواتب والبدلات التي سيحصل عليها أولئك المسؤولون, وغير ذلك من المعلومات التي نجدها متاحـة للعموم في الأسواق الناضجة.

إن مصرف "الإنماء" أمامه فرصة تاريخية لقيادة قطاع المصارف في المملكة بالارتقاء بمستوى الإفصاح وأخلاقيات العمل, وأحسب أن مؤسسي المصرف وعلى رأسهم وزارة المالية لن يضيعوا مثل تلك الفرصة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي