نريد إحصاءات دقيقة
لو بحثنا عن الأرقام أو الإحصاءات الدقيقة أو القريبة من الواقع عن عدد الوحدات السكنية التي تحتاج إليها المملكة وتقسيماتها بين المدن والمناطق حاليا ومستقبلا لوجدنا أرقاما مختلفة ومتناقضة، ولو سألنا الاقتصاديين أو رجال الأعمال أو الخبراء أو المستثمرين العقاريين ورؤساء الشركات العقارية والإسكانية أو حتى بعض الدوائر الحكومية أو شبه الحكومية لوجدنا أرقاما متباينة.
الأرقام التي ترد من خلال التصريحات الصحفية التي تطالعنا بها الصحف اليومية تؤكد ذلك، معظم الأرقام تتحدث عن الحاجة من 150 ألفا إلى 200 ألف وحدة سكنية كل سنة خلال السنوات العشر المقبلة. وإذا كان 60 إلى 80 في المائة لا يملكون مساكن في المملكة.
فهل هذا الرقم صحيح ومتوافق مع الحاجة الفعلية؟ وما تقسيم الشرائح التي تحتاج إلى وحدات سكنية؟ وهل هي ضمن فئة الإسكان الشعبي أم محدودة الدخل أم متوسطة الدخل؟ وما تقسيمها بين مدن ومناطق المملكة ونسبها؟ وهل الأرقام الواردة بناء على الدراسات في المدن الرئيسة دون المدن والمحافظات الأخرى؟
دائما ما يظهر التركيز على الاستثمار في المشاريع العقارية الكبرى ومن خلال ما نرى يكون في المدن الرئيسة لمحاكاة فئة متوسطي الدخل فقط وقلة من محدودي الدخل مع إهمال واضح لبقية المدن والشرائية.
الأرقام الدقيقة مهمة ويتم الاعتماد عليها في بناء الدراسات والتوقعات الحالية والمستقبلية لحجم الطلب على المشاريع المختلفة والاستثمار فيها، وأهمها الإسكانية وفي جميع مدن ومحافظات المملكة وليس جدة والرياض والدمام فقط، عدم الاهتمام بالبحوث والتطوير وعمل الدراسات والمسوحات الميدانية والشاملة والمستمرة سبب رئيس في المشكلة، وتعدد جهات الاختصاص وتوزع المسؤوليات والصلاحيات بينها جعل المرجعية في مثل هذه المواضيع أمرا عائما.
والاعتماد على أرقام الفراغات في كتابات العدل والاجتهاد في نشر الأرقام المتباينة الصادرة من قبل وزارة التخطيط والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض والغرف التجارية والبنوك والشركات العقارية وغيرهم يجعل الاعتماد على هذه الأرقام أمرا صعبا.
كيف نخطط لبناء المشاريع العملاقة في المدن والمناطق دون أرقام دقيقة أو قريبة من الواقع وصادرة عن جهة معتمدة وموثقة، أتمنى ألا تترك الأمور للاجتهادات فنحن مقبلون على طفرة عقارية كبرى واستثمار محموم من قبل كيانات محلية وأجنبية في المشاريع الإسكانية في السعودية ووجود هذه المعلومات وحضورها الدائم والدقيق أمر ملح.
الأمل بعد الله، سبحانه وتعالى، في هيئة الإسكان الجديدة بأن تهتم بهذا الموضوع وتولي أولوية للبحوث والدراسات الإسكانية وتقسيماتها على مستوى المملكة بالتعاون مع الجهات المذكورة لتكون مرجعية يعتمد عليها في توفير الأرقام الدقيقة لطالبيها.