المملكة بلا تدخين
أكدت دراسة علمية سابقة أجراها برنامج مكافحة التدخين بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، أن السعودية تصنف ضمن الدول الأكثر استيرادا للسجائر، حيث وصل حجم المبيعات في العام الواحد 15 مليار سيجارة بقيمة تتجاوز 600 مليون ريال في العام.
وقد شملت الدراسة 752 طالبا في المرحلتين المتوسطة والثانوية، وأشارت إلى أن 30 في المائة منهم مدخنون و90 في المائة منهم بدأ في التدخين في مرحلة مبكرة و55 في المائة من طلاب الثانوية العامة لا يعتقدون أنهم سيدمنون التدخين.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة على جميع المستويات لمكافحة هذا الداء إلا أن التركيز على النشء هو الأساس (فالوقاية خير من العلاج) والعمل على حماية الجيل من هذا الداء في وقت مبكر يعد أمراً أقل جهدا ووقتا ومالا وأكبر نتيجة.
إن الطالب عندما يدخن سيجارة لأول مرة يضع نصب عينيه عشرات الأعذار لهذا الأمر، بل قد لا يدرك أنه مقدم على أمر غير مقبول من قبل المجتمع فهو يقدم على أمر جديد يعتقد أنه سيجلب له السعادة أو يبعد عنه شقاء أو يفرج عنه هما، إلا أن من أكثر الأسباب التي يقدمها الطلاب عند سؤالهم عن سبب التدخين هي تقليدهم للآخرين ممن هم حولهم من أفراد المجتمع.
والمدخن لا يضر نفسه فقط ولا يهلك صحته بل يتعدى ذلك ليصبح قدوة في نظر الآخرين سيقومون بتقليده فالطفل سيحرص على تقليد أبيه أو أخيه أو معلمه أو من حوله ممن يراه، والمؤسف أن هناك دراسة أخرى قامت بإجرائها نفس الجهة أشارت إلى أن نسبة المدخنات في مدينة الرياض من الطبيبات السعوديات وصلت إلى 16 في المائة والجامعيات 10 في المائة، في حين بلغت نسبة المترددات على مراكز الرعاية الصحية الأولية واللاتي يشتكين من أعراض صحية سببها التدخين 10 في المائة، وهؤلاء يمثلن نصف المجتمع فهي الأم أو الأخت أو الزوجة وهي التي تكون مسؤولة عن تربية الأجيال.
إن جهود مكافحة التدخين تحتاج إلى وقفة متكاتفة من أفراد المجتمع كافة، وقد أعلن معالي وزير الصحة في أحد المؤتمرات الصحافية أن هناك اتجاها لجعل مكة المكرمة والمدينة المنورة مدينتين خاليتين من التدخين، كما قامت الخطوط السعودية بمنع التدخين على جميع رحلاتها، إضافة إلى قرار مجلس الوزراء بمنع الموظفين من التدخين في المؤسسات العامة وغيرها من الكثير من الجهود، إلا أنها تحتاج إلى متابعة وتأكد من أنها تطبق بشكل دقيق وذلك في كل مرافق المجتمع. لقد وضعت العديد من القوانين في كثير من الدول لمكافحة هذا الداء وأصبح المدخنون مطاردين في كل مكان بل إن بعضهم ينزل من الطابق الخمسين أو الستين ليدخن سيجارة، بل إن بعض المطاعم عبرت عن احتقارها لهذه الفئة فوضعت طاولات خاصة بهم بالقرب من دورات المياه.
إن كثيرا من الدول تحرص اليوم على أن تحارب التدخين وعلى أن تعمل جاهدة على تقليل نسبة المدخنين الموجودين فيها، وتحرص على أن يعمل كل أفراد المجتمع لتحقيق هذا الهدف، حتى أن هناك عواصم دول كبرى تعمل في هذا الاتجاه.
إن المدخنين هم فئة من المجتمع يأمل كثير منهم في الإقلاع عن التدخين، ومثل هذه المتابعة ومثل هذا التدقيق والتأكد من تطبيق الأنظمة والتعليمات سيساهم في تخفيض هذه النسبة، وكم أتمنى أن نبدأ بمدارسنا فنعلن عن مدارس بلا دخان.