متى يتم إبرام اتفاقية للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي؟

[email protected]

يخشى أن الأمور لا تسير في الاتجاه الصحيح فيما يخص مشروع إبرام اتفاقية للتجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي. ومرد حديثنا توقع نائب رئيس الوزراء ووزير الطاقة والصناعة القطري (عبد الله العطية) بتأخير التوقيع على الاتفاقية لعدة أشهر أخرى. وكانت التوقعات الأولية قد أشارت إلى احتمال توقيع الاتفاقية التي طال انتظارها لنحو 20 سنة في الأشهر الأولى من عام 2008.
وكان لافتا ما قاله المسؤول القطري إن الاتحاد الأوروبي لا ينتهي من وضع شروط جديدة قبل إبرام الصفقة. وأشار الوزير بشكل خاص إلى شكوى الجانب الأوروبي في الوقت الحالي من ضعف التنسيق بين الدول الست الأعضاء في المنظومة الخليجية.

شرط غير واقعي
بدورنا نعتقد أن الموقف الأوروبي الأخير غريب الأطوار وذلك على خلفية تعزيز التنسيق الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي بدليل تدشين مشروع السوق الخليجية المشتركة في بداية عام 2008. بموجب المشروع بمقدور مواطني دول المجلس مزاولة جميع الأنشطة الاستثمارية والخدمية وتداول وشراء الأسهم، وتملك العقارات والاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية في الدول الأعضاء. كما يسمح المشروع بحرية تنقل رؤوس الأموال وحقوق التأمين والتقاعد فضلا عن العمل والتوظيف في القطاعات الحكومية والأهلية في جميع دول المجلس.

من شأن تطبيق السوق المشتركة تعزيز مبدأ المواطنة الخليجية في مسائل العمل والإقامة والتجارة. يشير بعض المصادر غير الرسمية إلى أن التجارية البينية الخليجية تمثل نحو 20 في المائة من قيمة التجارة العالمية لدول مجلس التعاون. بمعنى آخر, فقد وصل التنسيق بين دول مجلس التعاون ذروته في الآونة الأخيرة.
بيد أن ما نخشاه هو أن لاتحاد الأوروبي يتحدث عن مشروع الاتحاد النقدي المزمع إطلاقه في عام 2010. المعروف أن عُمان قررت عدم الانضمام إلى المشروع الطموح لأسباب خاصة مثل رغبتها في المحافظة على تميزها الاقتصادي في المنطقة (مثل الاستمرار في ربط الريال العماني بالدولار الأمريكي). بل إن موقف عُمان ليس بغريب على الاتحاد الأوروبي (قررت بريطانيا عدم الانضمام لمشروع منطقة اليورو).

مفاوضات مطولة
بالعودة للوراء, انطلقت المحادثات بين الطرفين بشأن إنشاء المنطقة الحرة في عام 1988 لكنها فشلت في إحراز تقدم يذكر بسبب إصرار الجانب الأوروبي على الإتيان بأمور جديدة قبل الموافقة على التوقيع على إنشاء منطقة للتجارة الحرة. فقد أدخل الأوروبيون في بعض الفترات متغيرات جديدة مثل عدم إساءة استخدام البيئة وضرورة منح الأقليات الموجودة في دول الخليج حقوقهم وبالتأكيد كانت هناك المسائل الاعتيادية مثل حقوق الإنسان والإصلاح السياسي.
وكان لافتا ما قاله الوزير القطري من أن شركات لاتحاد الأوروبي تفوز بعقود مربحة في دول مجلس التعاون. بالمقابل, تواجه الشركات الخليجية صعوبات في تصدير بعض السلع للاتحاد الأوروبي. والإشارة هنا إلى التعرفة المفروض على بعض السلع الاستراتيجية من دول مجلس التعاون مثل الألمنيوم والبتروكيماويات.
حتى الأمس القريب كنا نعتقد أن الاتحاد الأوروبي تواق إلى أقصى حد ممكن في إنهاء المفاوضات وبالتالي الاستفادة القصوى من الأوضاع الاقتصادية المتميزة في دول مجلس التعاون. ومرد تحسن الأمور الاقتصادية ارتفاع أسعار النفط وبقاءها مرتفعة منذ عد سنوات. لكن ربما تبين للمفوضية الأوروبية أن بمقدور الشركات الأوروبية الاستفادة من الطفرة النفطية المستمرة في دول مجلس التعاون دون وجود الحاجة إلى اتفاقية تجارة حرة وبالتالي قطع الطريق أمام مؤسسات دول مجلس التعاون العمل دون قيود داخل الاتحاد الأوروبي.
كما تعي المفوضة التجارية الأوروبية أن دول مجلس التعاون سوف لن تطبق سياسات اقتصادية بهدف حماية بعض الصناعات نظرا لأن الحرية الاقتصادية صفة أصيلة في الدول الست. فلا حديث في الأمانة العامة حول إجراءات حمائية لحماية قطاع بعينه من المنافسة الأجنبية.

أكبر شريك تجاري
يبقى أن الاتحاد الأوروبي على دراية بأن الجانب الخليجي هو من يرغب في إنهاء المفاوضات ولأسباب وجيهة. فمن شأن إنشاء منطقة للتجارة الحرة فتح المجال أمام الصادرات الخليجية على أكبر سوق في العالم (يمثل حجم الناتج المحلي لدول الاتحاد الأوروبي مجتمعة أكبر اقتصاد في العالم أي أكبر من أمريكا أو اليابان). يمثل الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأول لدول مجلس التعاون الخليجي بينما تمثل المجموعة الخليجية خامس أكبر سوق للصادرات الأوروبية.
يضم الاتحاد 27 دولة وذلك بعد انضمام كل من بلغاريا ورومانيا ينضمان رسميا في بداية عام 2007. وعلى هذا الأساس يضم الاتحاد الأوروبي كل من الدول التالية: النمسا, بلجيكا, بلغاريا, قبرص, التشيك, الدنمارك, أستونيا, فنلندا, فرنسا, ألمانيا, اليونان, المجر, إيرلندا, إيطاليا, لاتفيا, ليتوانيا, لوكسمبورج, مالطا, هولندا, بولندا, البرتغال, رومانيا, سلوفاكيا, سلوفينيا, إسبانيا, السويد, المملكة المتحدة.
من شأن إنشاء منطقة للتجارة الحرة تعزيز القوة التفاوضية لدول مجلس التعاون بخصوص إبرام اتفاقيات للتجارة الحرة مع كل من الصين والهند. وعليه المطلوب من الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي العمل بلا كلل أو ملل من أجل التوقيع على اتفاقية للتجارة الحرة مع الجانب الأوروبي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي