ادعوا لهم بالهداية
قرأت مقالا جميلا للأستاذ عبد الرحمن بن محمد السدحان أمين عام مجلس الوزراء في زاويته في جريدة "الجزيرة" حول ما يقوم به بعض خطباء الجمعة أو بعض أئمة المساجد في دعاء القنوت من الدعاء على معتنقي الديانات أو المذاهب وذلك بشتى أنواع الدعاء وأشكاله بالفناء وأن يجمد الله الدم في عروقهم وييتم أولادهم ويحصيهم عددا ويفنيهم بددا. وذكر الأستاذ السدحان أن هذا أمر غير مستحب وأنا معه في هذا التوجه وأن علينا كمسلمين أن نكون على قدر من الرقي في التعامل مع الآخر أيا كان هذا الآخر ومهما كانت ديانته، أو معتنقي المذاهب وغيرهم، وأن نون قدوة للآخرين نحببهم في ديننا ومذهبنا لا أن نناصبهم العداء. وكتابنا الكريم حثنا على أن نبرهم ونقسط إليهم في قوله تعالى: في سورة الممتحنة آية "8" لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين.
فلماذا نسمع بعض خطاء الجمعة وأئمة بعض المساجد يدعون بشكل عام على جميع أهل الديانات والمذاهب التي تخالف دين الإسلام ومذهب أهل السنة والجماعة رغم أن هذا التعميم يشمل أناسا لم يقاتلونا ولم يخرجونا من ديارنا بل تجد أن هؤلاء الناس يعارضون من يحارب الإسلام والمسلمين؟! فلماذا لا ندعو لهؤلاء الناس بالهداية واتباع الحق بدلا من تأليبهم ضدنا وضد ديننا ونحن الحلقة الأضعف في هذا العالم للأسف.
إن هؤلاء الذين يدعو عليهم بعض الخطاء والأئمة هم الذين صنعوا ما نحن فيه من تقدم فهم الذين اكتشفوا النفط وهم الذين يصنعون وينتجون لنا كل شيء من الإبرة حتى السفن العملاقة والطائرات مرورا بما نلبس وما نأكل وكل شيء في حياتنا فهم يفكرون ويصنعون وينتجون ونحن نستهلك! ألم يفكر هذا الخطيب أو إمام المسجد في أن الميكرفون الذي يدعو فيه عليهم هو من صنعهم وأن السيارة التي سيركبها بعد انتهاء الصلاة أيضا هم الذين صنعوها وأن الجو البارد الذي يرطب المسجد بسبب مكيفات الفريون أو "الإسبلت" التي صنعوها وأصبحت بديلا "للمهفة" أو المروحة اليدوية المصنوعة من سعف النخيل. تنتشر في المملكة مكاتب توعية ودعوة الجاليات التي يسلم من خلالها سنويا العديد من المسيحيين والبوذيين وغيرهم فهناك تناقص غريب إمام يدعو عليهم بالفناء ومكاتب تنفق الكثير من الجهد والمال لدعوتهم الإسلام وهذا هو عين الصواب، وخير مثال على أن الإسلام دين محبة يدعو إلى التآخي بين كل الشعوب. أنا شخصيا أرى أن يكون الدعاء مقصورا ومحددا على من يحارب الإسلام والمسلمين ومن يريد بالإسلام والمسلمين سوءا. الإسلام دين للبشرية كلها فعلينا أن نحبب الجميع فيه بأن نحبب الشعوب كافة فينا وأن نفرق بين من يحاربنا وبين من يقدم إلينا الصناعات والمخترعات والملبوسات والأطعمة وهم الغالبية لذلك علينا أن نكون دعاة سلام ومحبة لا دعاة فناء وهلاك. سنتمكن - بإذن الله - من استمالتهم إلينا ونتجنب شر من فيه شر منهم فمن اهتد منهم فهذا هو المطلوب ومن لم يهتد فكما قال الله تعالى "لكم دينكم ولي دين". ما ذكرته خواطر رأيت تسجيلها تداعت منذ زمن بعد قراءة مقال الأستاذ السدحان. والله من وراء القصد.